الملك عبد الله حل معضلة المستويات الوظيفية لـ 200 ألف معلم ومعلمة خلال 9 أشهر
على عادة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، في احتضان أبناء شعبه، وتوفير متطلبات العيش الكريم لهم، استقبل "يرحمه الله"، أبناءه المعلمين، في أواخر شهر ذي القعدة لعام 1428هـ، في مدينة الرياض، استقبالا عطوفا، واستمع إليهم دون تكلف، وبكل أريحية، ليعلم عن الحيثيات الدقيقة، لقضيتهم التي دامت أكثر من 12 عاما، ويوجه الجهات العليا بمعالجة قضيتهم، بالصورة الأمثل.
بعد إنصاته لهم، قال بالوعد الصادق، والجازم "أبشروا"، ليصدر قراره التاريخي، الإنساني، قبل الورقي، حيال قضيتهم، التي تابعتها "الاقتصادية" عن قرب في ذلك الوقت، وبالفعل لم يمض من الوقت تسعة أشهر، حتى أعلن عن تشكيل لجنة وزارية من ستة وزراء، لحل قضية المستويات الوظيفية لأكثر من 200 ألف معلم ومعلمة في السعودية، كانت معاناتهم منها قد امتدت لأكثر من 12 عاما، حيث وجّه "يرحمه الله"، في رمضان عام 1429هـ، بتشكيل لجنة وزارية، تضم وزراء: الخدمة المدنية، والتربية والتعليم، والمالية، والاقتصاد والتخطيط، إضافة إلى الدكتور مطلب النفيسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، ورئيس ديوان المراقبة العامة، لدراسة قضية وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها، من جوانبها كافة، واقتراح أفضل السبل لمعالجتها.
السابع من رمضان عام 1429هـ، كان يوما مُختلفا في ذاكرة كل معلم ومعلمة في السعودية، حيث وجدوا من يلملم جراحهم، ويستمع إليهم بكل ثقة، فملف معاناتهم الوظيفية التي كانت في طي النسيان، وجدت من يُعالجها، وليس هذه المرة أي أحد، إنه المغفور له بإذن الله، عبدالله بن عبد العزيز، الإنسان قبل أن يكون ملكا، ولاهتمامه الكبير بأبنائه، وبكل شرائح المجتمع السعودي، وجه بمعالجة القضية في أسرع وقت، حيث لم يمض أشهر قليلة جدا حتى صدر القرار الذي طالما انتظره المعلمون والمعلمات، فقد أصدر الملك الراحل "يرحمه الله"، موافقته على ما خلصت إليه اللجنة الوزارية المشكلة لهذا الغرض، وبالتالي اعتمدت وزارة الخدمة المدنية استحداث 204 آلاف و56 وظيفة تعليمية جديدة لتسوية أوضاع المعلمين والمعلمات، الذين تم تعيينهم على مستويات متدنية لا تتفق مع نص لائحة الوظائف التعليمية منذ أكثر من 12 عاما، وجاء قرار استحداث هذه الوظائف بعد موافقته "يرحمه الله"، على ما انتهت إليه اللجنة الوزارية التي تم تشكيلها بالمرسوم الملكي الكريم رقم /6708م وتاريخ 1/9/ 1429، برئاسة وزير الخدمة المدنية "آنذاك"، وعضوية كل من الدكتور مطلب بن عبدالله النفيسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، وخالد القضيبي وزير الاقتصاد والتخطيط، والدكتور عبد الله العبيد وزير التربية والتعليم، في ذلك الوقت، ورئيس ديوان المراقبة العامة، لدراسة وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات المستحقة لهم نظاما من كل جوانبه، واقتراح أفضل السبل لمعالجته، ولحرصه الكبير على القضية لم يكتف الملك الراحل "يرحمه الله"، بقرار اللجنة في ذلك الوقت، بل أصدر قرارا تاليا آخر بإعادة دراسة عاجلة لآلية تحسين المستويات الوظيفية للمعلمين والمعلمات، وتسكينهم حسب خدمتهم في ميدان التعليم، والرد على ذلك خلال أسبوع.
وباشرت وزارة التربية والتعليم في ذلك الوقت، تنفيذ توجيه الملك عبد الله "يرحمه الله"، بإحداث 204 آلاف و56 وظيفة تعليمية لتسوية أوضاع المعلمين والمعلمات، وفقا للمستويات المناسبة لمؤهلاتهم العلمية، وتم رفع مستوى المعلمين والمعلمات الحاصلين على شهادات تربوية للمستوى الخامس، بينما تم رفع غير التربويين للمستوى الرابع، حيث وفرت الوزارة ما يزيد على 204 آلاف وظيفة تعليمية من شأنها تحسين مستويات المعلمين والمعلمات الذين تم تعيينهم خلال 12 عاما مضت على مستويات تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، ويأتي إحداث هذه الوظائف بهذا العدد الكبير تجسيدا لحرصه "يرحمه الله"، على كل ما يعزز برامج الدولة وتطلعاتها لرفع كفاءة العاملين في مختلف الأجهزة الحكومية، الذين حملتهم الدولة أمانة حسن خدمة الوطن والمواطنين والمواطنات.
ولم يتوقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز "يرحمه الله"، عند حد معالجة قضية المستويات الوظيفية للعاملين في حقل التعليم، بل امتد دعمه وعطاؤه ليشمل الميدان التربوي، وكل محاوره، فتم تخصيص الميزانيات الضخمة والمتزايدة لقطاع التعليم، ورصدت المليارات لتطويره، فحظي باهتمامه "يرحمه الله"، وتوجيهه، فتضاعفت أعداد المدارس، والجامعات، إلى ما يفوق السبعة أضعاف، وبالتالي زاد عدد الدارسين، والدارسات، وحققت السعودية في عهده إنجازات عظيمة في الجوانب التعليمية كافة، في ظل دعمه الكبير واللامحدود لهذا القطاع الحيوي المهم، ولا سيما سعيه لتأسيس بنية تحتية قوية من خلال مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام الذي أقره مجلس الوزراء في المحرم لعام 1428هـ، الذي يسعى لإحداث نقلة نوعية لبناء قادة المستقبل، فهو يعد نقلة نوعية في مسيرة التعليم في المملكة، ويتميز بنوعيته واختلافه عن كل المشروعات التعليمية الأخرى، حيث يصب في تطوير التعليم لبناء إنسان يحظى بالانسجام الاجتماعي والنفسي.