بريطانيا وأستراليا تنكسان أعلامهما حدادا على رحيل الملك عبدالله

بريطانيا وأستراليا تنكسان أعلامهما حدادا على رحيل الملك عبدالله

"سيتذكره العالم لجهده الدؤوب لتحقيق السلام والتفاهم بين الأمم والأديان" بهذه الكلمات أعربت ملكة بريطانيا عن حزنها العميق لرحيل العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما أمرت السلطات البريطانية بتنكيس الأعلام حدادا على خادم الحرمين الشريفين- رحمه الله.
وبالفعل تم تنكيس العلم البريطاني حسب التقاليد الملكية في مناسبات الحداد في بريطانيا العظمى.
ونكس العلم أيضا فوق قصر باكنجهام مقر الملكة إليزايبث وفوق قصر وايتهول مقر الملوك البريطانيين منذ عام 1530 إلى عام 1698، كما نكست الأعلام فوق مقر البرلمان البريطاني وعدد من المؤسسات الحكومية وفي مقدمتها وزارة الخارجية.
وفي بادرة ملحوظة قامت حكومة مقاطعة ويلز بتنكيس أعلامها حدادا على الملك عبدالله، وذلك على الرغم من أن القوانين البريطانية لا تلزمها بذلك.
ولـ"الاقتصادية" يعلق آرثر سيمونز المختص في شؤون المراسم والتقاليد البريطانية قائلا: "بصفة عامة تنكيس العلم البريطاني يتم للإعراب عن الحداد والحزن، ويتم تنكيس العلم عند رحيل شخصية بريطانية عظيمة مثل الملك أو الملكة وهو عرف يعود إلى القرن الـ17، هذا هو الأساس في قرار تنكيس الأعلام"، ويضيف "تنكيس الأعلام البريطانية لوفاة شخصية غير بريطانية عرف غير ذائع الانتشار، بل إن بعض المقاطعات لا تقوم بذلك أبدا مثل أسكتلندا، ولا بد أن تكون هذه الشخصية شديدة الأهمية ليس فقط لعلاقتها الخاصة مع بريطانيا، وهذا هو الأهم تأثيرها على مسيرة المجتمع الدولي والإنسانية، وهذا هو تحديدا السبب في تنكيس العلم البريطاني على المؤسسات الرسمية المهمة كقصر باكنجهام والبرلمان ومقر وزارة الخارجية حدادا على الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فتنكيس العلم قرار ملكي يتخذ عبر توصية لرئيس الوزراء وبعد استشارة عدد من أكبر الوزراء كوزير الخارجية، ولا بد من الربط بين قرار تنكيس العلم البريطاني وكلمات التأبين التي قالتها ملكة بريطانيا في جلالة الملك الراحل". وعملية تنكيس الأعلام امتدت إلى أستراليا التي قامت بتنكيس علمها حدادا على وفاة العاهل السعودي أيضا. إذ أصدرت الحكومة الأسترالية تعليمات بتنكيس الأعلام على المباني الحكومية والمعالم البارزة مثل دار الأوبرا في سيدني والبرلمان الأسترالي في كانبري.
ويعتبر بعض المحللين في بريطانيا أن تنكيس العلم من قبل المملكة المتحدة وأستراليا، يكشف عن إدراك كبير في دوائر صنع القرار لمدى الخسارة التي تعرضت لها منطقة الشرق الأوسط جراء رحيل الملك عبدالله بما له من قدرة على حسم الكثير من القضية بحكمة ومرونة في آن واحد.
وقد أعرب نايجل فراج رئيس حزب المملكة المتحدة المستقل، الذي يتوقع الكثير من المراقبين أن يحقق مفاجأة خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، عن تأييده لقرار تنكيس العلم البريطاني قائلا: "إنها علامة على احترام حليف في الحرب ضد الإرهاب".
ويعتبر البعض أن تلك التصريحات تكشف في حقيقتها عن أن قرار تنكيس العلم لم يكن قرارا دبلوماسيا فحسب، وإنما يعكس شعورا بريطانيا وغربيا عاما بخسارة قائد كان يمكنه المساعدة الفعالة في مواجهة عديد من التحديات الراهنة في المنطقة.
ولـ"الاقتصادية" يعلق الدكتور روي وود أستاذ العلاقات الدولية في جامعة يورك قائلا: "الرسالة التي يبعث بها قرار تنكيس العلم تتجاوز الجوانب الدبلوماسية التي يمكن التعبير عنها في برقيات التعزية الرسمية، أو حتى عبر مشاركة ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون في مراسم عزاء جلالة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز. تنكيس العلم يعرب عن حالة حداد عام وشعبي، ويكشف عن علاقة مميزة بين الجانبين، فعلى سبيل المثال تم تنكيس العلم في حادث الصحيفة الفرنسية شارلي ايبدو، لنظهر التضامن التام شعبيا وحكوميا مع فرنسا، وهذا ما حدث مع السعودية"، ويضيف "طبيعة العلاقات بين البلدين لا تقف عند حدود التعاون الاقتصادي، وإنما هناك رؤية مشتركة تجاه عديد من القضايا الدولية، ومن ثم بتنكيس العلم نرسل رسالة للشعب السعودي والقيادة الجديدة بأن بريطانيا العظمى تريد مواصلة التعاون معكم، وتثق برؤيتكم وفي قدرة الملك سلمان على مواجهة التحديات، والأهم استعدادها لدعمه التام في كل خطواته المقبلة ليس فقط بوصفه حليفا رئيسا بل الأهم كشريك في صنع القرار إقليميا ودوليا".

الأكثر قراءة