رؤية الملك سلمان الاقتصادية نقلت الرياض لمصاف العواصم المتقدمة
تعتبر تجربة التنمية الشاملة لمدينة الرياض، التي قادها الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال 50 عاما، مثالا نموذجيا للرؤية الاقتصادية الفريدة التي يحملها، وأدت لتحويل تلك المدينة من عاصمة صغيرة وسط الصحراء إلى واحدة من أسرع مدن العالم نموا. وتبرز الخطابات التي ألقاها الملك سلمان خلال الفعاليات والمناسبات الاقتصادية وعيا بالمرتكزات الأساسية لأي عملية تنمية، تقوم على إرساء البنية التحتية التي يحتاج إليها القطاع الخاص، وتأهيل الشباب وتوفير فرص التوظيف أمامه، تحسين مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد.
###القطاع الخاص شريك أساسي في التنمية
في خطابه خلال مؤتمر "تمويل المستقبل بالمملكة" المنعقد في أيار (مايو) 2001، قال الملك سلمان إن الحكومة تدعم القطاع الخاص بالوسائل الممكنة لتطوير قدراته وتوسيع مساهمته في الناتج المحلي للبلاد.
وقال إن تقدير دور القطاع الخاص في تحريك النمو لم يتطلب من السعودية تطبيق تجربة تدخل الدولة في الاقتصاد، الذي تأسس "منذ توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز على مبادئ الاقتصاد الحر"، مضيفا "لم تتدخل الدولة إلا في أضيق الحدود وبهدف الإسراع بعملية التنمية". وأكد أيضا خلال رعاية منتدى التنافسية الدولي الثاني المنعقد في كانون الثاني (يناير) 2008، استمرار نهج الحكومة في إطلاق محركات رئيسية للنمو، ومن ذلك دعم القطاع الخاص المحلي والأجنبي لتأسيس المدن الاقتصادية الكبرى بما تنطوي عليه من فرص استثمارية واعدة. وقال إن المملكة تقوم "بصورة تدريجية بفتح عديد من القطاعات أمام المستثمرين ومنها قطاع الاتصالات والطيران والتأمين، التي شهدت إقبالا كبيرا من أهم الشركات العالمية العاملة في كل قطاع".
وأضاف "نحن نسعى إلى التحسين التدريجي والمستمر لبيئة الاستثمار بهدف تفعيل دور القطاع الخاص في رفع القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، وتشجيع رجال الأعمال على التوجه إلى المناطق الأقل نموا وتوفير مزيد من الفرص الوظيفية الملائمة للمواطنين والمواطنات".
###دور مركزي للشباب
في الدورة الثانية لمنتدى الغد الذي عقد في أيار (مايو) 2011، قال الملك سلمان إن تأكيد أهمية الطاقات الشابة "تأتي انطلاقا من الإيمان بدور الشباب في التنمية، وأهمية دورهم في مواجهة التحديات التنموية ذات العلاقة بالشباب".
وأضاف أن الشراكة بين الشباب والتنمية التي تسعى السعودية إلى تحقيقها "تتطلب من مؤسسات المجتمع التربوية والثقافية والاجتماعية القيام بدورها في الاستماع إلى صوت الشباب، ووضع الخطط من أجل مستقبل أفضل يضمن مشاركتهم في بناء هذا الوطن والمحافظة على مكتسباته".
#2#
ودعا أيضا خلال الملتقى التقني الـ 14 المنعقد في منتصف 2007، رجال الأعمال وأرباب المنشآت "للعمل بمزيد من التفاعل وفتح المجال أمام أولئك الشباب والاستفادة منهم بتأهيلهم وتدريبهم".
كما دعا الشباب إلى عدم الاكتفاء بالمواد التعليمية المقدمة في الكليات والمعاهد التقنية "بل أن يبرزوا مواهبهم الشخصية وأن يحافظوا على عملهم.. ولا يعتمدون فقط على الشهادة بل على التدريب، ومواصلة الاطلاع في كافة المجالات التي تخص عملهم".
###بيئة استثمارية أكثر نضجا
قال الملك سلمان خلال افتتاح منتدى التنافسية الدولي الأول المنعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، إن السعودية تكثف "جهودها من أجل تحسين مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد في سياق برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي على طريق التنمية والتحديث".
كما ذكر خلال رعايته لمنتدى الرياض الاقتصادي الثاني في كانون الأول (ديسمبر) 2005، أن المملكة تعمل باستمرار لإيجاد بيئة استثمارية أكثر نضجا ومواءمة، وتركز منذ وقت مبكر على إرساء البنية التحتية التي يحتاج إليها قطاع الأعمال. وقال خلال المنتدى "نعيش في مرحلة تفرض الكثير من التحديات مما يتطلب نظرة موضوعية شاملة لتطوير آليات الاقتصاد، وهو تطوير يجب أن يكون مبنيا على الدراسة والأسس العلمية الصحيحة".
وفي مؤتمر "تمويل المستقبل بالمملكة" المنعقد في أيار (مايو) 2001، ذكر خادم الحرمين الشريفين أن التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي تفرض عليه استمرار مسيرة التنمية الاقتصادية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتوفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من الشباب، وتعزيز قدرة الاقتصاد التنافسية محليا وخارجيا.
#3#
وقال "لا تخفى عليكم التحولات التي تمر بها الاقتصادات اليوم بعد أن تغيرت المفاهيم وتحولت الأدوار وتغير الموقف من المبادرة الخاصة بين مشكك بدورها وموقف من يرى أنها الأساس في تحقيق معدلات نمو اقتصادية تتناسب مع معدلات النمو السكاني المتسارعة".
وذكر في مؤتمر جمع أرباب الصناعة الخليجية في الرياض خلال تشرين الأول (أكتوبر) 2001، أن حكومات دول مجلس التعاون تحملت "العبء الأساسي في تحقيق التنمية الصناعية الشاملة من خلال توفير كافة مقومات النجاح لقطاع الصناعة، وإنشاء المشروعات الصناعية الأساسية والبتروكيماوية، وتقديم كافة أنواع الحوافز والتسهيلات لتشجيع القطاع الخاص للدخول في مجال الاستثمار الصناعي".
وأضاف أن الانفتاح نحو الاستثمار الأجنبي المباشر وآثاره المتوقعة على القطاع الصناعي يتوافق مع الاتجاه العالمي نحو استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وإدراك دوره في التنمية الاقتصادية.
###مصادر مستدامة للطاقة
تؤكد رؤية الملك سلمان أن الوصول لمصاد طاقة مستدامة وموثوقة، وبتكاليف معقولة، خاصة للدول الفقيرة، يعد شرطا أساسيا لخفض الفقر وتحقيق التنمية.
وقال خلال قمة العشرين المنعقدة في مدينة برزبن الأسترالية منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي "لا يخفى عليكم الدور المهم للوقود الأحفوري في مزيج الطاقة العالمي، ومساهمته في توازنه، وفي ضمان أمن إمدادات الطاقة، وتمكين الدول النامية من الحصول على الطاقة بتكاليف محفزة للتنمية".
وفيما يتعلق بإعانات الطاقة التي تؤثر في الأوضاع المالية العامة، ذكر أن "جهود الترشيد يجب أن تشملها كافة، مع مراعاة الظروف الداخلية لكل دولة، وضرورة العمل على رفع كفاءة استخدام الطاقة".
#4#
وقال الملك سلمان إن السعودية بدأت تنفيذ برنامج وطني شامل لترشيد ورفع كفاءة استخدام الطاقة، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات التنمية المحلية.
أما فيما يخص أسواق الطاقة العالمية فأكد أن المملكة "مستمرة في سياستها المتوازنة ودورها الإيجابي والمؤثر لتعزيز استقرار هذه الأسواق من خلال دورها الفاعل في السوق البترولية العالمية، والأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة".
###الاستقرار المالي العالمي
في القمة ذاتها، قال خادم الحرمين الشريفين إن ضعف وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي وازدياد حدة المخاطر، يتطلبان مواصلة تنفيذ السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو، وإيجاد فرص العمل، واستكمال تنفيذ إصلاح التشريعات المالية، للحد من المخاطر التي قد تؤثر في الاستقرار المالي العالمي.
وأضاف "لا يخفى على الجميع الارتباط الوثيق بين النمو الاقتصادي والسلم العالمي، إذ لا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر، الأمر الذي يتطلب منا جميعا التعاون والعمل لمعالجة القضايا التي تمثل مصدر تهديد لهذا السلم".
ورحب خلال الكلمة بتوافق الآراء لترسيخ الثقة بالاقتصاد العالمي، وتحفيز نموه واستدامته، وتعزيز جهود إيجاد فرص العمل على النحو الوارد في خطط العمل المقرة في استراتيجيات النمو الشاملة لدول المجموعة. ولا تخفي خطابات الملك سلمان وعيه الراسخ بمكانة السعودية على صعيد الاقتصاد العالمي، حيث أكد خلال كلمته في القمة، حرص المملكة على تعزيز دورها الفاعل في مجموعة العشرين، وهو المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي بين أكبر 20 اقتصادا عالميا، واهتمامها بما يطرح في إطارها من قضايا، حرصا منها على نمو الاقتصاد العالمي واستقراره. وقال إن المشاركة الفاعلة في القمة ذات أهمية كبيرة للمملكة، وهي وإن كانت تمثل نفسها إلا أنها تحرص على مصالح الدول العربية والنامية، مشيرا إلى أن مشاركات السعودية تعكس ما تتميز به من خصائص فريدة.