أراجيف سويدية.. وفصام الوعي
لا ندعي أننا دولة ضاربة في الديمقراطية، ولا نزعم الكمال في كل شيء، لكننا راضون كل الرضا بما قسمه الله لنا في أطهر بقاع الأرض، نحن كغيرنا نعمل.. نصيب ونخطئ، ومما لا يختلف عليه أحد، أن بلادي "المملكة العربية السعودية" أنجزت الكثير وحققت قفزات نوعية، ودخلت في مشاريع عملاقة غير مسبوقة وتقدمت في المجالات كافة بشهادات من غير أهلها، وهناك التفاف شعبي حول القيادة وهناك ولاء للوطن، نتفق في الكثير ونختلف في القليل، لكن الثابت ــ وهو ما نجمع عليه كلنا ــ أن الشريعة الإسلامية السمحة هي التي تحكم أمور حياتنا، حكم البلاد يقوم على هذه الشريعة ويستمد أنظمته منها.
حينما تتمكن دولة عربية إسلامية هي المملكة العربية السعودية من فرض ثقلها السياسي ودورها الاقتصادي على المستوى الدولي، وتكون ضمن خريطة أكبر 20 اقتصادا عالميا، فإن هذا لا يروق للبعض ولا يناسب تلونه السياسي وتقلبات مصالحه!
ماذا تريد السويد من السعودية؟
هي بثت أراجيفها في كل ما له علاقة بثوابت الإسلام، هاجمت الشريعة الإسلامية فاستفزت مشاعر 1.5 مليار مسلم، لكن يبدو أنه فات على وزيرة الخارجية السويدية أن الرياض لا تهادن في كل ما يسيء لعقيدتها وثوابتها وسيادتها، فجاء الرد قويا حاسما ليؤكد من جديد أن الرياض لا تقبل المساس بها أو التطاول عليها، ولم تقف السعودية عند هذا الحد، بل إنها لوحت بإجراء مراجعة لجدوى الاستمرار في عديد من أوجه العلاقات التي تربط بين البلدين.
هنا تبرز قوة الدولة وثقتها بالله أولا ثم بقدراتها ومكوناتها وشعبها المسلم.
قد لا تعرف السويد ــ ولا نعذرها ــ أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يعمل على تحديث بلاده وتطويرها في كل مناحي الحياة.
قد لا تعرف السويد ــ ولا نعذرها ــ أن الملك سلمان حريص كل الحرص على جعل بلاده نموذجا في الريادة وفي مصاف الدول المتقدمة.
قد لا تعرف السويد ــ ولا نعذرها ــ أن خادم الحرمين الشريفين يعمل دون كلل لأجل دينه ووطنه وشعبه، وهو في سبيل تحقيق تطلعاته وما يصبو إليه يتخذ من تعاليم الشريعة نبراسا له ولا يمكن أن يحيد عنها مهما كانت الأسباب.
قد لا تعرف السويد ــ ولا نعذرها ــ أن السعوديين تواقون للتقدم والحضارة لكن ليس على حساب دينهم ومعتقداتهم.
يعرف السويديون أنهم تعمدوا الإساءة إلى مليار ونصف المليار مسلم، وهم يعرفون أيضا أن المواثيق الدولية توجب احترام خيارات الشعوب الإسلامية وعدم إقحام شؤون دينهم في أي مزايدات سياسية فجة.
يبدو أن المبدأ الثابت في سياسات كثير من دول الغرب هو "الكيل بمكيالين" .. يفتحون إحدى العينين على أساسيات الدين الإسلامي "ولا يحترمونها"، ويغمضون العين الأخرى عن انتهاكات وجرائم تجري في دول غربية لكنهم لا يملكون جرأة الحقيقة لينتقدوها.
أين كانت السويد مما جرى من تعذيب بربري في سجون أمريكية وعراقية؟!
أين كانت السويد من قتل جنود أمريكيين "بيض" لمواطنين من ذوي البشرة السمراء؟!
أين كانت السويد من مقتل معارضين مسالمين بدم بارد في دول عديدة؟!
أين كانت السويد من انتهاكات خطيرة ضد المرأة في معظم الدول وممارسة العنف ضدها واستغلالها في أمور غير أخلاقية؟! (صدر أخيرا تقرير مخيف بمناسبة اليوم العالمي للأم).
أين كانت السويد عندما حكم على رجل بالسجن أربع سنوات لأنه أساء إلى "بوذا"؟!
أين كانت السويد من ظاهرة اغتصاب الأطفال المتفشية في أوروبا؟!
أين كانت السويد من القتل اليومي للبشر وتهجيرهم الممنهج وتجويعهم؟!
أين كانت السويد من عشرات ملايين الأطفال والنساء وكبار السن المشردين؟!
أين كانت السويد من مآسي العالم، وأعمال وحشية تقع هنا وهناك.. فماذا قدمت وماذا فعلت؟!
هذا قليل من كثير، فهو ليس بمثابة كشف حساب إنما للتذكير، وبالمناسبة فإنه لا يخفى على أحد أن مثل هذه التدخلات المقيتة هي انتقائية بحتة أهدافها مكشوفة توجه سهامها المسمومة إلى كل ما هو إسلامي.
ولايات أمريكية تنفذ عقوبات الإعدام، وهذه الأحكام في تزايد مستمر.. فلماذا تجمدت ديمقراطية السويد ولم تتحرك لتهاجم القضاء الأمريكي؟!
نقول لوزيرة خارجية السويد:
من المؤكد أنكم تتناسون فلا بأس أن نذكركم.. لقد كانت أوروبا في صدامات دموية وفي مظالم وفواجع إنسانية منذ القرن الرابع عشر حتى منتصف القرن العشرين، شواهدها محاكم التفتيش، وحروب دينية وداخلية، وصراعات على مناطق نفوذها الاستعماري للعالم، وفوقها حربان عالميتان أزهقتا أرواح الملايين ودمرتا مدنا وقرى في أوروبا وفي العالم أيضا، ثم تتحدثون بصلف عن دول فتية شقت طريقها بنجاحات متميزة خلال عقود لا تكاد تبلغ قرنا من الزمن، وها أنتم بالغطرسة نفسها تعيدون الكَرَّة بارتكاب حماقات ودس أنوفكم فيما لا يعنيكم.
نقول لوزيرة خارجية السويد:
اهنأوا بديمقراطيتكم وعاداتكم وتقاليدكم المفتوحة على كل طيب وسيئ، وهي بكل تأكيد لا تناسبنا، بل إن أبداننا تقشعر من بعض جوانب حريتكم.
أما نحن فلنا ديننا الإسلامي وقدوتنا بسيد البشر محمد بن عبدالله -عليه أفضل الصلاة والسلام.
نقول لوزيرة خارجية السويد:
المملكة كانت سبّاقة إلى حوار الأديان وتعدد الثقافات.. فهل من آذان صاغية؟!
نقول لوزيرة خارجية السويد:
أعرق الديمقراطيات في العالم أشادت بما حققته السعودية من تقدم وإنجازات وتطور، إلا أن السويد "شذت" فأخذت الوزيرة تهذي، لا لشيء إلا لتقول إننا موجودون.
نقول لوزيرة خارجية السويد: نحترم من يحترمنا..
نقول لوزيرة خارجية السويد: "لكم دينكم ولي دين".