معرض الكتاب
مهما تطورت وسائل الثقافة، وتقدمنا لنصل لسيناريو العرض المرئي الآني، والكتاب الإلكتروني شديد التوضيحات، والتفاصيل، يبقى الكتاب بصورته القديمة واقفا، شامخا لا يتزحزح عن مكانته في قلوب مريديه، يقرأونه من ورقه ويشاركون فيه بأي طريقة كانت مثل السيناريوهات المصورة أو المكتوبات الإلكترونية. المعنى أن الكتاب باق لزمن طويل تنشره دور نشر تقليدية، ويشتريه محبوه ورقا، ويقرأونه بين جلدين، وفي كل يوم تسقط محاولات تقديم الكتاب الإلكتروني بديلا للورقي. ومن تجارب وسائل الاتصال لم تلغ الجريدة الرسائل، ولم تلغ أخبار الراديو الجريدة، ولم يلغ التلفزيون الراديو، ولم يخطف التواصل الاجتماعي صوتا وصورة الإعلام من وسائله القديمة كلها، ولن يخطف الكتاب الإلكتروني السوق من كتاب الورق.
ليس هذا التحدي الإلكتروني هو كل شيء، فلم تغب عن معرض الرياض الدولي للكتاب أي من الدور الخليجية، والعربية المعتمدة، مع عدد من دور النشر الأجنبية، ولم تغب دار نشر سعودية واحدة، وكأنها تتحدى كل وسائل النشر الأخرى بأن الكتاب باق وأنه سيد المعرفة.
كان المعرض زاخرا بكتب من كل فكر واتجاه، لم تمنع الرقابة أي كتاب لتتيح الاقتناء الشخصي الذي لا يخضع للرقابة، وهكذا دخل المعرض مدخلا متسامحا ليرضي القراء، ويكون مناسبة ثقافية منتظرة، ويكبر وتكثر دوره على أي محاولة احتسابية للرقابة على الكتاب كما حدث في أعوام ماضية.
يمكن اعتبار تظاهرة الرياض الثقافية ناجحة بكل المقاييس، وفي الأيام العشرة التي استمر فيها المعرض لفت نظري أن الحضور النسائي فاق الحضور الرجالي في صالات العرض، والشيء نفسه يقال عن الإقبال على الشراء، لكن في المناسبات والحفلات المصاحبة، كان الحضور النسائي قليلا أو غائبا، ويسجل للمعرض أنه ناجح.
المعرض من أهم المناسبات الثقافية التي رسخت نفسها في حياة السعوديين، وموسمه هو موسم مفتوح لكل محبي القراءة، يأتون من كل أنحاء المملكة للتزود بكتب جديدة لما تبقى من العام، كما أن من ينقصه كتاب لم يجده في المكتبات المحلية يقتنصه من دور النشر الحاضرة. صار المعرض موعدا للمثقفين للقاء سنوي يضاف إلى مؤتمر الأدباء، ومهرجان الجنادرية فتكون ندوات عامة وندوات جانبية لتبادل الأفكار وقراءة الواقع الثقافي خارج رسمية المناسبات.