الفيصل: على إيران أن تسهم في حل النزاع اليمني بدلا من دعم الإجرام

الفيصل: على إيران أن تسهم في حل النزاع اليمني بدلا من دعم الإجرام

قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية إن السعودية ليست في حرب مع إيران "لقد طلب من السعودية المساعدة لتأكيد الشرعية في اليمن، ووقف الحرب التي أعلنت من قبل الحوثيين الساعين للسيطرة على كامل التراب اليمني، لذا قدمنا المساعدة لليمن بمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، من أجل هذا الهدف"، مؤملاً "أن تتبنى إيران سياسة لإنهاء هذا النزاع الداخلي في اليمن، لا أن تقدم الدعم للأنشطة الإجرامية التي يقوم بها الحوثيون ضد الحكومة الشرعية، وتوقف تسليم السلاح والمساعدة للحوثيين لمواصلة حربهم".
وكان الأمير سعود الفيصل قد عقد أمس مؤتمرا صحافيا مشتركا مع لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في مقر وزارة الخارجية بالرياض.
وأوضح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن حملة التحالف الدولي للدفاع عن الشرعية في اليمن تسير ولله الحمد بشكل جيد وفق الأهداف المرسومة لها، وعلى مساريها العسكري والإنساني، وذلك من خلال استهداف الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق والقوات المتمردة على الشرعية, مبيناً استمرار الحملة في جهودها الإنسانية لحماية المدنيين وإجلاء الجاليات وتقديم المساعدات الإغاثية، والتعاون في ذلك مع المنظمات الدولية المعنية كالأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي, معبرا عن إدانته واستهجانه لاستمرار ميليشيات الحوثي بإرهاب وترويع المدنيين الأمنيين بالمدفعيات الثقيلة والدبابات داخل المدن، وهو الأمر الذي تسعى جهود عاصفة الحزم لإيقافه.
وقال: "بداية أود أن أنعي أبناء الوطن وأبطاله الذين استشهدوا على يد الغدر والخيانة دفاعا عن الوطن، وأن أرفع أصدق التعازي والمواساة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وأسر الشهداء وذويهم، والشعب السعودي الكريم، داعيًا المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته".
ورحب الأمير سعود الفيصل بوزير خارجية فرنسا، والوفد المرافق له في المملكة, مؤكدا أن زيارته تأتي في إطار تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين, مؤكدا أن التنسيق والتشاور مستمر فيما بين البلدين تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك, وبطبيعة الحال كان أهم حدث في هذه الزيارة لقاءه بخادم الحرمين الشريفين وتلقيه رسالة من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
وتابع الأمير سعود الفيصل قائلاً: "عقدنا جلسة مباحثات موسعة مع وزير الخارجية الفرنسي والوفد المرافق له، أستطيع أن أصفها بالمثمرة والبناءة، ولا بد لي أن أشيد بمستوى التطور الذي تشهده العلاقات الثنائية، ومن خلال آلياته المتمثلة في اللجنة السعودية المشتركة المعنية ببحث التعاون على المستوى الحكومي، وكذلك مجلس رجال الأعمال المعني بتفعيل التعاون على مستوى القطاع الخاص, وهو الأمر الذي أسهم في إبرام عديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات، وتطوير المشاريع المشتركة التي بلغت 186 مشروعًا برأسمال يقارب 33 مليار ريال".
وأضاف: "بحثنا أيضا مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية ومستجداتها، وكذلك الجهود القائمة لمحاربة الإرهاب في ظل شراكتنا المثمرة لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسورية، والدعم الكبير من فرنسا والعالم للتحالف العربي الدولي للدفاع عن الشرعية في اليمن, وما أبدته فرنسا من استعداد لتقديم كل ما تحتاج إليه المملكة من جميع النواحي، وترى المملكة أن التحالفين يشكلان جهدًا متوازيًا لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله وصوره والأيديولوجيا التي تقف وراءه".
واستطرد قائلا: "المحادثات تناولت مفاوضات برنامج إيران النووي والاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه، ونحن متفقون على أهمية أن يفضي الاتفاق النهائي عن الشروط الواضحة والمُلزمة - التي لا غموض فيها - وبما يضمن عدم تحول البرنامج النووي إلى برنامج عسكري، وتأمل المملكة أن يسهم هذا الاتفاق في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وضمان خلو منطقة الشرق الأوسط والخليج من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها السلاح النووي وبما ينسجم مع قرار الجامعة العربية في هذا الشأن, كما تؤكد المملكة أن بلوغ أهداف الأمن والاستقرار في المنطقة، يتطلب أيضا الالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية واحترام سيادتها".
وفيما يتعلق بالمأساة السورية، قال الأمير سعود الفيصل: "إننا نرى أن إطار الحل السلمي واضح ومتفق عليه من قبل المجتمع الدولي، والمتمثل في مبادئ إعلان جنيف1 وما اشتمل عليه من ترتيبات لنقل السلطة، وترى المملكة أن استمرار تدفق الأسلحة إلى بشار الأسد وزمرته بجميع أنواعها المدمرة لسورية وشعبها، من شأنه تعطيل الحل السلمي المنشود، وسنستمر من جانبنا بالتصدي لها والدفع بالحل السلمي بكل السبل المتاحة".
وأضاف: "ناقشنا أيضا النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي ومستجداته, وأود أن أبارك انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية عضوًا كاملاً فيها، وهذا الإجراء يشكل اعترافًا آخر من المجتمع الدولي بفلسطين الدولة والسلطة والسيادة, ونأمل أن يتم ترجمة هذا التوجه على الأرض بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة، وفق مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، ومبادرة السلام العربية، من خلال تصدي المجتمع الدولي لسياسات التعنت الإسرائيلية في إطالة أمد النزاع بكل ما يحمله من مآسي إنسانية, وأود أن أبلغكم أن وزير الخارجية الفرنسي أطلعني على أفكار فرنسا لتحريك عملية السلام، وهذا يتفق مع موقف فرنسا الدائم لضرورة إحلال السلام في فلسطين، ونشكر فرنسا على هذا الموقف".
من جهته نوه لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي بالاستقبال الودي الذي وجده لحظة وصوله للمملكة، كاشفاً عن لقاءات مع قيادات وشخصيات سعودية رفيعة المستوى تناول معهم خلالها عددا من المجالات التي من شأنها تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
وثمن استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز له، مشيداً بالحديث الذي دار خلال اللقاء، مفيداً بأنه جرى تناول الوضع الدولي والإقليمي والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وعن اجتماعه مع وزير الخارجية أوضح فابيوس أنهما استعرضا جوانب عديدة، برز منها ما يسمى بالملف النووي الإيراني، مبيناً أنهما قارنا تحليلاتهما حياله، مؤكداً حرص فرنسا على التوصل لحل حقيقي، يتمثل في اتفاقٍ واضح ومتين، وقابلٍ للتحقق فيما يتعلق بضمان ألا يكتسي البرنامج شكلاً عسكرياً في المستقبل، والتأكيد على العقوبات المستقبلية الرادعة في حال انتهاك إيران للاتفاق، وشروط رفع هذه العقوبات، آملاً الوصول إلى حل قبل نهاية شهر يونيو المقبل.
وشدد على أمنيات فرنسا بعودة الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام، ولليمن بشكلٍ خاص، وإيجاد حلول تسهم في عودة الشرعية للحكومة اليمنية ميدانياً، ووضع حد نهائي لهذا النزاع الذي يدمي هذا البلد القريب من المملكة، مجدداً تأكيد فرنسا واستعدادها للمساهمة في إيجاد الحل المنشود.
وحول الوضع في سورية قال فابيوس "فرنسا تؤمن بأن بشار الأسد ليس مستقبل سورية، ولا داعش كذلك"، مؤكداً أن الحل الوحيد يتمثل في تشكيل حكومة وحدة دون بشار، ومن ثم الاتفاق على حقوق ووجبات الجميع، مشيراً إلى التنسيق الفرنسي السعودي في هذا الشأن. وطالب وزير الخارجية الفرنسي الحكومة العراقية باحترام التزامها تجاه اتباع سياسة تشمل كل الأطياف العراقية، ليشعر الشعب العراقي بالثقة تجاهها، ما سيسهم في تجنيد الشعب للقضاء على "داعش" ميدانياً، مقللاً من الحلول الأخرى.
وعدّ فابيوس العدالة مطلباً مهماً في القضية الفلسطينية، وقال "فرنسا تعتزم القيام ببعض المبادرات، من أجل التوصل بمشاركة الأطراف ذات العلاقة، لتحديد معايير تسمح بالتوصل إلى حل"، مؤكداً أن الحل الوحيد للاستدامة وتحقيق السلام، هو حل للدولتين، مشدداً على أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، نافياً أن يكون هناك سلام دائم دون عدالة. وكشف عن توقيع اتفاقيات فرنسية سعودية من شأنها تسهيل العلاقات بين البلدين، ولاسيما الاقتصادية منها، التي تجد إرادة مشتركة بتطويرها ودفعها إلى الأمام، لافتاً النظر إلى تقديمه فكرة مشروع للطاقة النووية المدنية للمملكة يمكن من خلالها زيادة مصادر الطاقة لديها وتنويعها، واعداً بتقديم المساعدة اللازمة للمملكة متى ما ارتأت ذلك واستحسنت الفكرة التي وعد المسؤولون في المملكة بدراستها، خصوصاً أن فرنسا برعت في هذا المجال.
وقال الوزير الفرنسي في إجابة عن سؤال ذي علاقة بالوضع في سورية "نحن نعتقد أن تسوية المشكلة في سورية، يجب أن تكون سياسية، وفرنسا لم تتوقف في الدفاع عن هذا الرأي، لذلك شاركنا في جنيف 1، وجنيف 2، اللذين لم يصلا إلى النتائج المرجوة، ونعتقد دائماً أن الحل، لن يكون إلا سياسياً، من خلال اتفاقٍ بين جميع الأطياف السورية باستثناء بشار الأسد ونظامه وتنظيم داعش الإرهابي".
وعن مناشدة الرئيس الإيراني حسن روحاني للمملكة ودول التحالف بوقف "عاصفة الحزم" في اليمن قال الأمير سعود الفيصل: "كيف يمكن لإيران أن تدعونا الآن لوقف القتال!، أين كانت إيران منذ سنة عندما كان الاقتتال في اليمن".
وأضاف "أتينا لليمن لمساعدة السلطة الشرعية على استعادة شرعيتها، وهي الطرف الوحيد الذي يمكن أن يتكلم بهذه اللغة"، مؤكداً أن إيران ليست مسؤولة عن اليمن، ولم تلعب أي دور تنموي في الأراضي اليمنية، لافتاً النظر إلى أن الأصوات الإيرانية لم تسمع إلا عندما ساءت الأوضاع، وأصبحت هناك مشكلات في اليمن.
وحول موعد الاجتماع المتوقع عقده بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كامب ديفد، كشف الأمير سعود الفيصل أن موعد انعقاد الاجتماع سيكون نهاية هذا الشهر تقريباً.
وقال وزير الخارجية في إجابة عن سؤال حول موقف فرنسا من الملف النووي الإيراني، رغم مواجهتها لأزمة مالية، وما إذا كان يرى أن فرنسا تحتاج إلى معالجة خاصة من المملكة فيما يتعلق بالاستثمارات المالية: "نحن أصدقاء في جميع الأوقات، لا في وقت الرخاء فقط، ولن نتأخر في تقديم يد العون لهم، وهذه هي طبيعة علاقتنا بفرنسا".
وعن تعليق وزير الخارجية تجاه الموقف الروسي من مشروع القرار الخليجي بشأن منع تسليح الميليشيات الحوثية والقوات المتمردة في اليمن، أبان أن الموقف الروسي غير واضح في هذا الصدد، وقال: لو كنت أعرف، لاستطعنا أن ننتهي من المشروع، ولكن كلما وصلنا لاتفاق يظهر موضوع جديد، يعطل ذلك الاتفاق.

الأكثر قراءة