مطالب بإصدار نظام تشريعي يجرم نشر الفتنة الطائفية ويعاقب المحرضين على العنف
قالت لـ "الاقتصادية" أكاديميات سعوديات، إن كلمة خادم الحرمين الشريفين التي وجهها في برقية لولي العهد، والمتضمنة التشديد على معاقبة المتورطين في حادثة القديح أخيراً سواء بالفعل أو التأييد أو التعاطف، بمثابة جرس الإنذار الأخير لجميع مثيري الفتن الطائفية، ومؤججي الصراعات المذهبية بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدين أهمية إصدار نظام يجرم المحرضين على العنف والكراهية لما له من أثر في ردع المتطاولين والمساهمة في وحدة الصف والكلمة.
وأوضحت الدكتورة هيا المنيع عضو مجلس الشورى أن العمل الإرهابي في السعودية أخذ شكلا تصاعدياً على المستوى المحلي، ولم تسلم من نيرانه وشظاياه أي طائفة سواء كانت سنية أو شيعية.
واعتبرت المنيع أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تمثل مجالاً خصبا ومرتعاً للمتطرفين ومثيري الفتن، حيث تم من خلالها اقتناص الكثير من الشباب من الجنسين وتحريضهم ضد وطنهم وإخوانهم المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم الطائفي، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن جزءا من التحريض أخذ بعداً طائفياً واستهدف الجميع دون تمييز، ومؤكدة أن محاسبة المتعاطفين والمحرضين ستكشف للجميع هؤلاء المتلونين الذين يمارسون التحريض ونشر الكراهية صباحاً ويتوبون في المساء، توبة كاذبة.
وقالت" كل من يحرض أو يتعاطف مع الإرهاب هو عدونا المختبئ وهؤلاء لا يعنيهم الوطن بشيء ومن المؤكد أنهم أيضاً لا يرتبطون معنا بالنسيج الاجتماعي والديني وهذا الموقف الصارم والحاسم لن يقف عند المنفذين فهم مثل رأس جبل الجليد، ومحاسبة المتعاطفين والمحرضين من شأنها اجتثاث بعض منابع الفكر المتشدد والمتطرف".
وأوضحت الدكتورة هيا المنيع أن حادثة القديح تمثل عمق البشاعة في الممارسات الإجرامية حيث استهدفت المصلين يوم جمعة في بيت الله وهو ما يعتبر جريمة لا تقبل التبرير ولا التعاطف، مضيفة أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله التي وجهها للأمير محمد بن نايف ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أكدت أن محاسبة المنفذين والمحرضين والمتعاطفين تأتي كمنطلق أساسي لمواجهة الإرهاب والحد من تمدده، الذي بات خطراً على أمننا ووحدتنا الوطنية، لافتة إلى أن برقية خادم الحرمين الشريفين تمثل موقفا نوعيا مهما في معالجة الإرهاب من بوابة الأمن الفكري لوقف خطر التطرف والتشدد المؤدي للإرهاب ولا سيما الذي يستهدف ويستغل صغار السن من شبابنا.
وأوضحت عضو مجلس الشورى أهمية هذا الموقف الواضح والقوي من خادم الحرمين الشريفين بالنظر إلى كونه سيواجه المحرضين والمتعاطفين الذين يتلونون في مواقفهم بعد كل عمل إرهابي أو عملية استباقية لقواتنا الأمنية، مؤكدة أن هؤلاء هم الخطر الحقيقي وهم صناع بيئة الإرهاب.
من جهتها أكدت الدكتورة نورة الصويان وكيلة الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة المجمعة والمستشارة الأسرية أن برقية خادم الحرمين الشريفين كانت إيجابية جدا للتعامل مع الموقف بما يقتضيه الحال، مضيفة أن جميع المؤشرات التي حدثت كانت إيجابية إلا أننا نطمح إلى سن قانون تجريم مثيري الفتن الطائفية، كي لا يكون التعاطف والزخم لحظياً فقط يذهب في طي النسيان كما حصل في حوادث أخرى مشابهة، ولا سيما أننا وصلنا إلى مرحلة أصبحنا معها في حاجة إلى سن تلك القوانين.
وأضافت الصويان "يفترض أن يقوم مجلس الشورى بدوره في ذلك إضافة إلى هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والجهات الأخرى ذات العلاقة، عبر المطالبة بسن قانون يجرم مثيري الفتن الطائفية، مشيرة إلى أن بعض التغريدات في "تويتر" فيها تحريض واضح ويجب أن يسأل أصحابها عن ذلك، بحيث يعرف الجميع أنه محاسب على أي كلمة يطلقها".
وشددت الصويان على دور العلماء والدعاء بما لهم من قبول في الأوساط المجتمعية، مشيرة إلى ضرورة تكثيف الخطاب والمفاهيم الوسطية والبعد عن الخطاب الإقصائي، لافتة في الوقت نفسه أهمية دور الأكاديميين بحيث يمارسون أدوارهم من منطلق وطني وليس من منطلق وظيفي فقط، يرتكز على قبول الاختلاف وتعزيز مفهوم المواطنة.
وتابعت وكيلة الدراسات العليا والبحث العلمي قائلة إن ملاحظة كون أغلبية المتورطين في الأعمال الإرهابية الأخيرة من الأحداث صغار السن، يعود بنا للتأكيد على أهمية دور المجتمع والمؤسسات المجتمعية، سواء الأسرة أو المؤسسة التعليمية لتحديد مكامن الخلل التي أدت إلى تلك النتيجة، مضيفة أن من المؤكد عدم وقوع اللوم على الأسرة فحسب، بل يجب تحديد الدور المناط بكل مؤسسة للمساهمة في احتواء الشباب وتوجيههم التوجيه السليم.
من جهتها اعتبرت الكاتبة سكينة المشيخص مضامين برقية خادم الحرمين الشريفين قد حسمت أي جدل فيما يتعلق بالأطروحات التي تتماس مع الطائفية أو تحرض على الكراهية، مشيرة إلى أن واقع الحال وبقياسات تاريخية يمكن أن نرى مدى إضراره بأمم وشعوب انتهت إلى حال من الصراعات العنيفة لأنها سمحت باختراقها من خلال جدليات طائفية وعنصرية.
ووجهت المشيخص رسالة لمثيري الفتن الطائفية، مطالبة كافة من يتبعون خطابا تحريضيا أن يتوقفوا ويتفكروا في حجم الأضرار التي تترتب على إبقاء مستويات الكراهية عند حالة عدائية لا يبقى معها الوطن والمصلحة تقتضي أن يراجعوا الضرر الذي يتسببون فيه.
وحول تضمن قائمة المتورطين في الأعمال الإرهابية أخيراً أغلبية كبرى من صغار السن عزت الكاتبة أسباب ذلك بالنظر إلى تعرضهم لتشوهات فكرية ساهمت في خراب عقولهم وخياراتهم بسبب غياب الأسرة عن دورها الحقيقي في احتضانهم، وغياب ثقافة ولغة الحوار ما جعلهم يتواصلون وينقادون وراء أصحاب الخطاب التحريضي الذي غرس أسس التطرّف التي تبدأ بوضع عدو في عقولهم قد يكون طائفة أو الدولة نفسها.
وأضافت: "أجد أن الخلل يبدأ من استهداف النشء الذين يسهل اصطيادهم وقيادتهم حيث إن الحلقة التربوية معرضة لفراغ اجتماعي رشيد يمنحهم طاقة الرفض للانحراف في مسارات مضللة لا تتفق مع فطرتهم ونموهم العقلي السليم".