أكاديميون: العمليات الإرهابية وزرع الفتن الطائفية لن يزيدا المجتمع إلا لحمة وقوة

أكاديميون: العمليات الإرهابية وزرع الفتن الطائفية لن يزيدا المجتمع إلا لحمة وقوة

أكد عدد من الأكاديميين والمختصين السعوديين، أن عملية تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في القديح تهدف بالدرجة الأولى إلى تقويض الأمن واللحمة الوطنية في المجتمع، مشيرين في حديثهم لـ"الاقتصادية" إلى أن تلك العملية الإرهابية تدل على الحقد الدفين الذي لا يمت للإسلام بصلة، ويهدف إلى تفريق المجتمع وتقسيمه وإشعال نار الفتن بين مواطنيه.
وأوضح الدكتور خالد باطرفي، الأستاذ المساعد بجامعة الفيصل، أن ما حدث في القديح يعتبر جريمة ضد كل مواطن سعودي، حيث إن الهدف هو إيذاء السلم الاجتماعي، وتشويه الموقف السعودي من الإرهاب في المنطقة، لافتا إلى أن الهدف إشعال الفتنة، والانتقام من أمن واستقرار الوطن، والتأثير للحكومات في البلدان العربية والإسلامية وتقويض أمنها.
وأضاف باطرفي: "لو اتفقنا على أن "داعش" هي وراء هذه العملية الإرهابية، فالسؤال الذي يطرح نفسه، من وراء "داعش"، ومن له مصلحة في هذا التوقيت بالذات في إثارة الفتنة والضغط على المملكة العربية السعودية، وإشغالها بأمور داخلية عن قضايا وأمور اكبر، ومنها موقف المملكة من التدخل الإيراني في المنطقة العربية، واستخدام إيران للأذناب والعملاء في المنطقة لإثارة الفتن والقلاقل في الدول العربية".
وحول تجنيد الأطفال وصغار السن وبعض فئات المجتمع في مثل تلك العمليات الإرهابية، أكد أن استخدام صغار السن والنساء في عملياتهم الانتحارية والإجرامية تدل على قسوتهم في التعامل، لافتا إلى أن استخدام أعداء المملكة تلك الفئات يستدعي وقفة قوية من الحكومة الرشيدة لإفساد مخطط أعداء الوطن والاستمرار باستيعاب جميع أطياف المجتمع واحترام الاختلاف المذهبي والفكري، لتسجيل ملحمة أخرى جديدة، كما اتحد أبناء الوطن شيعة وسنة قبل عدة أشهر في تشييع جنائز الشهداء من القطيف.
وقال الدكتور شارغ بن مزيد البقمي، أستاذ الإعلام والاتصال، والمتحدث الرسمي باسم جامعة الملك عبدالعزيز، إن الإرهاب آفة لم يسلم منها العالم أجمع ويتكرر المشهد مرة أخرى في المملكة، التي واجهته بكل جسارة ودعت دول العالم كافة للتضامن والوقوف في وجه الإرهاب الذي اتخذ من الإسلام ذريعة لتنفيذ مآربه الدنيئة وأفعاله الإجرامية.

وزاد البقمي "يأتي الهجوم الإرهابي على عدد من المصلين أثناء أدائهم أفضل العبادات، صلاة الجمعة، في بلدة القديح ليؤكد أن الإرهاب عمل لا أخلاقي بعيد عن القيم الإنسانية السوية، ويدل على الحقد الدفين لدى هذا التنظيم المنحرف (داعش) الذي لا يمت للإسلام بصلة ويسعى إلى زعزعة استقرار المملكة والمنطقة برمتها وإشعال نار الفوضى والاضطراب، ويستهدف الطوائف كافة سواء السنة أو الشيعة".
واعتبر أن هذه الأعمال الإجرامية لن تزيد أبناء المملكة إلا إصرارا وإلحاحا على محاربة الفكر المنحرف عن جادة الصواب، واستئصال جذوره، ورد كيد الكائدين.
من جانبه، أعرب الدكتور إبراهيم مبارك الجوير، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام، عن استيائه الشديد من تلك الجريمة النكراء مؤكدا أن ما حدث هو استمرار لسياسة البقرة التي كتب عنها غاندي، إذ يقول غاندي: إنه كلما أحس الاستعمار بالتقارب بين المسلمين والهندوس في الهند أثناء الاستعمار البريطاني، قام بذبح بقرة ليثور الهندوس ضد المسلمين، ويخربوا بيوتهم ومساجدهم فيثور المسلمين ليثأروا لما حدث، وكذلك استمر المحتلون للأراضي الإسلامية في العراق، في 2003، على هذا المنوال لإزكاء الفتنة بين الشيعة والسنة بإقامة تفجير هنا وهناك حتى شبت الفتنة وأصبح من الصعب إطفاؤها.
وتابع: "كما استمر النفوذ الإيراني في العراق ثم لبنان وسورية واليمن لتفتيت الأمة على نفس سياسة "البقرة"، بمحاولة تفتيت الأمة وتشتيتها، على الرغم من أن الشيعة موجودون منذ مئات السنين يبين إخوانهم السنة، يتشاركون معا جميع الأمور الحياتية كمجتمع واحد، وعلى مدار التاريخ لم يحدث إفناء أو تعدي على وجود أحدهما للآخر، بل كان هناك تعايش على الرغم من وجود اختلافات.
وأشار الجوير إلى أن الشقاق بين السنة والشيعة ليس حقيقيا بل هو من نسج النفوذ الصفوي الذي سجل صولات وجولات بين الفريقين على الرغم من أنهم عاشوا مئات السنين وبينهم تعاون وتزاوج وتجارة مشتركة، وعندما أصبح هناك ولاء خارجي ومرجعية خارجية لبعض أبناء الوطن الواحد، مشيرا إلى أن ما حدث في القديح ليس منبثقا من تربية الوطن ولا من تاريخه لكنه محاولة لتفتيت وحدة الوطن وزرع الفتنة وشق وحدة الصف، وقد مارست الفئات التكفيرية ضد السنة أكثر بكثير مما مورس ضد الشيعة، وهم لا يستهدفون الشيعة بعينهم، لكنهم يستهدفون قيام الشيعة بتحركات أخرى معادية للسنة في مساجدهم، حتى تتفتت قوة البلد، بعد ما حققته المملكة من انتصارات من خلال "عاصفة الحزم" التي أعادت وعي وتلاحم وانتصارات الأمة.
ووصف الدكتور عبدالرحمن بن عبيد اليوبي، مدير جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة جدة المكلف، التفجير الإرهابي بأنه عمل جبان لا يقبله عاقل سوي، ولا تقبله الأعراف والمبادئ الإنسانية. وهو دليل على انحراف هؤلاء الخوارج عن الدين والقانون، مشددا على أن من يقفون وراء هذا العمل الإجرامي هم إرهابيون يزهقون الأرواح البريئة بغير حق، وهم بعملهم هذا كأنما يقتلون الناس جميعا.
واستطرد: "لقد ظهرت نيات هذه الفئة الضالة الساعية لانتهاك حرمات بيت من بيوت الله في يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس، واستهداف الآمنين من المصلين في صلاة الجمعة، وهو عمل جبان لا يقدم عليه إلا إرهابي انسلخ من الإسلام وتعاليمه القويمة".

الأكثر قراءة