السعوديون للإرهابيين: لن تشقوا صفنا
أدان خطيبا المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، قتل الأبرياء وسفك دماء المسالمين، مشددين على أن قاتل النفس ملعون مطرود من رحمة الله، وله في الدنيا خزي وفي الآخرة عذاب عظيم، وركز خطيبا المسجدين المكي والنبوي في خطبتيهما لصلاة الجمعة أمس، على ضرورة تكاتف الأمة لدحر الإرهاب الذي لا يفرق بين حق وباطل، منوهين بجهود رجال الأمن في حماية المجتمع وحفظ البلاد من العدوان ومؤكدين أن ما يؤدونه من واجب شرعي يثابون عليه.
ومن جهته أكد الدكتور أسامة بن عبدالله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام خلال خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام أن شر ألوان العدوان سفك الدم الحرام، وقتل النفس التي حرم الله قتلها، وجعل الاجتراء عليها بغير جناية محادة لله ورسوله، وارتكابا لكبيرة من كبائر الذنوب، واجتراحا لخطيئة من أعظم الخطايا، بعد الشرك بالله- عز وجل- ولذا قرر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حرمة الدماء والأموال، مؤكدة أشد توكيد، حين قال في خطبة حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا"، وحين قال صلوات الله وسلامه عليه: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه" الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، فكان جزاء الولوغ في هذا الإثم المبين: غضب الله ولعنته، ودخول النار التي أعد الله له فيها أشد العذاب، كما قال تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).
#2#
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن رسول الهدى- صلوات الله وسلامه عليه- بين عظم هذا الجرم عند الله تعالى، فقال: "والذي نفسي بيده؛ لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا"، وأوضح- صلى الله عليه وسلم- أن العقوبة المترتبة على قتل المؤمن بغير الحق تعم كل من كان له مشاركة فيه، فقال- عليه الصلاة والسلام: "لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار"، كما أخبر- صلوات الله وسلامه عليه- أن المؤمن يظل في سعة من دينه، فينتفع بصالح أعماله، فإذا أوبق نفسه بقتل النفس التي حرم الله قتلها، ذهبت تلك السعة، وضاق عليه صالح عمله، فلم يف بما ترتب عليه من أوزار هذا الإثم العظيم، وقدم على ربه ينوء بحمل ظلمه وعدوانه، فقال: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما" أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، فكان من صفات المؤمن، وكريم سجاياه: إيمان صادق أورثه ورعا يعصمه من الفتك بعباد الله، باستباحة ما حرم الله من دمائهم، وما عصم من أنفسهم، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن".
#3#
وأكد الدكتور الخياط في خطبته أن ولاة أمر هذه البلاد قائمون- بحمد الله- على حفظ الأمن أتم قيام، من كل ما يقوض بنيانه، أو يهدد أركانه، أو يعكر صفوه، أو يكدر جلاءه، بعزيمة ماضية، وهمة متوثبة، وسعي دؤوب، لا يخافون في سبيل ذلك لومة لائم، وإنه بطاعتنا لله ورسوله، ثم بطاعتنا لمن ولاه الله أمرنا؛ استجابة وامتثالا لأمر ربنا القائل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، نبلغ ما نريد من الذود عن الدين، والذب عن الوطن، والحفاظ على المصالح العليا للأمة، بالضرب صفحا عن النظرات الفردية الضيقة، والمصالح الشخصية المحدودة، والنزعات المفرقة المحقورة وباتحاد صفنا واجتماع كلمتنا، وتوادنا وتعاطفنا وتراحمنا، وتوثيق عرى التواصل بيننا، والشد على وشائج الأخوة الإسلامية، واللحمة الوطنية، بين كل أبناء هذا الوطن الطيب المبارك في جميع مناطقها ومدنها ومحافظاتها وقراها، شرقها ووسطها وغربها وشمالها وجنوبها، وبهذا يستصلح الفاسد، ويحصد المعاند، ويقوم الحائد، ويوصل ما انقطع، ويشعب ما انصدع، ويستفيض الأمن، ويعم الرخاء.
وفي المدينة المنورة حض الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أمس، المسلمين على تقوى الله حق تقاته والتمسك بالعروة الوثقى، قائلا: "إن من اتقى الله وقاه الشرور والمهلكات ومن اتبع هواه وعصى ربه وكفر به أدركه الشقاء وأرداه في الدركات ".
#4#
وتابع الشيخ الحذيفي ثم بعد الشرك جريمة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فجريمة قتل النفس عار وخسار وخلود في النار، مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)، موردا قول الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: "أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله وقول الزور".
وأوضح الشيخ الحذيفي أنه لعظم جريمة القتل نهى الإسلام عن المزاح بالسلاح والإشارة به إلى الدم المعصوم، مستشهدا بقول الرسول- صلى الله عليه وسلم: "من أشار إلى أخيه بحديدة فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار".
وذكر إمام المسجد النبوي أنه حتى قتل الإنسان نفسه، حرمه الله ورسوله أشد التحريم، وأن قاتل نفسه في النار ولو كان مسلما، سواء قتل نفسه بحديدة أو حزام ناسف أو سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة أو تفجير قنبلة مستدلا بقول الحق تبارك وتعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا"، وقول الرسول- صلى الله عليه وسلم: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا".
وقال: "إن هذا العذاب الشديد لمن قتل نفسه فكيف بمن قتل غيره لأن نفس الإنسان ليست ملكا له، بل هي ملك لله تعالى يتصرف فيها الإنسان بمقتضى الشرع الذي أنزله الله تعالى والحياة الآمنة من حق الإنسان وهبه الله هذه الحياة لعمران الأرض وصلاحها وللعمل الصالح وليتمتع بما خلقه الله وأباحه له، بل الحياة من حق البهائم والحيوان فلا تقتل إلا لمنفعة ابن آدم ويحرم أن تقتل عبثا".
وأفاد بأن الدماء المعصومة التي حرم الله وجاء فيها الوعيد والتهديد لمن سفكها، هي دم المسلم ودم غير المسلم الذمي والمعاهد والمستأمن وفي عرف هذا العصر الفرد غير المسلم المواطن أو من يحمل إقامة من ولي الأمر أو قدم للبحث عن الرزق، حيث إن معاملة غير المسلمين وأحكامهم منوطة بالإمام ونوابه ولا اجتهاد فيها قال- صلى الله عليه وسلم: (من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنة)، وهذا بالمواطن غير المسلم، فكيف بالمواطن المسلم؟
وأشاد فضيلته بما يقوم به رجال الأمن من دور في حماية المجتمع وحفظ البلاد من هذا العدوان وهذا الشر فهم يقومون بواجب شرعي يؤدون حقا يشكرون ويثابون عليه، داعيا إلى التضامن واجتماع الكلمة ووحدة الصف في كل الأحوال بقوله: "إن ذلك واجب لحفظ الدين وحماية البلاد وفي هذه الأحوال أشد وجوبا لدرء الشرور والأضرار بسبب الاختلاف والفتن قال جل في علاه: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وقال عز من قائل: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).