الشرطة السويسرية: الإرهاب المتسلل عبر الإنترنت تهديد حقيقي للعالم
قالت مديرة الشرطة الاتحادية السويسرية، نيكوليتا ديلا فال، في تقرير حول الإرهاب ومحاربته والخداع المالي عبر الشبكة العنكبوتية، إن المخاطر موجودة بقوة، واستخدام الشبكات الاجتماعية من قِبل الإرهابيين توسع وتكثف، ففي عام 2014، أخذ الكفاح ضد الإرهاب المتسلل عبر العالم الافتراضي محوراً مركزياً في أنشطة المكتب الاتحادي للشرطة، وعلى هذا الأساس أنشأت سويسرا العام الماضي «فريق عمل تترا»، وكلمة تترا هي مختصر عبارة «الإرهابيون المسافرون»، بهدف محاربتهم وكشف مخططاتهم، على الرغم من أنها ليست هدفا لهم.
يهدف الفريق الرئيس إلى منع الجرائم الإرهابية في سويسرا، وتجنب الإرهاب المُصدَّر من سويسرا إلى مناطق النزاع، وإدارة التقصي والتحقيق حول الأعضاء المفترضين في المنظمات الإجرامية، والتعامل مع بلاغات غسل الأموال، ومكافحة الجريمة عموماً على شبكة الإنترنت.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من أن سويسرا ليست هدفا ذا أولوية للإرهاب، إلا أنه كان لزاماً على الشرطة أن تراقب التهديد المتزايد الناجم عن دوافع الإرهاب، والعمل على منع الهجمات الإرهابية في المنطقة، وعدم استخدام البلاد أساسا كقاعدة مالية ولوجستية للتخطيط والتنفيذ لهذا النوع من الجرائم، أو كبلد لدخول أو خروج أو عبور الأموال للمنظمات الإرهابية أو للإرهابيين المسافرين.
وقال التقرير الأول لفريق العمل، إن الإرهابيين وجدوا في الشبكات الاجتماعية عديدا من الفرص لتجنيد وتلقين وغسل أدمغة المراهقين والشباب بتقديمهم الجهاد كقضية رومانسية، وكحل جاهز للذين يسعون إلى إعطاء معنى لحياتهم، لكن هذه السراب سرعان ما يتبدد بمجرد ما يواجه هؤلاء واقع الحرب، ثم يسعون إلى اللحاق بالعالم الحقيقي وهم يشعرون بالعار من مشيهم مغمضي الأعين نحو المجهول.
ووزعت الشرطة تقريرها لجهات رسمية معينة مصحوباً بصور كبيرة الحجم وأشرطة فيديو، وتسجيلات هاتفية، ورسائل نصية، تخص عدداً كبيراً من الإرهابيين أو المرشحين لتجنيدهم في أعمال الإرهاب. وأكد التقرير أن الشرطة ستتعقب الأنشطة المشبوهة بلا هوادة، مؤكدة أن حصة متزايدة من الأفراد النشطين في الاحتيال على الشبكة العنكبوتية في سويسرا هم من أصول جنوب شرقي أوروبا.
وأقر التقرير أن توفير مكافحة فعالة للتطرف عن طريق الإنترنت لن يكون ممكناً إلا في التعاون الوثيق مع مقدمي خدمات حرية الوصول للإنترنت. وقال إن الشبكة العنكبوتية هي في الوقت الحاضر بمنزلة التحدي الحقيقي للشرطة القضائية الاتحادية، التي يجب عليها اللجوء إلى الإخصائيين، حسب ما قال رئيس الشرطة القضائية، رينيه ووهلهاوسير، في التقرير.
وقالت الشرطة إن الجرائم المرتكبة في مجال الاحتيال على الأموال عبر «شبكة الإنترنت» سجلت زيادة كبيرة خلال العام الماضي نظراً إلى العدد المتزايد من الأجهزة التي تسمح بالوصول إلى الإنترنت بما في ذلك الهواتف الذكية، والكمية الهائلة من البيانات الشخصية الرقمية التي تتزايد على نحو مستديم، وإساءة استخدام هذه البيانات لأغراض إجرامية، جعل العبء على الشرطة هائلاً. في الوقت نفسه، فإن أغلب مستخدمي هذه التقنيات لا يدركون حجم المخاطر المرتبطة بهذه الأجهزة ويقومون في الكشف عن معطياتهم بسهولة فائقة.
وحول الزيادة في عدد حالات حظر سويسرا لأشخاص يشتبه في ارتباطهم بالإرهاب أو التطرف، من 14 في عام 2013 إلى 32 في 2104. اعتبر التقرير هذا التدبير الذي يتم تطبيقه لمدة 15 أو 20 عاماً في جميع أنحاء منطقة شنجن.
وأعلنت رئيسة الشرطة الاتحادية من قبل أنه تم رصد تسعة إعلانات لتمويل الإرهاب، وهو رقم يتوافق مع متوسط السنوات العشر الماضية. وقالت إن المبالغ كانت متواضعة لكن ليست المبالغ الكبيرة وحدها يمكن أن تسفر عن أضرار هائلة. وقالت الشرطة إنها منغمسة بعمق في نشاطات فرقة العمل المعنية بمكافحة الإرهاب المشتركة بين الإدارات والمقاطعات السويسرية التي ستقدم تقريرها في الخريف المقبل. وأعادت مديرة الشرطة إلى الأذهان مسألة التوازن الدقيق والحساس بين تدابير الأمن والحريات الفردية، والقوانين التي اعتبرت ذلك أحد أهم المصاعب التي تواجهها الشرطة.
وأضافت أن الانتقال إلى العمل الفعلي (أي التنفيذ) أو التحضير للعمل الفعلي فقط هو الذي يُعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، أما إذا لم يكن الأمر سوى خيال وأوهام في تنفيذ عمل ما، فينبغي على الدولة في هذه الحالة أن تظل في الظِّل تراقب الوضع على أن تكون مستعدة للتدخل إذا ما انتقلت الأوهام إلى مرحلة التخطيط بهدف التنفيذ.
وقالت إنه إذا كانت الاستعدادات لتحقيق التنفيذ قد بدأت فعلاً، فعلى الشرطة أن تدرك أن تلك هي ساعة الصفر، وأنه لم يبق لديها سوى وقت قصير جداً للتدخل، وعليه فالتدخل ينبغي أن يحدث في المراحل الأولى للتخطيط لتجنب كارثة ممكنة.
واعتبر فريق العمل إنشاء خط هاتفي خاص لتلقي معلومات من المواطنين أنه زائد عن الحاجة، باعتبار أن هذا لن يجلب معلومات ذات قيمة حيوية قد يمكن جمعها مِن قنوات أخرى، كالخدمات الاجتماعية أو الشرطة.
وأوضحت الشرطة السويسرية أن الإرهاب ليس اللاعب الوحيد في مضمار الجريمة المعلوماتية التي تشغل الشرطة الاتحادية السويسرية. فعدد جرائم الاحتيال المالي، وخداع الناس في أموالهم، شكلا زيادة كبيرة، بنسبة 66.9 في المائة من مجمل حالات الاحتيال عبر الشبكة العنكبوتية.
يستخدم مجرمو الشبكة العنكبوتية دائماً البرامج الضارة التي تستهدف أجهزة الحواسيب المصابة بالفيروس، لتحميل كلمات سر البريد الإلكتروني، أو خدمات الدفع عبر الإنترنت، وأن هذه المعطيات يمكن أن تباع إلى منتديات سرية تحت الأرض التي تتولى استخدامها في ارتكاب جرائم أخرى. وقالت الشرطة إن إحصائياتها تشير إلى أن هذا النوع من الهجمات قد تضاعف على المدى المتوسط، وأن بيع «كلمات السر» تُمثِّل عملية مربحة للغاية، في وقت أن سُرَّاق المعطيات غير معرضين سوى للحد الأدنى من المخاطر.
وأشارت الشرطة إلى مشكلة أخرى، تتعلق بتحول الأنشطة غير المشروعة، مثل المواد الإباحية، أو الاتجار في الأسلحة، والمخدرات من الشارع والصالونات نحو الشبكة المُظلمة "دارك نيت". وقالت الشرطة إنه غالباً ما تكون الإمكانية الوحيدة في المواجهة هي تلقي إشعار من وكلائها المتسللين في هذه الشبكة.
وبصفة عامة، تقول الشرطة إنها تواجه عديدا من التحديات التقنية والقانونية في إطار حملتها في تعقب جرائم الإنترنت، وهي مصاعب تُستثمَر في أغلب الأحيان من قبل المجرمين الإلكترونيين، ولهذا السبب فإنها كثفت من تعاونها الوطني والدولي مع الشرطة الأوربية «يوروبول» والشرطة الدولية «إنتربول» للاستفادة من مختصي الجريمة العاملين في هذين الميدانين لتحقيق مكافحة أفضل لجرائم الشبكة العنكبوتية.