الثلاثاء, 6 مايو 2025 | 8 ذو القَعْدةِ 1446


مرحلة جديدة في سوق الأسهم

مع بداية تنفيذ قرار السماح بالاستثمار الأجنبي المباشر في السوق المالية السعودية، ستحدث متغيرات استثمارية كثيرة، ليس على الساحة المحلية فقط، بل على الساحة الإقليمية التي تتابع باهتمام هذا التحول التاريخي. ورغم الضوابط الموضوعة في القرار المشار إليه، ولا سيما منع تملك المستثمر الأجنبي أكثر من 5 في المائة من أسهم أي مصدر مدرج في السوق المالية، إلا أن كل المؤشرات تدل على أن السوق السعودية ستستقطب تدفقات مالية أجنبية جديدة، في الأشهر المقبلة من العام الجاري. بل إن بعض الجهات الخليجية توقعت أن ينقل مستثمرون أجانب استثماراتهم إلى السوق السعودية، على اعتبار أنها تتمتع بقوة كبيرة، وبثقة عالية، حتى في ظل التطورات التي تشهدها المملكة على صعيد أسعار النفط.
وقد بدا واضحا في الساعات القليلة التي سبقت تنفيذ قرار الاستثمار الأجنبي المباشر في الأسهم، أن الأجانب الذين يستثمرون عبر "اتفاقيات المبادلة" خفضوا ملكياتهم في السوق، لسبب واحد فقط، وهو رغبتهم في الدخول المباشر من بدء العمل بالقرار. وهذا أمر متوقع، لأن المستثمرين يفضلون بالطبع الاستثمار المباشر. ولا شك في أن هناك مستثمرين جددا ينتظرون هذه المناسبة لدخول السوق، علما بأنه من المتوقع أن يتزايد عددهم بصورة تدريجية في الأشهر المقبلة. ويعتقد هؤلاء، أن السوق السعودية توفر الفرصة الاستثمارية اللازمة والآمنة لهم، خصوصا أنها مستندة إلى اقتصاد قوي، لم يتأثر (وفق المؤسسات ووكالات التصنيف الدولية) بالتحولات الأخيرة على صعيد أسعار النفط.
تضاف إلى ذلك، أهمية السماح بمشاركة المستثمرين الأجانب في الاكتتابات الأولية للشركات المحلية. إنها ببساطة خطوات ضرورية من أجل انفتاح اقتصادي أكبر، في الوقت الذي ترسم فيه المملكة معالم اقتصاد جديد مستدام، يعتمد على معايير وعناصر مختلفة عما كان عليه في السابق، وتتناغم مع المتطلبات الراهنة والاستحقاقات. فأي خطوة على صعيد تنويع الحراك الاقتصادي، هي خطوة داعمة للخطة الاستراتيجية الشاملة التي وضعت قبل سنوات، ويجري تنفيذها، حتى في أوج تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. في الواقع، كان المستثمرون الأجانب ينتظرون قرارات مشابهة لقرار السوق المالية، من أجل الانخراط فيها لما يوفر من فرص وعوائد، وسط أجواء من الثقة، وفي ظل بيئة اقتصادية متماسكة.
ورغم القيود الطبيعية التي فرضها قرار الاستثمار المباشر في السوق المالية، فلا توجد في الواقع قيود على خروج المستثمرين الأجانب من السوق، وليس في مخططات هيئة السوق المالية أن تحدث أي تغييرات في هذا المجال. فالمرحلة الراهنة، يمكن اعتبارها مدخلا لتقييم أداء السوق والمستثمرين الأجانب، بما يضمن مصالح الطرفين وفق القواعد والمعايير الموضوعة لذلك. وبالطبع فإن الهيئة منفتحة على أي تغييرات في المستقبل وفق ما تفرضه المصلحة العامة أولا وأخيرا. ففي هذه الحقول الاستثمارية هناك دائما أسباب للتطوير الإجرائي والقانوني. فالحقوق التي حصل عليها المستثمرون الأجانب (مثلا) تتضمن حقهم في التصويت في الجمعيات العمومية للشركات والمؤسسات التي يملكون فيها أسهما، بل الترشح لمجالس الإدارات نفسها.
لا شك في أن السوق السعودية دخلت مرحلة جديدة ببدء سريان مفعول قرار الاستثمار الأجنبي المباشر، وهي مرحلة قابلة للتطور المستمر، وأيضا لمزيد من المرونة في المستقبل سواء على صعيد الأجانب أو المستثمرين المحليين. لقد أعلنت صناديق استثمارية أوروبية عديدة رغبتها في دخول السوق السعودية، وهناك جهات أجنبية في غير منطقة من هذا العالم ترغب في خوض غمار هذا الاستثمار. إنها الخطوة الطبيعية في الوقت الصحيح، لسوق مالية ضمن اقتصاد محلي يتشكل وفق الأطر المستقبلية المستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي