الأحد, 4 مايو 2025 | 6 ذو القَعْدةِ 1446


الأسر تنقل الوافدين من ضيق «الغربة» إلى رحابة «الألفة»

في شهر رمضان الفضيل يجتهد الجميع ليضع كل منهم بصمة له في عمل الخير، فالأجور مضاعفة والنفوس إلى الخير مسرعة، فتنتشر العديد من المظاهر التطوعية النيرة في مجتمعنا بدءا بتوزيع الصدقات وسقيا الماء وانتهاء بتفطير الصائمين.
مشاريع إفطار الصائمين مظهر ديني يتذبذب بين العادة والعبادة، فلا تكاد ترى شارعا أو حيا إلا وترى لوحة كتب عليها "يوجد هنا إفطار صائم".
عمل بُني على جهود أصحاب الحي وتكاتفهم والتعاون فيما بينهم، ويستهدف الوافدين بشكل كبير ليبعد عنهم ضيق الغربة وينقلهم إلى رحابة الألفة والتآخي ويشارك فيه جميع أفراد العائلة، إذ يبدأ رب المنزل في التجهيز مع أقرانه لمكان الإفطار وترتيبه وتنظيفه، ثم يكون الاعتماد الأكبر على ربات البيوت وعلى ما يقمن بإعداده من أطباق عديدة ومتنوعة وتشارك معهن بناتهن في إعدادها، ويرسل جزء منها إلى المسجد.
تنافس ربات البيوت في تفطير الصائمين تكسوه الغبطة والمبادرة والتوقعات الإيجابية لكل واحدة منهن عما ستقدم الأخرى وبحثها عن الأفضل، والناتج النهائي مشاركة في عمل الخير ومسارعة إلى طريق التطوع.
وبعد أن تنتهي ربة المنزل من إعداد أصناف الطعام يأتي دور الأطفال والصغار ليوصلوه إلى مكان الإفطار، وتعاد الكلمة نفسها على مسامع الطفل والتي تتردد يوميا "على مهلك يا ولدي ..لا ينكب الفطور". وينطلق بعدها الصغير باﻹفطار مسرعا ويتسابق مع جيرانه الصغار وأصواتهم تتعالى وهم يركضون، ويعاند كل منهم الآخر لتكون جملتهم المعهودة يوميا هي: "فطور أمي أفضل من فطور أمك".
يوصل الصغار الإفطار إلى مكانه ليقوم شباب الحي بتولي المسؤولية المتبقية وتوزيع الإفطار على مائدة "إفطار الصائمين" وتجهيزه لقرب آذان المغرب.
تحدث إلى "الاقتصادية" علي العصيمي أحد سكان الأحياء الحريصة على تفطير الصائمين، وقال: " تفطير الصائمين في رمضان من الأمور التي يكون أجرها عظيما، فمن فطر صائما فإن له مثل أجر الصائم كما ذكر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا ما يدعو الأسر إلى التسابق والتنافس في محاولة تقديم الأفضل لتفطير الصائمين".
وأضاف العصيمي أن جميع فراد العائلة يعملون على تفطير الصائمين كل واحد منهم له مهام يقوم بها، ويحاولون جاهدين أن يقدموا للصائمين المغتربين والمسافرين ما يعوضهم ولو قليلا عن أهلهم وذويهم.
من جهته أكد أحمد صدق، أحد المستفيدين من إفطار صائم، قائلا "إن تفطير الصائمين من الوافدين والمسافرين وغيرهم له تأثير كبير في أنفسهم، فهم يكونون في عمل وجهد شاق طوال اليوم وإذا اقترب وقت الإفطار لا تساعدهم قواهم على إعداد الإفطار، فيكون "إفطار صائم" الذي نجده في مسجد الحي ويكون فيه من أصناف الطعام ما لذ وطاب، وهو معد في المنزل مما لا يشعرنا بالغربة ويجعلنا نشعر أننا في منازلنا".
وأضاف صدق: " إن الأجواء التي نعيشها في لحظة إفطارنا الجماعي يكسوها التآلف والتآخي ويملؤها الود والفرح، فنرى كأننا من عائلة واحدة ونحن من بلدان مختلفة، وهذا ما يدعو إليه الدين الإسلامي وهو أن نكون إخوة ليس هناك فرق بيننا".

الأكثر قراءة