«إني صائم».. تعلم الصبر وتهدئ لحظات ما قبل الإفطار
يصف الصائمون لحظات ما قبل الإفطار في شهر رمضان المبارك بـ (عنق الزجاجة) التي يكتظ فيها الجميع حول أماكن بيع المأكولات الشعبية لشراء ما يحتاجون إليه من مستلزمات السفرة الرمضانية، ويتسابقون بعدها في الوصول إلى المنزل قبيل رفع أذان صلاة المغرب، وسط ازدحام شديد في الطرقات، وارتفاع في معدل التوتر العصبي لدى الإنسان الذي ينتج عنه غالبا سلوكيات خاطئة يتضرر منها العامة.
وعادة ما تشهد هذه الدقائق الحاسمة مشاهد دراماتيكية متنوعة نتيجة اختلاف وجهات النظر بين بعض الصائمين حول أمور عدة منها الرغبة في شراء وجبة الإفطار قبل الآخرين دون مراعاة للواقفين، ومحاولة اختراق الزحام لعبور الطريق والوصول بأقصى سرعة إلى المنزل، مصحوبة تلك المشاهد بعلامات شد عصبية ترتسم على محيا المتخالفين التي قد تتطور في معظم الأحيان إلى العراك ولا يطفئ غليانها إلا قول: (إني صائم)، كما قال النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- في حديثه الذي رواه البخاري ومسلم: "الصيام جنة. فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إنى صائم".
و"العصبيــة" مــــن السمــــــــات الشخصية للإنسان التي قد اعتاد عليها أو اكتسبها من البيئة المحيطة به، وترتفع في وقت الصيام، كما أوضح الدكتور محمد بن مترك القحطاني أستاذ علم النفس المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إذ بين أن أسباب الشد العصبي التي يتعرض لها الصائم تنبع في الغالب من أساس السمات الشخصية للإنسان التي اعتاد عليها بحيث إن البعض لديه حدة في التعامل من أقل الأشياء ويتعصب ويتعالى صراخه دون أي دافع يستحق ذلك، وتزيد عصبيته وقت امتناعه عن الشرب والأكل، وهو ما يحدث كردة فعل أثناء قيام الصائم بأي مهام قبيل موعد الإفطار بدقائق، إذ يحرص في الوقت ذاته على الإنجاز في وقت معين، وإن شعر بأنه لم يحقق مناله عادت له شخصيته العصبية.
وأضاف أن البعض يكتسب العصبية من والديه أو أحد أفراد الأسرة أو من المدرسة والأصدقاء، وأحيانا تكون من الظروف المحيطة بالفرد، وأحيانا تكون بسبب التفكير في الجانب السلبي أثناء الأحداث التي يمر بها مثل المرور من طريق مغلق أو التعامل مع الناس التي تختلف وجهات النظر معهم خاصة في وقت ما قبل الإفطار الذي تكثر فيه الاختلافات بين الصائمين رغبة في الوصول بأسرع ما يمكن إلى المنزل.
وأشار القحطاني إلى أن سلوك العصبية ينعكس على سلوك الأبناء فيعمدون في بعض الأحيان إلى تقمص أدوار الكبار في العصبية وتطبيقها مع أصدقائهم والمجتمع المحيط بهم، سواء في المسجد أو في الملعب أو في السوق، مبينا أن لوسائل الإعلام دورا في ارتفاع معدل العصبية لدى الأبناء نظير ما تبثه من برامج تثير عصبيته كالتي تسمى "الأكشن" أو بث أخبار المآسي والكوارث والقتل بشكل متكرر.
ويخشى كثير من الصائمين الخروج في وقت ما قبل الإفطار، ويبحث بعضهم عن حلول أخرى لتجنب ذلك.
وقدم الدكتور القحطاني حلولا شرعية ونفسية للتخلص من العصبية من أهمها شرعيا ترطيب القلب واللسان بذكر الله- عز وجل- والاستغفار المتكرر، والصدقة، والمواظبة على أداء الصلوات، وقراءة السيرة النبوية للصحابة، ومن الناحية النفسية تدريب النفس على الجلد والصبر والتفكير الإيجابي دائما في معالجة الأمور التي تعتري الإنسان في حياته، والتماس العذر لتصرفات الآخرين، ومحاولة تجنب التوتر والعصبية حتى لا تتحول حياة الفرد إلى سمة من سمات شخصيته ويعتاد عليها إلى جانب الاشتراك في دورات تنمية فن الحوار، والتوافق الأسري، والذكاء الانفعالي، لتعزيز الشخصية الإيجابية لدى الشخص.
وأوضح اللواء وصل الله الحربي مدير مرور جدة أن الدوريات الأمنية في جدة لديها خطة أمنية للوجود في وقت الذروة خلال أيام شهر رمضان لتنظيم الطرق والحد من المخالفات والتجاوزات التي تحدث في ذلك الوقت الحرج للوصول إلى منازلهم مثل: قطع الإشارة والتسبب في حدوث بعض الحوادث المرورية أو عكس السير، أو إغلاق الطريق بسبب الوقوف المزدوج في الطريق لانتظار وجبة الإفطار.