صحف العالم تنعى حكيم الدبلوماسية بجميع اللغات

صحف العالم تنعى حكيم الدبلوماسية بجميع اللغات

نعت معظم صحف العالم ومواقع الصحف الإلكترونية الكبرى والقنوات الفضائية والإذاعية وفاة الأمير السعودي الراحل سعود الفيصل، الذي عُيّن وزيراً للخارجية في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1975، وبالتالي يعد صاحب أطول فترة بقاء في المنصب كوزير للخارجية، مقارنة بنظرائه في دول العالم، حيث قضى 40 عاماً في منصبه. حسب ما اتفقت عليه كل الصحف التي تحدثت بإسهاب عن مراحله العملية وتجربته الثرية في قيادة الدبلوماسية السعودية، كما وصفته صحيفة "واشنطن بوست" بأنه أقوى وأقدم وزير خارجية في العالم، وقالت إنه "سوبر وزير".
كما تحدثت عنه صحف "جلف نيوز" و"بينزنس انسدير" و"أسوس أنف" و"الديلي تلجراف البريطانية" و"أيروب برس".
وأوضحت معظم الصحف التي تناقلت الخبر بكل لغات العالم أنه بعد هذه الفترة التي قضاها في منصبه وزيراً للخارجية السعودية، ترجّل وزير الخارجية الأقدم في العالم، في 29 نيسان (أبريل) الماضي، عن منصبه بقبول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز طلبه بإعفائه من ترؤس الدبلوماسية السعودية لظروفه الصحية.
ونظراً للخبرة، وللمكانة التي يحظى بها الأمير سعود الفيصل (75 عاماً)، وفقاً لوكالة الأناضول، أصدر العاهل السعودي أمراً آخر بتعيينه "وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء، ومستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين، ومشرفاً على الشؤون الخارجية".
وجاء تعيين الفيصل في وقت كان يُعالَج فيه بالخارج، حيث بدأ رحلة علاجية في 24 يناير الماضي، لإجراء عملية جراحية في فقرات الظهر بالولايات المتحدة.
كما تحدثت معظم الصحف أيضا عن مراحله الدراسية وحصوله على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة "برنستون" في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1964، وعاد إلى البلاد ليتقلّد أول مناصبه مسؤولاً عن العلاقات النفطية في شركة "بترومين"، ثم عضواً في لجنة التنسيق العليا التابعة لوزارة النفط والثروة المعدنية، فمستشاراً اقتصادياً للوزارة ذاتها.
وبعدها عُيّن وكيلاً لوزارة النفط والثروة المعدنية منذ عام 1971 ولمدة خمسة أعوام. وفي عام 1975، تولّى الأمير سعود الفيصل منصب وزير الخارجية، في مرحلة مرّت فيها المنطقة العربية والعالم بأزمات عدة، قاد فيها الفيصل السياسة الخارجية لبلاده بدبلوماسية للتعامل مع هذه الأزمات.
وأشارت الصحف العالمية إلى أن الفيصل يتقن سبع لغات، إضافة إلى العربية، منها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية.
وبحكم عمله وزيرا للخارجية، كان عضواً في كثير من اللجان العربية والإسلامية، مثل لجنة التضامن العربي واللجنة السباعية العربية ولجنة القدس واللجنة الثلاثية العربية (السعودية، المغرب، الجزائر)، حول لبنان ضمن وزراء خارجية الدول الثلاث وغير ذلك.
كما تحدثت الصحف عن مواقفه الدبلوماسية الحكيمة في كل القضايا التي تعامل معها في المؤتمرات العالمية والإقليمية خاصة العربية.
نشرت الصحف البريطانية والأمريكية كـ "الجارديان" و"النيوز ويك" و"النيويورك تايمز" خبر الوفاة استنادا إلى تغريدات المقربين من الأمير الراحل كالأمير نواف الفيصل والمتحدث باسم الخارجية السعودية, واستطاع "الهاشتاق" الخاص بوفاة الأمير أن يصل إلى الأول عالميا بأكثر من مليون تغريدة خلال ثلاث ساعات فقط من تداول الخبر, وهو ما دعا بعض المغردين من المكسيك ودول غربية للتساؤل عمن يكون هذا الشخص الذي أشعل "تويتر" واحتل المرتبة الأولى بالأكثر تغريدا.
خبر وفاته أدى لتشتت ذهن العاملين معه لسنوات فباتصال "الاقتصادية" بوكيل وزارة الخارجية يوسف السعدون، الذي عمل معه 20 عاما أجاب عن الاتصال بأنه لا يرغب في أي حديث الآن، فذهنه المشتت وحزنه لا يجعلاه قادرا على استرجاع أي ذكريات أو مواقف مع الأمير الراحل, قائلا يكفي أن من لا يعرفونه أحبوه من مواقفه ونظراته, فما بالك بمن عمل معه وعرفه عن قرب؟ معتبرا أنه كان رمزا ونموذجا يحتذى.
تكرر الموقف مع أسامة نقلي المتحدث باسم الخارجية السعودية، حيث أكد عدم قدرته على الحديث وحزنه يجعله غير قادر على الحديث عن شيء, مكتفيا بتغريدة تعبر عن أمنيته بأن ينفي الخبر ككل مرة، لكن هذه المرة الموت حق والعين ستدمع على غياب الأمير سعود الفيصل, مؤكدا أنه سيظل عالقا في ذاكرة العالم وليس السعوديين فقط.
و عبر الأمير سعود محمد العبد الله الفيصل ابن أخ الأمير الراحل عن حزنه لرحيل عمه، قائلا نتمنى أن يتقبله الله في جنته, ووصفه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنه لم يكن أقدم وزير خارجية بل أكثرهم حنكة, وامتلأ "الهاشتاق" المخصص لنعي الأمير بذكر كلامه المميز واسترجاع حكمه المعهودة, مختصرين شخصيته بعبارة أنه كان دولة في رجل واحد, ومدللين على حسن خاتمته بوفاته صائما، وفي العشر الأواخر من رمضان وفي ليلة الجمعة لتجتمع مع كل هذا الحب، وتكون إشارة إلى أعمال الأمير الراحل التي رفعت من قدره حتى في وفاته. وربط السعوديون بين تشابه تاريخ وفاته بالثاني والعشرين من رمضان، مع تاريخ قطع والده البترول عن أمريكا، متداولين مقاطع فيديو لدعمه للقضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية التي كان يؤكد على فشل جيله بإيجاد دولة فلسطين, وامتلأ "الهاشتاق" بوقفته المؤخرة ضد روسيا اعتراضا على تسببها بمقتل الكثير من الشعب السوري. عمل سعود الفيصل بمنصبه 40 عاما وتوفي بعمر 75 سنة, حيث تولى منصب وزير الخارجية 1975م ورافق أربعة ملوك, وكانت له نظرة قوية وإجابات سريعة على أسئلة الصحافيين؛ فلا ينسى أحد وصفه للعلاقات السعودية الأمريكية بالزواج الإسلامي, أو تحذيره لأمريكا من تدمير العراق لحل مشكلة الحكم لأنها تحل مشكلة وتصنع خمس مشاكل, أو رسالته لإسرائيل بأنها لن تنعم بالسلام بجمع الأسلحة، بل بالسلام مع جيرانها.

الأكثر قراءة