تسونامي الفشل
أي نصر هذا الذي يشير إليه اللاجئون السوريون! كانوا يغادرون السفينة التي نقلتهم إلى المهجر بعيدا عن الأرض والأهل والتاريخ. نعم رفعوا أصابعهم بعلامات النصر معلنين بذلك موت دولتهم، فأي نصر يفرح به المطرودون؟ إنه نصر النجاة من القتل والمطاردات والضرب والإهانات.
الوطن الذي يصبح الهروب منه نصرا يجب أن يعيد كل من يحكمه حساباته. التاريخ لا يرحم والأجيال تحكم بالحياد ضد ومع، فماذا سيقول التاريخ عمن وضع نفسه في موقف القاتل لأبناء وطنه، المهجر للنساء والأطفال، قاتل البسمة، ومدمر الحضارة، ومحول البنايات أنقاضا بعد أن كانت تحوي بين جدرانها أحلام المستقبل.
هذا الوطن خسر معناه، أصبح مجرد خريطة تتصدر نشرات الأخبار، ومواقع يستهدفها القتلة، وملاجئ لكل الفئات التي تتحارب لتحكم، وعندما تفعل، تنكل بكل أعدائها. هذا هو بالضبط ما يعنيه فشل الدولة.
يتجاوز فشل الدولة حدودها الجغرافية، ليدمر جيرانها وليصل خطره أبعد بكثير مما توقعه كل من خططوا له، بل إن حركة "تسونامي الفشل" غير محكومة، ولا يعلم أحد منتهاها ومن تدمر في طريقها. القول السائد "إنك تستطيع أن تبدأ الحرب ولكنك لا تستطيع أن تنهيها"، يسري على الفتنة، ولكن بشكل أكبر.
بالأمس أعلنت فرنسا أن المعتدي على القطار الفرنسي كان في سورية قبل أن يعود إلى أوروبا لينفذ عمليته التي أحبطت قبل أن تودي بحياة كثير من الركاب. هذا الخبر يجب أن يقرأه كل من يخططون لدمار العرب وتفكيك وإفشال دولهم بغرض التركيع والسيطرة الاقتصادية.
إن كل من يريد أن يحقق النجاح من خلال تدمير الآخرين سيطوله بعض مما خططه، هذه العبر عاشها الأمريكان في أيلول (سبتمبر) 2001، وعاشتها أوروبا في أكثر من مناسبة، كما تعيشها دول مثل باكستان والهند وبدأ في إيران، لن ينتهي تسونامي الدمار عند حد.
هذه الدروس التي يأبى الكثير من السياسيين أن يسلموا بها، هي في الواقع مسلمة، وتستدعي أن تعود الدول إلى محاولة نشر الأمن والتوسط في سبيل إنهاء الأزمات، وتحييد أجهزة المخابرات التي تعتمد على المؤامرات في تحقيق مراد قادتها، بدل أن تكسب في المدى القصير على حساب المديين المتوسط والبعيد.