نمو القطاع الخاص .. وتعزيز متانة الاقتصاد السعودي
القطاع الخاص حظي بعناية حكومية كبيرة خلال العقود الماضية، وكان من نتائج هذا الاهتمام انعكاساته على المؤشرات المالية العامة لكثير من الشركات، ومن أبرزها أكبر 100 شركة سعودية، وتعزيز قوة ومتانة الاقتصاد السعودي في مواجهة التحديات التي تعيشها المنطقة بشكل عام، حيث نما إجمالي إيرادات الشركات المدرجة في قائمة "الاقتصادية" لأكبر 100 شركة سعودية هذا العام بنسبة تجاوزت 6 في المائة لتصل إلى أكثر من 720 مليار ريال، وفي المقابل ارتفع إجمالي أصول هذه الشركات بنسبة تجاوزت 9 في المائة ليصل إلى أكثر من 3.6 تريليون ريال وسعودي، كما ارتفع إجمالي حقوق الملكية لكبريات الشركات في المملكة بنسبة تجاوزت 6.5 في المائة ليصل إلى أكثر من 920 مليار ريال سعودي.
فالدعم الحكومي للشركات والقطاع الخاص عموما تمثل في مجموعة من الامتيازات التي تشجع الاستثمار وتأسيس أنشطة تحقق التنمية في المجتمع، ومنها المشاريع الصناعية والتجارية والزراعية، حيث يبدأ الدعم بتسهيل إجراءات المشاريع التنموية ودعمها بالتمويل وتخصيص الأراضي وتهيئة مدن صناعية. ويستمر الدعم بامتيازات تتعلق بتكلفة الوقود ومدخلات الإنتاج، إضافة إلى عدم وجود ضرائب في كل عام في المملكة، هذا التنوع في الدعم عزز من تنافسية المنتجات الوطنية وكفاءة كثير منها محليا ودوليا. هذا النمو الكبير للقطاع الخاص خلال العقود الماضية له أثر في تعزيز متانة الاقتصاد الوطني، حيث إن من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد في المملكة التنوع في مصادر الدخل، فالاعتماد على مصادر محدودة تتأثر بتقلبات الأسعار يعد مخاطرة ولا يحقق الاستدامة للاقتصاد الوطني، كما لا يوفر تنوعا في الفرص الوظيفية، ولكن مع الاهتمام بالقطاع الخاص، تمكن هذا القطاع من أن يحقق نموا جيدا، قد يقلص الفجوة الكبيرة في حجم الدخل الناتج عن النفط مقارنة بالناتج الذي يحققه القطاع الخاص. القطاع الخاص يسهم بصورة كبيرة في تنمية حقيقية في المجتمع، ويعول عليه في زيادة كفاءة العمل والإنتاج والترشيد في تكلفة استخدام الموارد، كما أن له دورا في معالجة المشكلات الاقتصادية مثل البطالة. والمملكة، وهي تنضم إلى قائمة أكبر 20 اقتصادا في العالم، تجعل فرص نمو القطاع الخاص جيدة، علما بأن العقد الماضي شهد تحولات كبيرة لمصلحة القطاع الخاص، حيث تضاعف الإنفاق الحكومي، كما تم تحسين البيئة التشريعية والتنظيمية، إضافة إلى انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية الذي يحمل فرصا وتحديات للقطاع الخاص، باعتبار أنه قد يزيد من تنافسية الشركات الأجنبية داخل المملكة لكن في الوقت نفسه يزيد من تنافسية الشركات السعودية في الأسواق العالمية وهو ما حسن من فرص قطاعات مثل قطاع البتروكيماويات.
من المهم في هذه المرحلة تعزيز الاستثمار في قطاعات محددة يتوقع لها مستقبل مبهر، فالقطاعات التي تحظى بنصيب الأسد في القطاع الخاص حاليا تتركز على القطاع المالي وقطاع البتروكيماويات، وبعض القطاعات الأخرى بحصة محدودة مثل القطاعات التي لها علاقة بالإنشاءات وقطاع التجزئة، والفرص كبيرة وقائمة لانضمام شركات في قطاعات جديدة، وأن تكون لها حصة أكبر من حجم أصول وإيرادات أكبر 100 شركة سعودية، ومن هنا يأتي التحدي في قدرة القطاع الخاص في المملكة، على أن ينافس في قطاعات قد تتحول إليها بوصلة الصناعة في المستقبل القريب، وذلك في مثل قطاع إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة مثل مصانع إنتاج الطاقة الشمسية وتخزين وتصدير الطاقة الناشئة عن الطاقة الشمسية، ومثل هذا الاستثمار من الممكن أن يعزز مركز المملكة في سوق الطاقة التي تهيمن حاليا على عرشه، باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم حاليا، كما أنه توجد قطاعات يمكن أن تحقق دخلا جيدا وتوفر فرص عمل، وذلك في مثل قطاع السياحة الذي لم يحظ بما يكفي من اهتمام من قبل القطاع الخاص، علما بأن هذا القطاع يمكن أن يحقق إيرادات من خلال الطلب عليه داخليا ودوليا، فحجم الإنفاق على السياحة من المواطنين في السياحة الخارجية يقدر بالمليارات، حيث بلغ في العام الماضي 2014 سبعة وسبعين مليارا ونصف المليار ريال، وهذا يمثل أكثر من 10 في المائة من حجم إيرادات أكبر 100 شركة سعودية مجتمعة، كما يمثل ما يقارب 9 في المائة من حجم الميزانية العامة للدولة. ومن القطاعات المهمة التي يمكن أن توفر فرصا وظيفية للكفاءات الوطنية قطاع تقنية المعلومات، أو بصورة أشمل قطاع الصناعات التقنية المتقدمة، وهذا القطاع له أهمية كبيرة في تحقيق إيرادات عالية وتوفير فرص عمل بامتيازات وفرص أكبر، علما بأن الدول المتقدمة حاليا تركز على هذا القطاع باعتبار أنه يحق له التفوق اقتصاديا، مع أن بعض شركاتها حاليا نقلت مصانع منتجاتها التقليدية إلى الدول النامية التي توفر قوى عاملة رخيصة.