تجربتي كناخبة للمرة الأولى
عندما بدأ الإعلام بالحديث عن مشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية تحمست للمشاركة وقررت التوجه لإصدار بطاقة ناخب. ولأنني بداية لم أجد في وسائل التواصل تلخيصا ميسرا لشروط تسجيل الناخب والأوراق المطلوبة فترت همتي وأجلت الأمر.
وقبيل انتهاء فترة تسجيل الناخبين وقعت عيناي صدفة على صورة مواطنة ومحامية متميزة وهي تحمل بيدها استمارة قيد الناخب فاتصلت بها لمعرفة التفاصيل. لحسن الحظ كانت تجربتها إيجابية فوصفتها ببساطة. اتبعت التعليمات التي أرسلتها لي بـ "الواتساب"، وفي خلال نصف ساعة "من ضمنها المشوار" تم تسجيلي رسميا كناخبة في الدائرة الثانية لمحافظة جدة.
كان الموقع قريبا من منزلي فأخذت نسخا من المستندات المطلوبة وتوجهت للمركز الذي اتخذ من مدرسة حكومية للطالبات مقرا له. كانت الساعة السابعة والنصف مساء واستقبلتني الموظفات بترحاب ونظرت حولي فوجدت سيدة واحدة تنهي إجراءاتها. فهاتفتني رئيسة الوحدة ببشاشة "إنتو فين من زمان؟ صار لنا ثلاثة أسابيع ننتظر أحد يجينا وما هل علينا أحد إلا في آخر يومين"! قامت الموظفة بأخذ صورة من الهوية وقمت بملء استمارة القيد وهكذا انتهت الإجراءات.
طبعا لم أنس تدوين التجربة كاملة في "سناب شات" ووسائل التواصل المجتمعي كي يستفيد منها غيري خاصة أنه لم يتبق سوى يوم واحد على انتهاء فترة التسجيل. كانت أهم رسالة وجهتها هي سهولة الإجراءات وأهمية الانضمام إلى جموع الناخبين، حيث إن هذه لحظات تاريخية وأتمنى أن تقوم وزارة التعليم بإدراجها في مقررات التاريخ. أيضا من قام بتسجيل اسمه كناخب يشعر بحس المواطنة أكثر ممن لم يقم بهذا فصناعة المستقبل تتطلب شراكة المواطن بشكل فاعل وإيجابي.
من خلال وسائل التواصل وصلتني بعض الرسائل التشجيعية من الصديقات يستفسرن عن الموقع والإجراءات وبالفعل تشجعن وقام بعضهن بالتسجيل في اليوم التالي. رسالة أخرى من متابع يشكو عدم تمكنه من التسجيل لأن اسمه مدون في دفتر العائلة لكنه يحمل بطاقة أحوال منفصلة ومقر سكنه مسجل باسم والدته. يذكر المتابع أن الموظف رمقه بنظرة ارتياب وكأنه قام بعمل غير قانوني. وهنا أرجو أن تقوم وزارة الداخلية بتيسير بعض الإجراءات وإدراج اسم الوالدة في الهوية لتفادي الحاجة إلى إثبات انتماء الطفل لأمه، خاصة أن الكثير من العقارات والأملاك مسجلة باسم المرأة، وأبناؤها يسكنون في المنزل نفسه وإن كبروا.
أيضا جاءت أكثر من رسالة سلبية فيها إحباط من إمكانية التغيير أو إحداث أي فارق في المدن من خلال المجالس البلدية، وأن انضمام السيدات هذا العام لا يعني أن شيئا سيتغير. وهنا قد أتفق أن التجارب السابقة لم تحدث تغييرات ملموسة بالنسبة لنا كمواطنين لكن انضمام النساء يحمل قيمة تاريخية معاصرة وهي بمثابة بوابة لممارسة حق المشاركة في صناعة القرار من خلال قنوات رسمية ومنظمة. ثم إن الفشل السابق لا يعني بالضرورة الفشل المستقبلي وإن خياراتنا اليوم ستمهد الطريق لما يحدث غدا، والأهم أن الإحباط والسلبية لا يؤديان لأي نتيجة بل يؤثران سلبا في محيطنا.
نأمل أن تكون هذه التجربة ناجحة ومتميزة وأن يصبح المواطن أكثر رضا وإيجابية للمساهمة في التغيير المأمول.