جاك .. والثورة الاقتصادية الهادئة

"التمزيق Disruption ليس له قيم، ليس له اتجاه ولا مبادئ وليس له قواعد منظمة، ونحن لا نريد أن نجلب التمزيق إلى عالمنا.. ما نريد أن نحققه هو الثورة revolution.. الثورة لها قيم ولها أهداف ولها توجه ولها قيادة.. الثورة تتنبأ بالتقاطعات المقبلة أمامنا وترشدنا لما ينبغي عمله، وليس من الضروري أن تتسم بالفوضى ولا الضجيج بل قوتها تكمن في هدوئها وجدواها وفعاليتها".
جاك دورسي، مؤسس "تويتر" و"سكوير".

كانت هذه المعاني القوية خاتمة لكلمة ألقاها في مؤتمر TechCrunch Disrupt لعام 2012 المقام سنويا في سان فرانسيسكو، وهو أبرز وأشهر تجمع بشري تقني لرواد الأعمال والإعلام والمستثمرين في المشاريع الجديدة عامة والتقنية خصوصا.
وهذا المؤتمر منبثق من الشركة الأم TechCrunch وهي ناشر إلكتروني في مجال التقنية، حيث يرتاد الموقع أكثر من 35 مليون قارئ شهريا.
وكانت الكلمة تهدف إلى التوعية بأهمية المبتكرات التقنية الجديدة، وأن المستقبل هو في الحقيقة بين أيدينا لكنه "غير موزع بعدالة". ويقصد مبتكر "تويتر" الشهير أن موازين المعرفة ما زالت متكدسة بشكل غير متوازن بين البشر، وأن وصول التقنية لأيدي أكبر عدد يمكن أن يسهم في تشجيع الابتكار وريادة الأعمال. وتحقيق بعض التوازن بين سكان العالم. ومن هنا انبثقت عديد من الأفكار والتوجهات، وحيث إن تلك الكلمة كانت في عام 2012 فبعد مرور ثلاث سنوات طرأت تغيرات بيئية واجتماعية وتقنية باهرة.
إحصائيا يوجد في أمريكا أكثر من 40 مليون مهاجر (2009 ــــ 2013) منهم أكثر من 14 مليونا في كاليفورنيا وحدها جزء ضخم منهم من الهند ويتم استقبال طلباتهم بالآلاف سنويا في شمال كاليفورنيا، خاصة وادي السيليكون نظرا لبراعتهم وتميزهم بجانب الصينيين والكوريين في مجال التقنية والهندسة بأنواعها.
وبدأت إدارة الهجرة في أمريكا بتوخي الحذر في الموافقة على طلبات الهجرة وتأشيرات العمل من الدول الخارجية وكانت ضجة إعلامية من وسط وادي السيليكون Silicon Valley لأن كثيرا من المبتكرين والمهندسين تجاوزوا مدد العمل المتاحة لهم وعدد التأشيرات المطلوب يفوق المسموح.
بدأت بعدها شركات الاستثمار الجريءVenture Capital تقيم المسابقات والمؤتمرات لاستقطاب رؤوس وأدمغة من خارج البلاد، وأصبحت لا تتغاضى عن أي مبتكر بارع بصرف النظر عن موقعه في الكرة الأرضية سواء بالتمويل أو الشراكة أو أي دعم ممكن.
وهنا يتضح لنا أن انتشار التقنية بين مختلف فئات البشر يمكن أن يؤدي إلى مستقبل أكثر ازدهارا وانفتاحا وعدالة لأنه يمنح الفرصة للكثير من المواهب الدفينة التي لم تجد متنفسا لها في بلادها أو بظروفها القاهرة.
أما في الدول العربية فنشاهد تقدما ملحوظا لمنصات التقنية والبيئة الداعمة للابتكار Ecosystem مزدهرة في الأردن ودبي ومصر وبدرجة أقل في السعودية. ومن المهم ملاحظة أن البيئة الداعمة للابتكار تتكون من عدة عناصر: رأس المال البشري، المعامل والجامعات، المشرفين والمعلمين (مختصي المجال)، التمويل، السوق والتسويق، القوانين الداعمة وتقليل البيروقراطية وهكذا.
ومنذ عام 2014 بدأت مسابقة MITEF Pan Arab المميزة التي تتخصص في ريادة الأعمال العربية ومؤسسها المهندس محمد عبد اللطيف جميل في استعراض المشاريع العربية بمؤتمر TCDisrupt في سان فرانسيسكو، ونفخر هذا العام بالمشروع السعودي هناك متمثلا في شركة يوتيرن الإنتاجية الفنية بقيادة رئيسها المتميز قسورة الخطيب. نتمنى لهم التوفيق والنجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي