هدية الإنجاز لأكثر الحجاج .. زيارة المدينة «الطيبة»
يتوقع أن يصل إلى المدينة المنورة في الموسم الثاني لاستقبالها للحجاج، الذي بدأ أمس، نحو 840 ألف حاج، وهو رقم يقترب من الرقم المسجل في الموسم الأول الذي كان قبل أداء الفريضة للحجاج، حيث سجل نحو مليون زائر، غير أن أغلبية الزوار يفضلون الموسم الثاني في المدينة المنورة، لكونه يعد بمثابة مكأفاة الفوز لأدائهم الفريضة، وخير ما يذكرون به المناطق المقدسة.
وحول هذا المعني يقول بعض الحجاج: "إن الموسم الثاني يعد الأفضل على المستوى العملي، حيث يسهل الشراء والتبضع قبل وقت قصير من العودة إلى الأوطان"، فيما يقول حاج آخر: "هل من هدية لإنجاز الحج أجمل من زيارة المدينة المنورة؟! بهذا التعجب المصاغ بلهجة التساؤل، يفسر الحاج المصري ممدوح عبدالمقصود، اتجاه كثير من مواطنيه إلى المدينة النبوية بعد انقضاء فريضة الحج وأدائهم الركن الخامس من أركان الإسلام.
يتجه عبدالمقصود ومعه شرائح كثيرة وصلت للتو من مكة المكرمة إلى المسجد النبوي الشريف، حيث الثمرة المقصودة لهذه الزيارة، فكثيرون أيضا يتجهون إلى هناك بهدف الزيارة للرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام، لكن التوجه الديني العام يقتضي أن تزار المدينة لغرض الصلاة في المسجد النبوي، باعتبارها تعدل ألف صلاة في حين تكون الزيارة لقبر الرسول وصاحبيه كعمل إضافي لا كمسبب رئيس للزيارة.
وتختلف مشارب القادمين إلى المدينة المنورة من الأعراق والثقافات كافة، إلا أنهم جميعا يظهرون سعادة وراحة عظيمة في المدينة، تجعلهم يطيلون مدة مكثهم فيها، كما يقول العراقي مرتضى الشمري الذي يشير إلى رغبتهم في التأخر أكثر في المدينة النبوية، لاعتبارات الراحة والسكينة في أحضانها، لافتا إلى منطقة الروضة الشريفة، باعتبارها روضة من رياض الجنة، كما جاء في الحديث الشريف، إلا أن الشمري يأخذ على المنظمين للمكان عدم مكافحة مشكلة التكدس الكبيرة الموجودة.
وتتحرك الأسواق تبعا للحركة المتزايدة باتجاه المدينة مع وفود الآلاف حتى الآن، في موسم يتوقع أن تصل فيه أعداد القادمين من حجاج مكة إلى 856 ألف حاج، يقضون في المدينة النبوية أياما قبل أن يغادروا إلى بلدانهم، وهو ما جعل عديدا من محال الهدايا وبيع الأجهزة الإلكترونية تنشط في هذه الأثناء، وسط توقعات أن تبلغ المبيعات أرقاما قياسية في ظل معدلات إنفاق متساوية لدى الزوار، مع ما كانت تشهده المواسم الماضية، إلا أن الأعداد المتوقعة لأعداد الزوار تبدو من بين الأكبر التي تشهدها المدينة المنورة.
وأشار بعض حجاج الدول الآسيوية، إلى رغبتهم في اقتناء هدايا بسيطة تحمل عبق المدينة، في حين تشير جنسيات آسيوية أخرى، إلى الحاجة العملية للشراء من المدينة، على اعتبار أن ما في المملكة من خيارات للبضائع خصوصا فيما يتعلق بالإلكترونيات، هو أكثر مما في بلدانهم أو في أحيان هو أقل تكلفة.
إذن، تبدو زيارة المدينة لكثير من الحجاج خيارا دينيا ودنيويا بامتياز، إذ إضافة إلى المزارات الدينية المتنوعة التي تتوق إليها نفوس المؤمنين، تنتشر المحال التجارية والفرص الاقتصادية أمام الزوار، وهو ما قد يأخذ أحيانا من بعض الباعة خصوصا من الأجانب على سبيل الاستغلال للمكانة الدينية للمدينة في نفوس زوارها، إذ يردد بعضهم بصوت يسمعه المارة نداء تجاريا لبضائع بسيطة باعتبارها من المدينة، في حين يمكن بسهولة اكتشاف أنها مصنعة في الصين، كما يؤكد أحد أبناء المدينة الذي سمع التاجر الذي ينتمي لجنسية آسيوية، فأوقفه في الحال طالبا الإثبات على ما يدعيه من أنها بضاعة مصنوعة في المدينة، فأسقط في يده واعترف بأنه فقط يريد أن يسوق بضاعته.
وتبقى المدينة في عيون أبنائها المخلصين، درة يجب الحفاظ عليها من تلوث النفوس المستغلة وجشع الطامعين المؤذين، لتدوم لـ "طيبة الطيبة" سمعة طالما أبقتها في عيون المسلمين.. المدينة الطيبة وأهلها الطيبين.