عندما يبدع القطــاع الخاص

أنا موظفة في القطاع الخاص. هناك 1.5 مليون مواطن مثلي 40 في المائة منهم إناث وذلك من 2011 حتى 2015 (المصدر: صندوق تنمية الموارد البشرية). عدد الملتحقين بالقطاع يرتفع بمتوسط بضع مئات من الآلاف سنويا، لكننا ما زلنا نرى أن القطاع العام هو الوجهة المفضلة لطالب العمل السعودي.
ما الذي يجذبني إلى القطاع الخاص؟ أحب فيه إمكانية الإبداع والتطوير التي تتميز بها مؤسساته بمختلف أذرعتها وبرامجها.
فمن صنوف التجارة إلى فنون الإدارة حتى وسائل التمويل والحسابات كلها يمكن أن تتحول من آلات رتيبة وموظفين "طفشانين" إلى دينامو مليء بالحراك والتجديد والإبهار.
إجمالا، يمكن تقسيم أنواع الأنشطة في القطاع الخاص إلى ثلاثة أقسام رئيسة: المنتجات والخدمات والخدمات المساندة. المنتجات هي ما يشتريه المستهلك بشكل مباشر ويشمل السلع بأنواعها، أما الخدمات فهي ما يتلقاه المستهلك لقاء أجر مدفوع مسبقا أو لاحقا، أما الخدمات المساندة فهي تعتبر الركيزة التي تقوم على أساسها جميع الأنشطة مثل المحاسبة والتسويق والتقنية والمعلومات وهي موجودة في كل منشأة (بالقطاع العام أو الخاص). القطاع العام يتعامل مع "الفرد" والخاص يتعامل مع "المستهلك". القطاع العام لا يكترث كثيرا للمنافسة لكن القطاع الخاص لا يستقيم إلا بها، ومن هنا تنبثق مسألة الاختيار والمنافسة والاحتكار والربحية والتسويق. القطاع العام يهتم بتأمين أساسيات العيش أما القطاع الخاص فيهتم برفع رفاهية المواطن (بشتى درجاتها). إحدى خصائص القطاع العام في مختلف الدول هي بطء الأداء والبيروقراطية وتدني مستوى الجودة (مع الفوارق بين الدول)، أما القطاع الخاص فمستوى أدائه يتطور بفعل الطلب الاستهلاكي والمنافسة.
مؤسسات القطاع الخاص تدار من قبل أفراد وتتميز في سياساتها وأساليبها لمصلحة الملاك وحملة الأسهم؛ وهي مؤسسات ربحية تخضع للمنافسة والسوق الحرة (في الاقتصاديات المتقدمة) وبالتالي تخضع أكثر لقوانين العرض والطلب ورغبة المستهلك.
اضطررت بالأمس لزيارة إحدى مؤسسات قطاع الرعاية الصحية التي تقدم خدمات الرعاية "الممتدة" للمرضى ذوي الحالات الحرجة المستديمة والميؤوس من علاجها وهي إحدى مؤسسات مجموعة عبد اللطيف جميل. مجموعة عمائر مرتبة ومتناسقة في حي الرويس المتواضع بجدة. أعجبتني مهنية موظفة الاستقبال وترتيب المكان دون تكلف أو بذخ وإبداع الأفكار في تنسيق المباني.
أصبحت مؤسسات المجموعة علامة فارقة في مدينة جدة فمن «باب رزق جميل» (للتوظيف والتمكين) إلى أكاديمية نفيسة شمس (لتدريب السيدات) إلى مركز الرعاية الصحية الممتدة (Extended care) حتى المعالم الجمالية للمدينة بأطول سارية علم في العالم. عندما تدخل إلى إحدى هذه المؤسسات تشعر بالفارق في نفسية الموظف ومهنية التعامل ومستوى الخدمة والطاقة الإيجابية في المكان. ورغم أن القوانين والأنظمة قد تشكل عائقا أمام بعض صنوف التغيير لكنها لا تمنع المكان من أن يكون نظيفا أو جميلا أو منظما.
مع الوقت يمكن أن تتغير النظرة للقطاع الخاص بحيث يصبح الوجهة المفضلة للقوى العاملة وتنتقل التنافسية من مجرد تقديم خدمة أو منتج ممتاز إلى بيئة عمل مميزة مطلوبة. كل شيء يخضع في النهاية للعرض والطلب وإبداع القطاع الخاص خير مثال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي