اقتصاديات 2015 «2»
مر العالم بأحداث دراماتيكية هذا العام على جميع المستويات: السياسية والاقتصادية والتقنية والاجتماعية، واليوم نكمل ما بدأنا به في مقال الأسبوع الماضي.
تشهد المملكة تغيرات اقتصادية مجتمعية بفعل عاملين رئيسين:
- التقنية وتأثيرها في المجتمع، وبالتالي الحركة الاقتصادية في البلاد.
- جيل الشباب. يجدر الذكر بأن معدل النمو السكاني في 2015 بلغ 1.2 في المائة، وهو أعلى بقليل من المتوسط في الدول العربية، وضعف المعدل العالمي.
مما لا شك فيه أن متطلبات وتوقعات الجيل الحالي "مواليد بين عامي 1990-1999" تختلف عن توقعات الجيل السابق، حيث تبلغ أعمارهم بين 15-25 سنة أي في المرحلة الثانوية، وحديثي التخرج من الجامعة. من أمثلة هذا التغيير التطلعات المهنية للمستقبل، بدءاً من التعليم، فنجد الإقبال على دراسة الأعمال والمالية، وكل ما يتعلق بالمستقبل المالي.
من الأنشطة التي تشهد إقبالا واضحا من هذه الفئة المتاجرة بالأسهم، والرغبة في زيادة الثروة، من خلال الادخار والتخطيط المالي، حيث بات الوعي بالمسألة إحدى سمات الجيل الحالي. أيضاً تحول الإقبال على المشاريع الواعدة والتجارة الإلكترونية من رغبة وهواية إلى ممارسات فعلية وأنشطة تجارية، تقدر بمئات الملايين سنويا في السعودية والمنطقة.
لوحظ كذلك انخفاض مستوى الفارق "والحاجز" الاقتصادي بين الرجل والمرأة، وذلك بفعل عدة عوامل، منها زيادة القوى العاملة النسائية "رغم أرقام البطالة"، وتنوع الأنشطة التي تمارسها، وانخفاض الفجوة في الراتب بين المرأة والرجل، وتوجه القطاع الخاص إلى التوظيف المبني على الكفاءة "أكثر من ذي قبل".
وبجانب معضلة المواصلات داخل وخارج المدن التي تعانيها المرأة، فإنها "المرأة" تجاوزت كثيرا من التحديات المالية الناجمة عن الطلاق أو الترمل أو ضعف الحالة المادية للزوج، فنجدها تساعد الزوج أو الأب على تحمل الأعباء المالية الأسرية.
أصبح جيل اليوم أكثر إيجابية من الجيل السابق، بفعل تقنية التواصل مع العالم، حيث أصبح الشباب يقارن نفسه وتطلعاته بأقرانه في العالم المتقدم، بل وأصبح يحلم بالانتقال للمعيشة حيث يجد الرزق، وما يلبي طموحاته. وحتى على المستوى الداخلي نرى الوصمات الاجتماعية لبعض المهن تتلاشى، فأصبح الشباب يوظف سيارته لتوصيل النساء، دون النظر إلى هذا العمل بشكل دوني، بل أصبح الشاب السعودي من أساسيات ازدهار التجارة الإلكترونية التي تديرها سيدات وشابات سعوديات، حيث يتم التعاقد معهن لإيصال المشتريات والسلع في جميع مناطق المملكة، وأصبحت سوق "المواصلات" تنظم نفسها تدريجياً وسعرياً ومعلوماتياً، وذلك بعد فشل كل وزارات النقل في تحسين أداء القطاع.
نستطيع أن نصف عامي 2014 و2015 بعامي التغير الهادئ للبنية التحتية البشرية، حيث ارتفع سقف الأداء الشبابي، وازداد اعتمادهم البيني على تطوير حياتهم وأعمالهم، دون انتظار المحفزات الخارجية مثل القطاع العام وغيره.
أتمنى أن تتبنى الدولة مزيدا من المبادرات الشبابية كما فعلت منذ عام 2011، وتواصل مسيرة تمكين الشباب في جميع القطاعات، وتذليل العقبات، وسنجد مزيدا من الإبداع والأمل والإيجابية في بلادنا، بإذن الله.