القمة الخليجية .. الطريق إلى المواطنة الاقتصادية الكاملة

القمة الخليجية .. الطريق إلى المواطنة الاقتصادية الكاملة

رحب المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وشكر خادم الحرمين الشريفين على ما ورد فيها من مضامين سامية لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون ومكانته الدولية والإقليمية، واعتمد المجلس هذه الرؤية، وكلف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة بتنفيذ ما ورد فيها، على أن يتم استكمال التنفيذ خلال عام 2016.
وصدر عن الدورة السادسة والثلاثين للمجلس التي عقدت في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز البيان الختامي الذي جاء فيه:
تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عقد المجلس الأعلى دورته السادسة والثلاثين في مدينة الرياض، بتاريخ 27 - 28 صفر 1437هـ الموافق 9 - 10 ديسمبر 2015م، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى، وبحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، وفهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت.
وشارك في الاجتماع الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وهنأ المجلس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على توليه رئاسة الدورة الحالية للمجلس الأعلى، مقدراً ما ورد في كلمته الافتتاحية، وحرصه على تفعيل مسيرة التعاون بين دول المجلس في كافة المجالات. وعبر عن بالغ تقديره وامتنانه للجهود التي بذلها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، وحكومته، خلال فترة رئاسته الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى وما تحقق من خطوات وإنجازات مهمة.
واطلع المجلس على ما وصلت إليه المشاورات بشأن مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ووجه المجلس الوزاري باستمرار المشاورات واستكمال دراسة الموضوع بمشاركة رئيس الهيئة المتخصصة في هذا الشأن، وفق ما نص عليه قرار المجلس الأعلى بهذا الشأن في دورته الثالثة والثلاثين التي عقدت في الصخير في البحرين في ديسمبر 2012.
وأكد المجلس دعمه الكامل للإمارات لاستضافتها "إكسبو 2020"، كما أكد وقوفه مع قطر لاستضافتها كأس العالم لعام 2022م، ودعم دول المجلس قطر في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى نجاح المونديال.
واستعرض المجلس الأعلى توصيات وتقارير المتابعة المرفوعة من المجلس الوزاري، وما تحقق من إنجازات في مسيرة العمل المشترك، منذ الدورة الماضية في كافة المجالات، وعبر عن تقديره الجهود المبذولة لتعزيز مسيرة التعاون المشترك، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بتعزيز المواطنة الخليجية بما يحقق لمواطني دول المجلس مزيدا من الاندماج والتكامل بين دول مجلس التعاون، التي تشكل إنجازات مهمة في مسيرة المجلس المباركة، والدفع بها إلى آفاق أرحب وأشمل.
وفيما يتعلق بمسيرة العمل المشترك، لنشر الوعي بما حققه مجلس التعاون من مكتسبات للمواطن الخليجي، كلف المجلس الأعلى الأمانة العامة بالاستمرار في عقد لقاءات تعريفية، وحملات توعوية في دول المجلس لهذا الغرض بوسائل الإعلام المختلفة، مع التركيز على ما يقوم به المجلس لتحقيق رفاه المواطن الخليجي والحفاظ على أمنه ومكتسباته.
وفي جانب الشؤون الاقتصادية والتنموية، ناقش المجلس مسيرة التعاون الاقتصادي والتنموي المشترك، وبهدف تحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، وجه المجلس بأن تقوم الأمانة العامة بتشكيل لجنة من المختصين والمفكرين من أبناء دول المجلس لاقتراح مرئيات للوصول إلى المواطنة الاقتصادية الكاملة، على أن يؤخذ في الحسبان متطلبات واحتياجات التنمية المستدامة في دول المجلس، ورفع تنافسية القوى العاملة الوطنية.
واطلع المجلس على توصيات وتقارير المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة، واعتمد النظام "القانون" الموحد لحماية المستهلك في دول مجلس التعاون كقانون إلزامي. كما اعتمد القواعد الموحدة للاستحواذ في الأسواق المالية في دول المجلس والعمل بها بصفة استرشادية، لحين الانتهاء من إعداد منظومة القواعد والمبادئ الموحدة لتكامل الأسواق المالية في دول المجلس بشكل كامل ومواءمتها وتوافقها مع بعضها البعض. واعتمد اللائحة التنفيذية الخاصة بمساواة مواطني دول المجلس في الاستفادة من الخدمات الصحية في المستوصفات والمستشفيات الحكومية التابعة لوزارات الصحة في كل دولة، ودليل إجراءات المخزون الاستراتيجي للأدوية والأمصال والمستلزمات الطبية في الحالات والأزمات الطارئة وقائمة الإمدادات الطبية في دول المجلس.
كما اطلع المجلس على التقارير المرفوعة بشأن سير العمل في الاتحاد الجمركي لدول المجلس، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي، والخطة الخليجية "المحدثة" للوقاية من الأمراض غير السارية "غير المعدية"، واستراتيجية المياه، والتعليم، والشباب، واطلع على تقرير حول مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، مؤكدا أهمية الالتزام باستكمال الأعمال المطلوبة لتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي وفق قرارات المجلس السابقة.
وفيما يتعلق بالعمل العسكري المشترك، صادق القادة على قرارات مجلس الدفاع المشترك في دورته الرابعة عشرة بشأن مجالات العمل العسكري المشترك، وكان في مقدمتها الخطوات الجارية لتفعيل القيادة العسكرية الموحدة، واعتماد الموازنة المخصصة لها ومتطلباتها من الموارد البشرية.
وفيما يختص بمكافحة الإرهاب، أكد المجلس مواقفه الثابتة في نبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكاله وصوره، وأكد التزامه بمحاربة الفكر المنحرف الذي تقوم عليه الجماعات الإرهابية وتتغذى منه، بهدف تشويه الدين الإسلامي البريء منه.
وشدد المجلس على ضرورة التعامل بكل حزم مع ظاهرة الإرهاب الخطيرة، والحركات الإرهابية ومن يدعمها، مشيدا بجهود الدول الأعضاء في هذا الخصوص على كافة المستويات الدولية والإقليمية.
وأدان المجلس بشدة التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مساجد في كل من السعودية والكويت، كما أدان الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها البحرين وراح ضحيتها عدد من رجال الأمن والمدنيين الأبرياء، وأشاد المجلس بإحباط الأجهزة الأمنية عمليات تهريب لمواد متفجرة شديدة الخطورة، وأسلحة وذخائر مصدرها إيران إلى البحرين، وأعرب عن وقوف دول المجلس ومساندتها في كل ما تتخذه السعودية والكويت والبحرين من إجراءات لحماية أمنها وضمان سلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها، معربا عن ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية على كشف ملابسات هذه الجرائم الإرهابية وتقديم مرتكبيها إلى العدالة والمساءلة.
وفي الجانب السياسي، عبر المجلس عن مواقفه الثابتة والراسخة حيال قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكداً أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967م، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، طبقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وجدد المجلس التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة للإمارات، كما أكد اعتبار أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة وملغاة، ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، ودعوة إيران للاستجابة إلى مساعي الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
وحول العلاقات مع إيران، أعرب المجلس عن رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وطالب بالالتزام التام بالأسس والمبادئ والمرتكزات الأساسية المبنية على مبدأ حسن الجوار.
كما أكد المجلس ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة دول "5 + 1" في يوليو 2015م، بشأن برنامج إيران النووي، مشددا على أهمية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا الشأن وضرورة تطبيق آلية فعالة للتحقق من تنفيذ الاتفاق والتفتيش والرقابة، وإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال حال انتهاك إيران التزاماتها طبقاً للاتفاق.
وأكد المجلس أهمية جعل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية، مؤكدا حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وضرورة معالجة المشاغل البيئية لدول المنطقة، وتوقيع إيران على كافة مواثيق السلامة النووية.
وأكد المجلس مواقفه الثابتة في الحفاظ على وحدة سورية واستقرارها وسلامتها الإقليمية. وأعرب عن بالغ القلق إزاء تفاقم الأزمة السورية وتدهور الأوضاع الإنسانية في ظل استمرار نظام الأسد والميليشيات الداعمة له في عمليات القصف والقتل وما تحمله من تداعيات خطيرة بحق المدنيين في انتهاك صارخ لمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وما أسفرت عنه من تزايد مستمر في أعداد النازحين واللاجئين داخل سورية وفي دول الجوار.
وأشاد المجلس الأعلى باستضافة السعودية لمؤتمر المعارضة السورية خلال الفترة 8 - 10 ديسمبر 2015م في الرياض، دعما منها لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية، ووفقا لمقررات جنيف 1.
ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته بدعم اللاجئين من سورية، ونوه بالجهود والمساعدات التي تقدمها دول مجلس التعاون لتخفيف المعاناة الإنسانية للنازحين واللاجئين من الشعب السوري الشقيق.
ورحب المجلس بقرار مجلس الأمن رقم 2235 أغسطس 2015م، المتعلق بإنشاء آلية مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، لتحديد المسؤولين عن استخدام المواد الكيماوية بما في ذلك غاز الكلور خلال النزاع في سورية، معتبرا ذلك رسالة من المجتمع الدولي للتصدي لاستخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً، وطالب بتعاون جدي من المجتمع الدولي في هذا الشأن لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وفي الشأن اليمني، أشاد المجلس بالانتصارات التي حققتها المقاومة الشعبية والجيش الموالي للشرعية ضد ميليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح، وتحرير عدن وعدد من المدن والمحافظات اليمنية، مؤكدا استمرار الدعم والمساندة للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته الشرعية ومواصلة العمل لإعادة الأمن والاستقرار لكافة ربوع اليمن الشقيق.
وأكد المجلس الالتزام الكامل بوحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، كما أكد أهمية الحل السياسي وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015).
وأعرب المجلس عن إدانته الشديدة لانتهاكات ميليشيات الحوثي وصالح الجسيمة بحق المدنيين، من أعمال قتل واختطاف واحتجاز، وتجنيد الأطفال، ومحاصرة المدنيين واستخدامهم دروعا بشرية، واستهداف الأحياء المدنية بالقصف والتدمير، وتعذيب الأسرى، والاعتداء على الحريات السياسية والإعلامية، وانتهاكات بحق الممتلكات الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية والطبية، وممارساتها غير المسؤولة لعرقلة المساعي الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة أنحاء اليمن، ما يعتبر خرقا واضحا للقانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان.
وفي الشأن العراقي، أعرب المجلس عن أمله في أن يؤدي قرار الحكومة العراقية ومجلس النواب باتخاذ خطوات عملية لمعالجة الفساد، وتردي الأوضاع الخدماتية، إلى تصحيح مسار العملية السياسية، بما يحقق مشاركة فاعلة لجميع أطياف الشعب العراقي، وتنفيذ كافة الإصلاحات التي سبق الاتفاق عليها عام 2014م، تحقيقاً للمطالب التي ينادي بها الشعب العراقي الشقيق.
وأكد المجلس مجددا دعمه قرار مجلس الأمن رقم 2107/2013، الذي قرر بالإجماع إحالة ملف الأسرى والمفقودين وإعادة الممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني إلى بعثة الأمم المتحدة UNAMI لمتابعة هذا الملف، داعيا إلى مواصلة الحكومة العراقية جهودها وتعاونها مع دولة الكويت والمجتمع الدولي في هذا الشأن.
وأكد المجلس الحل السياسي للوضع في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، وحث جميع أطراف الأزمة على تغليب المصلحة العليا لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا. كما أكد دعمه الكامل للحكومة الشرعية، وعبر عن شكره لجهود بيرناردينو ليون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، لما قام به من دور في إدارة الحوار السياسي الليبي، متمنيا التوفيق لمبعوث الأمين العام الجديد مارتن كوبلر في إيجاد حل سياسي يتوافق عليه الفرقاء الليبيون.
وقرر المجلس تجديد تعيين الدكتور عبد اللطيف الزياني أميناً عاماً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لمدة ثلاث سنوات أُخرى تبدأ من أول أبريل 2017م، وذلك تقديراً للجهود الكبيرة التي يبذلها الأمين العام، وإسهامه الفعال في تعزيز مسيرة المجلس، متمنياً له التوفيق والنجاح في مهامه خلال الفترة المقبلة.
وعبر المجلس عن بالغ تقديره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى، ولحكومته الرشيدة، ولشعب السعودية العزيز، للحفاوة وكرم الضيافة، ومشاعر الأخوة الصادقة التي قوبل بها قادة دول المجلس والوفود المشاركة.
ورحب قادة دول مجلس التعاون، بدعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، إلى عقد الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في البحرين، في العام المقبل 2016م.

الأكثر قراءة