230 مليار دولار رؤوس أموال خليجية مستثمرة في «دول التعاون»
كشف لـ"الاقتصادية" الدكتور عبداللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عن ارتفاع رؤوس الأموال الخليجية "مؤسسات وأفرادا" في دول مجلس التعاون، من 16 مليارا في عام 1995 إلى 230 مليار دولار خلال العام الجاري 2015، أي (بنسبة ارتفاع 1300 في المائة خلال 20 عاما)، لافتا إلى أنه مؤشر على قوة السوق وثقة المستثمرين الخليجيين في المنطقة.
وأعرب الزياني عن تفاؤله بشأن مسيرة العمل الخليجي المشترك على جميع الأصعدة، خاصة الأمنية والاقتصادية منها في ظل الخطوات التي حققها مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تجاه التحديات الكبيرة التي تعصف بالمنطقة.
وأكد أن هناك رغبة جدية لرفع مستوى التنسيق والتعاون والتكامل فيما بين دول مجلس التعاون في المجالات المختلفة، كما أن تبني رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عكس اهتمام وحرص قادة دول المجلس في قمة الرياض على تعزيز التعاون الخليجي.
وأوضح، أنه تجلى ذلك في إعلان الرياض الذي أكد على الجانب الاقتصادي التنموي في العمل الخليجي المشترك، كتأكيد على مسألة الاتحاد الجمركي وإزالة أي عقبات موجودة للوصول به إلى وضعه النهائي، وتسهيل إجراءات المنافذ الحدودية، والعمل على تحقيق المساواة التامة بين المواطنين تنفيذا لما نصت عليه المواطنة الاقتصادية الخليجية.
وأشار إلى أن القادة الخليجيين حثوا على ضرورة الانتهاء من نظام الهيئة القضائية الاقتصادية، على أن يكون الانتهاء من جميع تلك الأمور خلال العام المقبل 2016، خلال رئاسة السعودية للمجلس.
وأضاف، كما أن أمانة المجلس بدأت فعليا بالعمل على تنفيذ توجيهات القادة، سواء بإعداد الملفات الخاصة بهذه الأمور، أو التحضير لاجتماعات المسؤولين الخليجيين المعنيين بالتنفيذ، علاوة على أن المجلس الوزاري وجه بعقد اجتماعات استثنائية دورية للانتهاء من بحث جميع الأمور التي وردت في رؤية خادم الحرمين تحضيرا للقاء التشاوري المرتقب للقادة في منتصف العام المقبل 2016.
وفيما يتعلق بالمشاريع التي تقام تحت مظلة مجلس التعاون، أشار الزياني إلى أن هناك مشاريع كبرى جرى تنفيذها أبرزها مشروع الربط الكهربائي، الذي تعامل مع أكثر من 200 انقطاع كهربائي في دول المجلس خلال العام الجاري 2015م، دون أن يشعر بها المواطنون في البيوت والمستشفيات والمنشآت التجارية، لوصول التيار بشكل فوري من إحدى الدول الخليجية الأخرى في ثوانٍ، ما يسهم في تشجيع الاستثمار وإعطاء المصداقية للشركات.
وتابع، كما أن هيئة الربط الكهربائي الخليجي تعد من أكبر 18 شركة في العالم، وخلال العام الجاري 2015م نجحت الشركة في توفير أكثر من 215 مليون دولار أمريكي، وهو نجاح يعود للقادة الذين نجحوا في إقامة مشاريع اقتصادية عملاقة في المنطقة.
واستطرد، "كما وجه قادة دول المجلس إلى التقيد بالبرنامج الموضوع لسكة الحديد الخليجية، وهو مشروع اقتصادي كبير، كما وجهوا بسرعة الانتهاء من تحويل القوانين الاسترشادية إلى قوانين ملزمة تخص التشريعات الاقتصادية، خلال عام 2016، مثل القانون التجاري الموحد، قانون المنافسة، قانون مكافحة الغش التجاري، وغيرها من التشريعات الاقتصادية التي تساعد على إيجاد البيئة القانونية التشريعية للمستثمرين لتسهيل التبادل التجاري، إذ تم الانتهاء من تحويل 45 قانونا ودليلا موحدا، وحاليا يعمل المجلس على تحويل 110 قانون استرشادي، إلى قوانين ملزمة وموحدة في دول المجلس ما يعزز التكامل بين دول المجلس".
وأوضح، أن قمة الرياض شهدت إقرار قانون خليجي موحد لحماية المستهلك، وتم توجيه الأمانة العامة للتنسيق مع جمعيات حماية المستهلك في دول المجلس بهذا الشأن، كما وجه القادة إلى ضرورة الشراكة مع القطاع الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد بعقد اللقاءات التشاورية الدورية بين وزراء التجارة والغرف التجارية.
من جهته، أوضح لـ"الاقتصادية" عبدالرحيم نقي، أمين عام اتحاد غرف التجارة والصناعة بدول مجلس التعاون الخليجي، أن مؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي ركز في توصياته الخاصة بالقطاع الاقتصادي على عدة محاور أهمها، أهمية عقد لقاء سنوي مع وزراء التجارة في دول الخليج ورؤساء الغرف التجارية الصناعية في المنطقة لمناقشة كل الأمور المتعلقة بالجانب الاقتصادي.
وأضاف، "ركزت التوصيات على الشراكة بين القطاعين العام والخاص وأهميتها في المرحلة المقبلة، بناء على توصية من الهيئة الاستشارية بأمانة المجلس واللقاء المشترك بين الوزراء، ومجلس الغرف الخليجية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي".
وأوضح "نقي" أن البيان ركز على التوصيات على أهمية الاتحاد الجمركي الخليجي وأهمية المضي قدما في تطبيقه لأنه دخل حيز التنفيذ في 2015 ولم يتم تطبيقه على أرض الواقع حتى الآن، مشيرا إلى أن التوصيات تشدد على ضرورة الإيعاز لوزارات المالية والجمارك الخليجية بضرورة إنفاذ هذا المشروع. موضحا أن النقطة الرابعة التي ركزت عليها التوصيات تتعلق بإنشاء الهيئة القضائية وفق زمن محدد التي يعول عليها في حل المشكلات والموضوعات التي تواجه عملية الاتحاد الخليجي، وهو ما يخضع للاتفاقية الاقتصادية الموحدة في المادة (27).
وأفاد نقي بأن التوصيات نصت على عقد لقاء فكري مع الخبراء والمختصين في دول الخليج للخروج بتصور اقتصادي للمستقبل الاقتصادي في دول الخليج، واعتبار النفط سلعة استراتيجية يجب الحفاظ عليها لتحقيق الأمن في المنطقة، مشيرا إلى إعادة النظر في المنظمات والمكاتب ومراكز الدراسات الخليجية الموجودة في دول الخليج، وضمها تحت الأمانة العامة لدول المجلس، وفق دراسة.
وحول تأخر تطبيق الإجراءات الجمركية وتفعيل الاتحاد الجمركي، بحيث تفحص السلع وتجمرك من أول منفذ جمركي تمر عليه في دول المجلس، قال نقي، "إنه على الرغم من إصدار القادة في دول الخليج قراراتهم في 2005 حول إقرار النظام الجمركي الموحد ليدخل حيز التنفيذ في 2015، إلا أنه لم يطبق بعد، وقد عقد اتحاد الغرف الخليجية مع وزراء التجارة في دول الخليج في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وأشاروا إلى أن هذه الخطوة تعد تحديا يواجه الوزارات بشكل كبير، وهذا يعود للبيروقراطية التي تسير عليها وزارات المالية في دول المجلس، وهو ما يحتاج إلى طرد العقليات التي تتعامل مع هذا الموضوع، وهو ما يتطلب كذلك دورا أكبر من الحاكم لتفعيل الاتحاد الجمركي".
وأشار نقي إلى أن القارئ لبيان الرياض ولتوصيات القمة الخليجية يرى أن القمة الخليجية في الرياض خطت خطوة عملية في الاتجاه الصحيح لتفعيل الاتحاد الخليجي في المجال الاقتصادي، بقيادة المملكة العربية السعودية التي تريد أن تفعل السوق الخليجية المشتركة فعلا وليس قولا، بحكم الامتيازات التي تتمتع بها كأكبر اقتصاد خليجي في المنطقة، ولديها ثاني صندوق سيادي، والدولة العربية الوحيدة ضمن مجموعة العشرين، علاوة على أنها قبلة المسلمين الأولى.
واعتبر نقي أن القمة الخليجية انتهت بنتائج إيجابية في قراراتها وتوصياتها، كما أن الأمانة العامة في مجلس التعاون الخليجي، وضعت رجلها على أول هذا القرارات في اتجاه تصحيح الأوضاع واعتماد تفعيلها، مستدركا بأن دول المجلس تحتاج إلى أدوات لتفعيل القرارات، وليس للخروج بمزيد من القرارات التي تبدأ بإصدار آليات قانونية داخلية تعطي الصفة القانونية لإصدار هذا القرار.
وشدد نقي في حديثه، على أن تفعيل الاتحاد الجمركي، على سبيل المثال، يتطلب تفعيل الأنظمة والقوانين داخل المملكة أولا، إذ إن المملكة العربية السعودية تعد الموقع الاستراتيجي والاقتصادي الفعال لدول الخليج، فهي التي تملك الحدود الجغرافية كلها، وهي قادرة على تسهيل حركة التجارة من خلال تفعيل آلية معينة وإيجاد مخارج لهذا الأمر، مشيرا إلى أهمية تفعيل إجراءات الاتحاد الجمركي بين السعودية والكويت وجعلها نقطة جمركة نموذجية واحدة، نظرا لتقارب الأنظمة، وهو ما سيقلص الكثير من الإجراءات الجمركية، الوقت، الرسوم الإدارية، والجهاز الوظيفي للجمارك والجوازات الخليجية.
#2#
يذكر أن إعلان الرياض للدورة الـ 36 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون في الرياض، قد دعا دول المجلس إلى الاتفاق على استكمال ما تبقى من متطلبات الاتحاد الجمركي خلال عام 2016 بعد مرور 13 عاما على تأسيسه في كانون الثاني (يناير) 2003 وذلك لتعزيز التكامل بين دول المجلس، ويشمل ذلك إجراءات حازمة لتسهيل وتسريع وتبسيط إجراءات المنافذ الجمركية بين دول المجلس تمهيدا لإلغائها واستكمال المعاملة المميزة لمواطني دول مجلس التعاون في جميع المنافذ دون استثناء.
وقال إنه تم الاتفاق أيضا على استكمال خطوات تفعيل السوق الخليجية المشتركة خلال العام المقبل، ضمن جدول زمني محدد، وذلك لتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في كل المجالات الاقتصادية دون تفريق أو تمييز. وأضاف، أنه تم الاتفاق على تشكيل الهيئة القضائية وفق الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس وقرار المجلس الأعلى في الدورة الـ 23 في كانون الثاني (ديسمبر) 2002 والاتفاق على سرعة استكمال منظومة التشريعات الاقتصادية التي تساعد على تقريب وتوحيد البيئة القانونية في دول المجلس بما في ذلك إصدار النظام أو القانون التجاري الموحد ونظام قانون المنافسة ونظام قانون مكافحة الغش التجاري وحماية المستهلك، واستكمال دراسة تحويل الأنظمة الاسترشادية الحالية إلى أنظمة وقوانين إلزامية ورفعها للقمة المقبلة 2016 لاعتمادها.
من جانبه، يرى الدكتور أحمد الجبير، مختص اقتصادي، أن توصيات اجتماعات قمة الرياض كانت تشدد على محاربة الإرهاب والأمن والاستقرار في المنطقة، وسائر دول العالم، وأن يكون هناك توجهات خليجية للتعامل مع جميع الدول بعلاقات تجارية موحدة، وعلى شكل دول الخليج المتحدة في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، والتكنولوجية والاستثمارية، وفتح أسواق جديدة في دول الخليج، مشيرا إلى أن ذلك سيحقق تطويرا في النمو الاقتصادي، والبحوث والدراسات المشتركة في قطاعات الطاقة، وتنمية البنية التحتية المستدامة، خاصة في مجال التقنية والصناعة، والنقل والمياه والزراعة، والتنسيق بشأن الرؤى والمواقف تجاه القضايا العربية والإقليمية والإسلامية والدولية، إضافة إلى المساهمة في تحقيق السلام العادل لجميع الدول.
وأشار الجبير إلى أن التوصيات التي خرجت بها القمة تشير إلى قرب اتحاد خليجي يدعم انفتاح دول الخليج على العالم بقوة لتأسس لعلاقات سياسية ودبلوماسية، واقتصادية وتنموية متنوعة من أجل التنمية، والتطوير التقني والصناعي والزراعي التي تخدم المواطن الخليجي، والمساهمة في تعزيز الاستقرار الداخلي وتحقيق السلام العالمي، حيث يشهد العالم تحديات كبيرة، ومتغيرات متسارعة، كما تشهد المنطقة أزمات تؤثر بشكل مباشر في دول المجلس.
واستطرد الجبير، "الوحدة الخليجية جاءت متأخرة بعض الشيء بسبب التحديات الاقتصادية والأمنية، ومقاومة الإرهاب، وقد بحث موضوع الاتحاد الخليجي في مقدمة أعمال قمة الرياض، التي كانت مثقلة بعديد من القضايا مثل محاربة الإرهاب والأمن والاستقرار في الخليج وهبوط أسعار النفط وتأثيرها على ميزانيات دول مجلس التعاون التي تعتمد بنسبة 90 في المائة على عائدات النفط، وملفات الاقتصاد، والأمن والإرهاب التي ألقت بظلالها على القمة الخليجية، ونظر فيها زعماء وقادة دول المجلس، واتخذوا حيالها ما يلزم طبقا للأولويات".
وأشار إلى أنه يفترض على المشرفين على مشروع وحدة النقد والمال في الخليج الإسراع بإعادة النظر بشأن العملة الخليجية الموحدة ودراسة مشروع الاتحاد النقدي الخليجي بدقة وعمق والاستعانة بالمختصين المؤهلين من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك للابتعاد عما وقع فيه الاتحاد الأوروبي بخصوص عملة (اليورو EUR) وأخذ العبر والدروس منها وعمل الإعداد الكامل للبيئة المناسبة للعملة الموحدة.
ولفت إلى أن الدراسة الخليجية للوحدة النقدية التي أعدها المشرفون على النقد والمال في الخليج العربي تعد محاكاة للدراسة الأوروبية، وهو المشروع الذي يعدونه المثال الأعلى لهم الذي يقتدى ويحتذى به في إنجاز الوحدة النقدية الخليجية.
وتابع، "هناك إيجابيات وفوائد للعملة الخليجية الموحدة خاصة في تقوية التجارة، استقرار النقد، انخفاض معدلات التضخم، وتعزيز الاقتصاد والاستقرار السياسي بين دول مجلس التعاون الخليجي وتقوية مواقفه في المحافل الدولية، لكن لدينا مشكلة الاعتماد على الآخر؛ ذلك لأن كثيرا من أعمالنا ومشاريعنا تسند إلى غيرنا لتكتمل، ومن ثم يتم البت فيها، والأجدى أن تتم الاستعانة بالمختصين والمستشارين الماليين والاقتصاديين المخلصين من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي لمعرفتهم باقتصاديات المنطقة وتأثيراتها السياسية والاجتماعية، حيث إن دول الخليج مجتمعة ومتحدة تعيش حالة من الوفرة الاقتصادية ولا تحتاج إلى دعم أو مساعدة من أحد، وبذلك نثبت للعالم أننا أمة متقدمة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي".