الدين الحكومي السعودي يعادل 5.8 % من الناتج المحلي في 2015

الدين الحكومي السعودي يعادل 5.8 % من الناتج المحلي في 2015

ارتفع الدين العام للسعودية إلى 142 مليار ريال خلال 2015 بعد إصدار سندات حكومية بـ 98 مليار ريال استثمرت فيها المؤسسات المحلية.
ووفقا لتحليل وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فيعد حجم الدين العام الحالي للسعودية هو الأعلى منذ 2010، حينما كان 167 مليار ريال، وكان يشكل حينها 8.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 1.96 تريليون ريال.
ويشكل الدين العام في 2015، نحو 5.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، البالغ 2.45 تريليون ريال، وهو ما يتوافق مع توقعات "الاقتصادية" في تقرير منشور 27 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، الذي توقع أن يشكل 5.7 في المائة من الناتج.
وارتفع الدين العام خلال 2015 بنسبة 221 في المائة عن مستويات 2014 البالغة 44.3 مليار ريال، الذي شكل 1.6 في المائة من الناتج لنفس العام حينها عند 2.78 تريليون ريال.
ونجحت السعودية خلال 2014 في تخفيض دينها العام للعام الـ 11 على التوالي، ليصل إلى 44.3 مليار ريال، متراجعا بنسبة 26 في المائة عن مستوياته في 2013م، البالغة 60.1 مليار ريال، لتخفض الدولة دَينها العام، بقيمة 16 مليار ريال في آخر عام.
ووفقا لتحليل "الاقتصادية"، تكون السعودية قد سددت 616 مليار ريال من دَينها العام في آخر 11 عاما، لينخفض بنسبة 93 في المائة عن مستوياته في 2003م التي كانت 660 مليار ريال. وكانت أعلى قيمة تم سدادها من الدَّين خلال الفترة من 2004م حتى 2014م، في عام 2005م، حيث تم سداد 150 مليار ريال، ليصل الدَّين العام إلى 460 مليار ريال بعد أن كان في حدود 610 مليارات ريال في 2004م. وكانت ميزانية 2005م، قد سجّلت فائضا في حدود 218 مليار ريال. فيما كانت أدنى قيمة تم سدادها في الفترة نفسها، هي عشرة مليارات ريال في عام 2009م، عندما حققت ميزانية الدولة عجزا في حدود 87 مليار ريال.
يُشار إلى أن الدَّين العام السعودي كان قد تراجع في 2013م للعام العاشر على التوالي، متراجعا بنسبة 39 في المائة عن مستوياته في 2012م، البالغة 99 مليار ريال.
وكان الدَّين العام قد سجّل 660 مليار ريال في 2003م، ومنذ ذلك التاريخ والدولة تنتهج سياسة تخفيضه عاما تلو الآخر، مستفيدة في ذلك من عوائد النفط المرتفعة والفوائض الكبيرة في سداد الدَّين، حتى تقلص إلى 44.3 مليار ريال في 2014م، أقل بنسبة 93 في المائة مما كان عليه في 2003م، وذلك بنسب تخفيض تراوح بين 4 في المائة، كأقل نسبة في 2009م عندما حققت ميزانية الدولة عجزا، و39 في المائة كأعلى نسبة في عامي 2013.
وبلغت نسبة الدَّين 3.4 في المائة من الناتج المحلي بالأسعار الثابتة "الحقيقي" في 2014، حيث من المتوقع بلوغ الناتج 1304 مليارات ريال. فيما كانت نسبة الدين 4.8 في 2013م، حينما كان الناتج 1259 مليار ريال. وتتراجع نسبة الدَّين من الناتج منذ عام 2003م حينما كان الدَّين 660 مليار ريال تشكل 96 في المائة من الناتج البالغ 686 مليار ريال حينها، حتى بلغت نسبته 8.1 في المائة من الناتج لعام 2012م البالغ 1218 مليار ريال. كما تراجعت نسبة الدَّين العام السعودي من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية "الاسمي" للعام الحادي عشر على التوالي، لتصل إلى 1.6 في المائة في 2014م، وهي أقل نسبة في العقد الأخير، بعد أن بلغ الدَّين العام 44 مليار ريال، فيما الناتج المحلي الإجمالي في حدود 2822 مليار ريال.
وكانت نسبة الدَّين العام من "الناتج المحلي" متذبذبة قبل عام 2003م، لكن منذ عام 2004م ونسبته تنخفض بشكل منتظم، حتى تراجعت من 82 في المائة في 2003م، حينما كان الدَّين العام في حدود 660 مليار ريال، والناتج المحلي الإجمالي 805 مليارات ريال، إلى أن وصلت النسبة إلى 3.7 في المائة في 2012م، بعد أن سجّل الدَّين العام 98.8 مليار ريال، مقابل ناتج محلي في حدود 2666 مليار ريال، قبل أن تصل إلى 2.1 في المائة في 2013م.
ويدعم الحكومة السعودية في عملية تخفيض نسبة الدَّين العام من الناتج المحلي، عاملان رئيسان؛ هما الاستفادة من فوائضها الضخمة في السنوات الأخيرة في سداد الدَّين من جهة، وارتفاع معدلات الناتج المحلي الإجمالي من جهة أخرى، بفضل ارتفاع الإيرادات النفطية بشكل مستمر، إضافة إلى نمو الإيرادات غير النفطية، وتحديدا من القطاع الخاص. وقد يتساءل البعض: كيف يكون لدى السعودية دَين عام رغم الفوائض الضخمة المتراكمة في ميزانياتها؟ والسؤال الآخر: هل يعني تراجع حجم الدَّين أنه يجب أن تصل قيمته إلى الصفر؟
للإجابة عن السؤالين، يمكن القول إنه ليس بالضرورة أن يصل الدَّين العام إلى الصفر، بل قد يكون من المستحيل، ذلك لأن عملية طبع النقود لا يمكن أن تتم بدون وجود دَين عام، حيث تستخدم البنوك المركزية السندات الحكومية كغطاء للعملة المصدرة ضمن أصول أخرى، بعد أن كانت تستخدم الذهب مسبقا.
بالتالي، مهما بلغت فوائض الميزانية السعودية، فستستمر الدولة في إصدار سندات للدَّين العام لتستخدمها في تغطية إصدار النقود. وللدَّين العام فوائد عديدة ومهمة، منها إدارة السيولة في الاقتصاد، حيث يمكن استخدام أدوات الدَّين قصيرة الأجل لامتصاص السيولة من الاقتصاد في حالة التضخم، باستخدام أداة عقود إعادة الشراء التي استخدمتها مؤسسة النقد السعودي "ساما" عام 2007م، عندما ارتفع معدل التضخم. والفائدة الأخرى للدَّين العام، هي توفير الفرصة للمؤسسات المالية، ومؤسسات التقاعد والتأمينات، ومؤسسات الإقراض المتخصصة، والأفراد أيضا، لتنويع أصولهم الاستثمارية.
فبدلا من الاستثمار فقط في أصول ذات مخاطر عالية مثل الأسهم، أو في الأصول منخفضة السيولة مثل العقار، يمكن استخدام السندات المصدرة من الحكومة لتنويع الأصول، ما يسهم في تخفيض مخاطر المحافظ الاستثمارية وتعظيم أصولها. وأخيرا، يعتبر وجود دَين عام مصدرا في شكل سندات في كل دولة له أهمية كبيرة، لأنه يعتبر مرجعية أساسية لتسعير الأصول الاستثمارية.
فسندات الحكومة المركزية هي الأقل مخاطرة بين درجات الأصول "سندات حكومات محلية، سندات شركات، سندات رهن عقاري، أسهم، عقارات، وغيرها"؛ بالتالي، فإنها تعد مرجعية أساسية في تسعير العائد على الأصول الأخرى.
*وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة