حزم المملكة يكبح جماح الإرهاب
لم تكن إقامة الحدود على 47 من الإرهابيين، على سبيل الانتقام والتشفي، بل لإقامة الدين والدنيا، فمن غير تنفيذ القصاص والحدود لن تستمر الحياة، حيث ستضربها الفوضى ويكثر القتل والهرج، تحقيقا لأمر الله تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، فالقصاص مطلق المساواة وردع عن ارتكاب الجريمة، وفيه حياة للمجتمع لأنه حكم الله في الأرض.
وبأي ذنب يقتل الإرهاب الكبار والأطفال والنساء؟، وكيف يتخيل المرء أن ابنه المراهق في طريقه إلى مدرسته، وبعد بضع ساعات يخبرك البعض بأن عليك التوجه للمدرسة لأن ابنك وزملاءه قتلوا جراء عملية إرهابية. من يمكن أن يصدق ويقبل أن هؤلاء الأطفال الأبرياء قتلوا باسم الله، وباسم الإسلام والجهاد؟! كيف يمكننا تحليل مثل هذه الأحداث الوحشية؟
وفي سبيل إيقاف هذا الخطر الذي يُهدد به هؤلاء مجتمعاتهم وأوطانهم، ويَفوق كلّ خطر، وقفت المملكة بحزمها لكبح جماع الإرهاب وعقره قبل أن يمتد برأسه من جديد، خاصة أن الناس دائما أقدر عَلى مواجهة الخطر الذي يَأتي مِن الخارج، أمّا الخطر الذي يَأتي مِن داخل سربك الذي يُفترض فيه أن يحميك حين تغفل فأمر آخر.
فلم يكن تنفيذ القصاص على الجناة إلا لتظل بلاد الحرمين واحة أمن واستقرار ضد مخططات العبث، وستبقى قبلة الإسلام ومهوى الأفئدة، ومن رامها بسوء هلك دون مرامه، أو النيل منها، أو المساومة والمزايدة على جهودها ومكانتها، فلها الريادة والقيادة والسيادة في إحلال الأمن والسلم، خاصة أنه يوم بعد يوم يتضح مدى فداحة الخسائر الكبيرة التي تتسبب بها الجماعات التكفيرية والإرهابية للأمة الإسلامية جمعاء.
والإرهاب كظاهرة إجرامية ليست مشكلة تخصّ الدولة ومؤسساتها فحسب؛ بل جميع مؤسسات المجتمع الرسميّة والمدنيّة والدّينيّة، لتأمين الحماية، حفظا للنوع من الهلاك، وخروج هؤلاء عَلى هذه الفطرة، تحت ستار الدّين الإسلامي، الذي يدعو إلى إعمار الأرض، كان لا بد له من وقفة حازمة، وهذا ما فعلته الدولة، لتؤكد أنها لن تتخلى عن حماية البشر.
واستمرارا لصياغة التاريخ فإن الدولة السعودية، نفذت القصاص من هؤلاء، لتقول للعالم إنها ما زالت تقدم العمل قبل القول وتؤكد مكانتها وأهميتها ودورها في تغيير الواقع الفكري والسياسي والأمني والتخطيطي والمشاركة الفاعلة في العالم كله بمتغيراته ومتطلباته، مشددة على محاربتها للإرهاب، من خلال تجفيف مصادره، وتطبيق القصاص والحدود على الجناة، فضلا عن نشر الوعي، وهدم أفكار المتشددين، وأثبتت المملكة النجاحات الباهرة في مكافحة الإرهاب ومحاربته منذ سنوات بعيدة لتسبق كل المبادرات الدولية للقضاء على كل تحرك إرهابي في مهده. فالإرهاب لا يهمه الإصلاح ولا أحوال الناس ولكن ما يهمه إثارة ضغائنهم وأحقادهم على ولاة الأمور حتى تشتعل نار الفتن بين الشعوب وحكامها، ولعل ما يثير الدهشة هو أن أنصار الإرهاب، بل والإرهابيين أنفسهم يجاهرون بعقيدتهم الإرهابية علنا كأنهم لا يبالون بالأنظمة.