في إيران «قبلة الإرهاب» .. الإعدام بـ 3 دولارات

في إيران «قبلة الإرهاب» .. الإعدام بـ 3 دولارات

صبيحة يوم من الأيام الأولى لحكم الثورة الإيرانية 1979 فوجئت أسرة إيرانية فقيرة بأحد حراس الثورة يطرق الباب مقدما للأسرة ثلاثة دولارات. بدعوى أنه مهر زواجه من ابنتهم التي نُفذ فيها حكم الإعدام قبل ساعات بتهمة الزنا. لم تتفاجأ الأسرة من موت ابنتهم ولا من التهمة وحكم الإعدام الذي أنكرته منذ البدء، فلم تجد من حكام الثورة وحراسها إلا كل تعنت وإصرار بثبوت الواقعة وسلامة الحكم. ولكنها فوجئت بزواج ابنتهم من أحد حراس الثورة قبل وفاتها بساعات. فكانت الإجابة الصاعقة؛ لأننا وجدناها عذراء وحكمنا لا يجيز إعدام العذراء.
هذه القصة ليست من قبيل التندر أو السخرية، بل مثبتة في كثير من الوثائق والمرويات الإيرانية. كواقعة حقيقية لا يزال كثير من الإيرانيين يتداولونها ليصوروا للآخرين من خارج إيران بعضا من ضلالات حكم الملالي وجوره في أبشع صوره.
وفي حين كلف هذا الإعدام الجائر ثلاثة دولارات حتى بعد تبيان بطلانه في بدايات انطلاق الثورة، فإن الإعدام اليوم بعد عقود من تمكن هذه الثورة لا يكلف شيئا. حتى إجرائيا إذ تتكلف رافعات البناء بتنفيذه في قارعة الطريق دون الحاجة لمرافعات أو لمحاكمات.
رغم كل هذا التاريخ الأسود والشائن تجاه مواطنيهم في الداخل، وبتمويل وحماية رؤوس الإرهاب في الخارج. المطلوبون من دولهم ومن دول أخرى. لا تزال حكومة الملالي وأتباعها في المنطقة يحاضرون عن حقوق الإنسان والمحاكمات العادلة. مفارقة تثير السخرية أكثر بكثير مما تثيره قصة الثلاثة دولارات. فالثانية شأن داخلي إنساني أصبح في طي النسيان لولا توثيقه من بعض النفوس الحيّة.
أما مفارقة رعاية الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان فقد باتت على رؤوس الأشهاد دوليا. ومثبتة في تقارير استخباراتية أمنية إضافة إلى تقارير مدنية محايدة. ومع ذلك تغض الطرف عنها دول عظمى ارتضت التعاون مع إيران لإنهاء الملف النووي من جهة. وعلى طريقة التعاون مع عميل "المهمات القذرة" الذي يستطيع أن يتعاطى مع التنظيمات الإرهابية دون حرج من جهة أخرى. دون أن تضطر هذه الدول لتلطيخ سمعتها السياسية والدبلوماسية بالتعامل المباشر مع هذه التنظيمات. 
ويظل الخاسر من هذه الصفقة الإيرانية – الغربية المنطقة العربية برمتها والشواهد الميدانية كثيرة. فالميليشيات الإرهابية التابعة للحرس الثوري في تناسل مطرد، ومربح ماليا لثورة تتاجر بالإرهاب وتمويله، بدءا من إيران مرورا بالعراق وسورية وصولا لليمن. فضلا عن التنظيمات المتطرفة والسرية التي توفر إيران لقادتها الحماية متى ما أرادوا حتى باتت طهران الملاذ الآمن وقبلة الإرهاب والإرهابيين حول العالم. بتقارير موثقة تؤكد صلتها بكثير من عمليات الاغتيال والتفجير والاتجار بالمخدرات. مع علاقات وارتباطات طويلة الأمد بعصابات عالمية عن طريق أتباعها المنتشرين حول العالم. وعلى رأسهم يأتي "حزب الله" بقيادة زعيمه حسن نصرالله الذي ثبت تورطه وتورط حزبه بعمليات تمويل مشبوهة، دعت الولايات المتحدة وغيرها من الدول لتشديد الرقابة المالية عليه قبل فترة ليست بالبعيدة. ما أثار سخط قائد الحزب فخرج متوعدا مهددا كعادته.
خروج تلفزيوني متكرر لا يعرف إلى الآن مصدره، ولكن يمكن تأكيد توقيته، إذ يتبع دائما تصريحات طهران الغاضبة والمنتقدة. وهو ما تكرر في تصريحاته الصاخبة والطائفية يوم أمس. ليجتمع نصرالله مع طهران والقاعدة وداعش ضد السعودية. في لحظة تاريخية لن تحسب على السعودية بقدر ما ستحسب لها ولقضائها، إذ وضعت رؤوس الإرهاب، بهذا الحكم الداخلي والشأن السيادي، دون أن تقصد، أمام العالم في لحظة حقيقة واحدة ووحيدة، مدفوعين بغضبهم ونقمتهم على الاقتصاص من الإرهاب.
يبقى أن ديدن ثورة الملالي في إيران إجمالا، ومنذ انطلاقتها، تحريك أصابعها في الداخل للنيل من سفارات الآخرين. وتمويل أصابعها في الخارج للنيل من إنجازات الناجحين. وهذا تصرف لا يليق بدولة بقدر ما يليق بجماعات منفلتة غير منضبطة. وهو ما يخفف على السعودية كدولة لها ثقلها في العالمين العربي والإسلامي عناء الرد.

الأكثر قراءة