في ذكرى البيعة .. الملك سلمان تنمية الإنسان عبر الإسكان

في ذكرى البيعة .. الملك سلمان تنمية الإنسان عبر الإسكان

يحمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فكرا اجتماعيا وهما تنمويا يضاف إلى سجله السياسي الحافل، ويعد رائد العمل الخيري في المملكة، ومؤسس المشروعات الإنسانية التي رسخت مفهوم التكافل الاجتماعي بين أبناء الوطن، كمشروعه للإسكان الخيري الذي أسهم على مدى 18عاما في مساعدة الأسر المحتاجة بمنطقة الرياض، عبر إسكانهم، وتنمية قدراتهم لتحقيق حياة أفضل لهم ولأجيالهم في المستقبل.
والملك سلمان بن عبدالعزيز صاحب أفكار نيرة ومبتكرة سابحة في الآفاق تتناول في معطياتها عديدا من المرتكزات الإنسانية النبيلة المنطلقة من تعاليم شريعتنا الغراء التي تحث على فعل الخير، ومد يد العون للمحتاج، لذا كان رئيسا لعديد من اللجان، والمشروعات، والجمعيات ذات الطابع الإنساني، والتنموي، والخيري.
وما مشروع الإسكان الخيري الذي تبنى إنشاءه الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 1413هـ، إلا نموذج واقعي لذلك العطاء الخير له، حيث خفف من خلاله معاناة أسر محتاجة كانت قد تعرضت منازلهم للتصدع نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على الرياض في تلك السنة، بعد أن أبلغه بذلك الشيخ عبدالعزيز بن باز، ليأمر الملك سلمان حينها بإقامة مشروع إسكان لهذه الأسر تحت مظلة "جمعية البر"، ثم تحول إلى مشروع خيري مستقل عام 1418هـ، حتى أصبح جمعية خيرية عام 1429هـ. وانتهت الجمعية الآن من تسليم 541 وحدة سكنية في أربعة أحياء بالرياض لـ 2990 فردا، في خطوة تستهدف تنفيذ 15 مجمعا سكنيا في أحياء مختلفة في منطقة الرياض ومحافظاتها خلال الأعوام المقبلة. وقيض الله لهذه الأسر المحتاجة، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إذ لم يكتف بتأمين المسكن فقط، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فسعى إلى دعم فكرة تنمية هذه الأسر اقتصاديا، واجتماعيا، وعلميا، عبر حزمة برامج تنظمها جمعية الإسكان الخيري لهم، لتفعيل دور الفرد داخل محيط أسرته ومجتمعه.
وعلى الرغم من حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق خادم الحرمين الشريفين منذ أن كان أميرا لإمارة منطقة الرياض حتى الآن، إلا أنه ظل داعما ومتابعا لأعمال الجمعية مع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع نائب رئيس الجمعية رئيس اللجنة التنفيذية، حتى حققت في فترة زمنية قياسية نتائج مثمرة تمثلت في: صناعة أسر منتجة، وتعليم أفرادها حتى وصلوا إلى مراحل متقدمة من التعليم الجامعي، وتوظيف الأكفاء منهم بعد تأهيلهم في قطاعات متعددة، ودعم من يرغب في إقامة مشروع تجاري حر، ناهيك عن الدور المتميز في نفض غبار الأمية بين تلك الأسر.
وتتوافر في المجمعات السكنية التي تنفذها جمعية الإسكان الخيري عدة معايير هندسية، واقتصادية، واجتماعية، منها اختيار الطابع المعماري للبيئة المحيطة بالمجمع، وتوفر البعد الجمالي لها، وربط الوحدات ببعضها البعض كنسيج مترابط يجمع بين الأسر القاطنة التي تمثل مختلف مناطق المملكة، مع استقلال كل وحدة سكنية من أجل خصوصية المكان.
ويضم كل مجمع سكني مركزا حيويا يعنى بإقامة الأنشطة بالتعاون مع مراكز النشاط الأخرى في الجمعية لتدعيم برامج وخطط الجمعية وتأهيل المستفيدين من الأسر المحتاجة، إلى جانب تحقيق التواصل الاجتماعي، وتقوية العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، وتوظيف طاقاتهم بما يعود بالنفع عليهم، فضلا عن متابعة نمو هذه الأسر وتطورها في برامج الجمعية التي تقدم لهم.
وفي ذلك السياق، قال االمهندس على بن صالح العبودي الأمين العام للجمعية: إن جمعية الإسكان التنموي أنهت من مشروعاتها حتى الآن أربعة مجمعات في أحياء مدينة الرياض تضم 451 وحدة سكنية بمساحة 160 مترا مربعا لكل وحدة، يقطنها 2990 فردا، موزعة على مشروعين بحي سلطانة، الأول 122 وحدة، والثاني 130 وحدة، والبديعة 124 وحدة، والجرادية 75 وحدة، بتكلفة قدرها 106 ملايين ريال.
وأشار في لقاء مع وكالة الأنباء السعودية إلى أنه سيتسلم قريبا مجمعين سكنيين في محافظتي المزاحمية والخرج، تضم 198 وحدة سكنية بعدد 116 للأول و82 للآخر، لإيواء 1386 فردا بقيمة إجمالية تبلغ 76 مليون ريال، بينما سيتم طرح إنشاء 110 وحدات شرقي الرياض، و80 وحدة في محافظة القويعية، و414 وحدة في شقراء، و100 وحدة بالمجمعة، لإيواء 4788 فردا.
وأضاف أن الجمعية وضعت مراحل التصميم الأخيرة لطرح تنفيذ ثلاثة مشروعات في محافظات ضرماء، وحريملاء، والمجمعة تحوي 300 وحدة سكنية بواقع 100 وحدة لكل محافظة، تؤوي 2100 فرد، بتكلفة قدرها 132 مليون ريال، وكذلك في محافظات العيينة بعدد 62 وحدة، ومرات 89 وحدة، والزلفي 80 وحدة، لإيواء 1617 فردا.
وتحدث المهندس على العبودي عن البعد العميق لجهود الجمعية في تعاملها مع الأسر المحتاجة، مبينا أن الخطوة المهمة في برامجهم تتركز في تصحيح نظرة العطف السلبية القائمة في المجتمع تجاه وصف "الأسر المحتاجة" وتغييرها إلى أنها أسر فاعلة تعرضت لأزمات معينة في الحياة، لكن لديها القدرة على الانخراط في المجتمع والإسهام في بنائه كبقية الأسر الأخرى، وأن المجمعات السكنية ليست مكانا للسكن فقط، بل تتجاوز ذلك إلى تنمية الساكن، وكأنه في دورة حياة تتجدد. وفي المجمعات السكنية للجمعية جنوب غربي الرياض، لوحظ التناغم الكبير في تصميم المجمع السكني واندماجه مع الحي المأهول بالسكان، ما أدى إلى رفع مستوى الحركة والنشاط التجاري والاجتماعي في المحيط المجاور للمجمع، فضلا عن أن خدماته العامة استقطبت سكان الحي للاجتماع مع قاطني الأسر من المسنين، والشباب، والأطفال في جو من الأخوة والتآلف.
وأفاد المهندس العبودي أن لكل وحدة سكنية مجموعة من المتخصصين السعوديين في مجالات الاجتماع، والتربية، وعلم النفس، والإدارة، وتطوير الذات، لتطبيق البرامج التنموية التي تقدم للأسر المقيمة في أي مجمع سكني، وتشمل: التدريب والتوظيف، مشروعات الأفراد، الأسر المنتجة، القروض متناهية الصغر، المساعدات التنموية، الإصلاح الأسري، الخدمات التعليمية، والأنشطة العامة. ويتم من خلال برنامج التدريب والتوظيف التعرف على إمكانية وقدرات الفرد، وتدريبه، وتأهيله لسوق العمل، بينما يتم في برنامج مشروعات الأفراد استثمار قدراته في عمل مشروع تجاري حر لزيادة دخله، ومساعدته على تحسين مستوى معيشته بطريقة إيجابية. أما برنامج الأسر المنتجة فيهدف لتوفير فرص العمل لربات البيوت أو أحد أفراد الأسرة من خلال ممارسة أنواع من المهن في المنزل كالطبخ، والحياكة، وتسويقها على الغير، في حين يقدم برنامج القروض الصغيرة مبالغ مالية على شكل قروض ميسرة للمستفيدين من الأسر، لتنفيذ أي مشروع يعود عليهم بالنفع. ويركز برنامج الخدمات التعليمية على تحفيز أبناء وبنات الأسر المقيمة في المجمعات السكنية للدراسة، ومعالجة ما يعوق ذلك الهدف، وتشجيع من يتميز منهم دراسيا وتكريمه، فضلا عن تفعيل دور أولياء الأمور في تهيئة أجواء الدراسة لأبنائهم.
ولكون الأسرة هي عصب المجتمع، فقد أنشأت الجمعية "برنامج الإصلاح الأسري" الذي يتكفل ببناء أسر المجمعات السكنية وحمايتها من التفكك بكل أنواعه وأنماطه المعاصرة، إلى جانب عقد دورات تدريبية مكثفة لهم، تتعلق بسبل التعامل مع القضايا ذات الصلة بجميع مناحي الحياة الأسرية، وتطبيق حلول وبدائل للظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع.
وتستقبل الجمعية عددا كبيرا من الطلبات للحصول على وحدة سكنية في أحد مجمعاتها الخيرية، إلا أنها وضعت شروطا لذلك تتلخص في أن تكون الأسرة سعودية، ومقيمة في المدينة التي تحتوي على مجمع سكني مدة ثلاث سنوات، وألا تكون مالكة لمسكن لائق، وحجمها من 5 إلى 12 فردا، ولا يزيد الدخل الشهري لها على 3900 ريال، ولم يسبق لهم الحصول على قرض من بنك التنمية العقارية، أو من بنك التسليف، ولم يكفلوا عمالة أجنبية بقصد التجارة.
ونظرا لنجاحات الجمعية وإنجازاتها في الإسكان التنموي، فقد حصدت عددا من الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية، أبرزها «جائزة البناء والإسكان الاجتماعي" لمنظمة الأمم المتحدة، و«جائزة الأمير محمد بن فهد للعمل الخيري»، و«جائزة الملك خالد للمشروعات الاجتماعية».
وانطلاقا من مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يحث عليه الإسلام وتدعمه الدولة، فقد أتاحت جمعية الإسكان الخيري الفرصة لمن أراد أن يتبرع لأعمالها، عبر قنوات متعددة، منها عبر رسائل الجوال SMS على الرقم 4050، وكان أول من تبرع عن طريق هذه الوسيلة الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ــ رحمه الله ــ عام 1430هـ، وذلك بمبلغ مليون ريال.

الأكثر قراءة