السعودية تعيد ضبط توقيتها على ساعة المستقبل
لا يكاد يصدق أحد أن عاما واحدا فقط احتضن الأحداث الكبيرة التي مرت بالمنطقة العربية والسعودية في القلب منها كرمانة استقرار في هذا الفلك الدوار فيما ينتظر أن تبقى التحديات الراهنة أسرى المعالجة لمخاضٍ عسير جرى إدخال الأمة العربية فيه.
تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة بعد سلفه الراحل أخيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وعلى طاولة النقاش والحكم ملفات عديدة ضخمة كان للملك الراحل وفريقه الوزاري أثر كبير في احتواء انفجاراتها وتأزماتها، بدءا من البحرين وانتهاء بدول ما يعرف بالربيع العربي التي سعى الراحل لاحتواء أزماتها فنجحت النوايا الطيبة في أماكن ونجحت جزئيا في أخرى قبل أن تنفجر في اليمن على يد عصابات انقلابية تمردت على الشرعية ونكثت بالعهود وهددت الحدود.
بدأت القيادة السعودية الجديدة من حيث انتهت القديمة في إبقاء باب الحوار مواربا والدعوة إلى السلم مع التحذير الكافي لكل الأطراف من نكث العهود وتهديد الحدود، ليعلنها وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- مدوية "لا نطلب الحرب ولكن إذا ما قرعت طبولها فنحن لها" وبعدها بثلاثة أيام كانت الصقور السعودية تلوح في سماء الجنوب السعودي لتعبر الحدود ضاربة أوكار الشر ومخالب إيران في خاصرتنا الجنوبية.
أشهر قليلة فقط قبل أن تمتد يد الحسم على الأيادي الإيرانية نفسها لتلطمها الدبلوماسية السعودية خليجيا وعربيا وتضعها في موضعها الحقيقي دوليا وبين تلك اللحظة وأختها كانت الرياض تلاحق مواضع الأذى التي تتركها طهران وعملاؤها في جسد الأمة العربية لتقدم الدواء وتضع حدودا جديدة للمعتدي لا يملك معها الاقتراب أكثر حتى أتى المعتدي الإقليمي بوكلاء دوليين ليقوموا بما لم يستطع القيام به وذلك في ملفات بارزة مثل سورية التي تحاول النهوض من أزماتها والتعافي من جلادها فيعيدها أعداء العرب إلى بيت الطاعة لوكيل الحصري فكانت الرياض التي جمعت أقطاب المعارضة السورية وأسهمت في توحيد كلمتهم لتنهض بهم مع المجتمع الدولي لانتزاع حقوقهم.
وعلى الصعيد الداخلى ضبطت المملكة توقيتها على ساعة المستقبل، وامتدت يد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى كل المؤسسات داعمة لها، في خطوات إصلاحية داعمة للاقتصاد الوطني للمملكة، فما بين دمج وزارات وحل هيئات وإلغاء مؤسسات وإنشاء أخرى، ظهرت رؤية الملك سلمان البناءة في قيادة المملكة نحو مستقبل زاهر، ولم يشغله عن احتياجات المواطنين عبء ثقيل يتحمله بل مد يد الدولة إلى كل أطياف الشعب فعفا عن أصحاب الحق العام وسد الدين عن المدينين، وشملت قراراته الوافدين والمواطنين، مؤسسا بهذه القرارات مرحلة جديدة أصبحت تسمى مرحلة الحزم والعزم.
كما شملت القرارات الأخيرة خطة طموحة للتحول الوطني، إذ تأتي قرارات رفع أسعار الوقود والكهرباء والمياه لتزيد من كفاءة الإنتاج وترشد الاستهلاك، ولا تزال هذه المنتجات هي الأرخص مقارنة بأسعارها في الدول الأخرى، فما الهدف من وراء قرارات القيادة السعودية إلا صالح الوطن والمواطنين، حيث اعتمدت الإنفَاق الذَّكي للأموَال، وإيقَاف الهدر الذي يبدد الثروات، في جميع وزارات الدولة، وتركيز الإنفاق على المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، والدعم الذي يستفيد منه بالخصوص الشريحة المتوسطة، وذات الدخل المحدود في المملكة.