صحافيون بلا أسئلة

لم يكن الاتحاد السعودي لكرة القدم, بحاجة إلى المؤتمر الصحافي الطويل العريض الذي دفع فيه تسعة من العاملين تحت إدارته لتبرير خروج المنتخب الأولمبي من نهائيات الدوحة يجر أذيال الخيبة, كان بإمكانه أن يعترف علانية بالأخطاء التي مارسها خلال إعداد الفريق, مختومة باعتذار مهذب وصريح للجماهير الرياضية والوطن.
.. المؤتمر الصحافي جلس على منصته الرئيسة, تسعة أعضاء عاملين في المنتخب الأولمبي واللجان الفنية, تحدثوا بلا مقاطعة من أحد, تراتبوا في تلاوة أعذار غير مقنعة, وخلّفوا وراءهم الكثير من الثغرات, ورفضوا تلقي الأسئلة من الصحافيين, وهو أول لقاء في العالم تحت مسمى مؤتمر صحافي يدار بتلك الطريقة.. بعد المؤتمر لم أعرف هل أصدق ما قاله الجعيثن عن المنتخب وكوستر, أم ما قاله كوستر عن الجعيثن والأخضر, وكلا القولين في طريقين متعاكسين؟
في المؤتمر أو المحاضرة الفنية بالأصح, قال يان وينكل رئيس الفريق الفني: "خططنا وبرامج الإعداد والتأهيل الفني التي وضعناها حققت نتائج ملموسة وواضحة للمنتخبات السنية", ولم يستطع صحافي واحد أن يسأله: ما هذه النتائج لأنه رفض تلقي أي سؤال, ثم جاء الدور على كوستر فقال مما قال: "قمنا بكل ما يجب القيام به", عقبه الجعيثن قائلا: "معسكر الدمام كان بطلب كوستر, وهو نفسه الذي ألغاه"! أما راؤول كوميز مدرب اللياقة فاسترسل في تقديم محاضرة أكاديمية للصحافيين عن المناهج العلمية في الإعداد اللياقي للاعبين. ما هذا؟ ماذا يحدث؟ لماذا يتحدث هؤلاء بهذه الطريقة التي كانت تستغبي بقصد ودون قصد كل من تابعهم؟
.. مؤتمر التسعة, لم يقدم تبريرات مقنعة, ولم يفسر الفشل الذريع لفريقنا الوطني في الدوحة, ولم يعترف بالأخطاء بوضوح يُكسبه الاحترام, ويغذي النفوس بالأمل في المستقبل, كان تبادلا ناعما للاتهامات, وكانت أفواه مليئة بالماء, وقلوب شتى.
.. بعد نهاية المؤتمر الصحافي, لم أشهد رواجا إعلاميا أو شعبيا له, مر مرور الكرام إلا من بعض الأخبار التي يمكن تصنيفها تحت بند المتابعة التقليدية لأي خبر.
.. ربما يعتقد الاتحاد السعودي لكرة القدم أنه قدم تفسيرات حقيقية في مؤتمر "صحافيون بلا أسئلة", وأنه أخلى مسؤوليته بعرض المتسببين على ما يشبه منصة الأعدام في اللقاء الإعلامي الغريب, وأنه كان شفافا إلى درجة محاسبة الذات, والحقيقة أنه لم يفعل أكثر من زيادة الطين بلة.
منذ انتخاب مجلس اتحاد كرة القدم السعودي الحالي, نتج عن أعماله بعض الإيجابيات والسلبيات, لكني لم أشهد له قدرة واضحة في تعاطيه الإعلامي, وكثيرا ما أضاف لسلبياته سلبيات بإدارته الإعلامية لتحركاته ونشاطاته وفعالياته وتبريراته, ولا أعرف من الذي أشار عليه بهذا الاختراع, مؤتمر صحافي بلا أسئلة.. الحقيقة أنني لا أملك إلا ترديد مقولة نيتشه: "لست منزعجا أنك كذبت علي, لكني منزعج أني لن أصدقك بعد هذه المرة".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي