خطة استراتيجية لتحويل المدن الصناعية إلى «نموذجية وذكية»
تعتزم هيئة المدن الصناعية تنفيذ خطة طموحة باسم “استراتيجية مدن 2020” حيث ستركز على محاور مهمة تصب في مصلحة المواطنين، والقطاع الصناعي، والقطاع الخاص، والخطط التنموية، والاستراتيجية الصناعية الوطنية.
ومن أبرز أهداف هذه المحاور تطوير المجمعات السكنية والتجارية في المدن الصناعية، حيث تتأهب مدن إلى توفير 11 ألف وحدة سكنية ومكتبية خلال السنوات الخمس القادمة لتستقطب أكثر من 40 ألف ساكن أو عشرة آلاف أسرة، إضافة إلى توفير المدارس، المعاهد، المراكز التجارية، والمراكز الترفيهية والفندقية في أغلب مدنها الصناعية وتحويلها إلى مدن نموذجية وذكية تحتوي على تجمعات تقنية.
#2#
كما ستعمل “مدن” على تطوير النظام البيئي في المدن الصناعية لتحسين جودة الهواء داخل المدن لجعلها أكثر قابلية للعيش لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا، وإنشاء معايير بيئية تتوافق مع المعايير الدولية.
ويأتي ذلك في ظل مسيرة التطور والإنجاز الحضاري الذي تعيشه المملكة، حيث اعتمدت “مدن” استراتيجية أكثر جرأة في تبني مبادرات ذات أهداف طموحة للتعامل مع التحديات القادمة، والتوسع في تقديم الخدمات والمرافق داخل المدن الصناعية، وجعل بيئتها الاجتماعية أكثر جاذبية للسكن والعيش.
وعليه تم تطوير رؤية ورسالة الهيئة بما يتماشى مع توجهها الجديد في التركيز على أن تكون المدن الصناعية ومناطق التقنية بيئة مميزة وجاذبة للاستثمار والسكن والعمل على مستوى العالم، من خلال تطوير وإدارة المدن الصناعية ومناطق التقنية لتكون مدنا متكاملة الخدمات، ذات نمو مستدام، وبيئة اقتصادية وقانونية واجتماعية جذابة وتنافسية .
#3#
كما ستواصل “مدن” توفير البنية التحتية الضرورية للمدن الصناعية لتستوعب عدد المصانع الذي يزداد كل سنة عن سابقتها بشكل مضطرد، والتعاون بشكل مباشر مع الشركات الكبرى محليا ودوليا في توفير تجمعات صناعية متطورة لتخدمها بمختلف المنتجات التي تحتاجها محليا، ولا سيما في مجال تصنيع المنتجات ذات القيمة المضافة العالية.
علاوة على ذلك، ستدرس “مدن” إمكانية مساعدة أصحاب المصانع على خفض تكلفة الخدمات المساندة، عن طريق تطوير منظومة الخدمات اللوجستية داخل المدن الصناعية، إضافة إلى تحسين سلسلة القيمة للمصانع السعودية.
كما ستقوم مدن باستكمال مبادراتها التي بدأتها في دعم قطاع المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير 2000 مصنع جاهز و 1000 مستودع جاهز، لمساعدة المنشآت على بدء أعمالها بشكل سريع. إضافة إلى توفير 200 حاضنة صناعية وتقنية تسهم في خفض تكلفة بدء الأعمال للمؤسسات الصغيرة وربطها مع الشركات الكبيرة التي تنوي المساهمة في بناء التجمعات الصناعية المتكاملة في المدن الصناعية.
ويشكل القطاع اللوجستي والمشاريع المساندة أحد أهم الروافد الداعمة للصناعيين، وستضاعف مدن على هذا الصعيد من التركيز على تطوير تنافسية قطاع الخدمات اللوجستية في المملكة على ضوء تطبيق الخطة الوطنية للصناعة، حيث يعد هذا القطاع العمود الفقري لأي صناعة ويسهم تطويره في جذب الاستثمارات العالمية وتوطين الصناعات؛ إضافة إلى استغلال قدرة المملكة ومزاياها التنافسية للوصول إلى مرتبة ريادية عالميا في هذا المجال عن طريق تلبية احتياجات القاعدة الصناعية للمملكة، علاوة على دوره المهم في إيجاد وظائف وفرص استثمار للشباب السعودي ناتجة عن النمو الموازي للقطاع الصناعي. وبلغ إجمالي المساحات اللوجستية المؤجرة في عام 2015، 595697م2.
تطوير الأراضي الصناعية
تولي الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” الصناعة أولوية قصوى من خلال توفير الأراضي الصناعية المطورة بجميع مناطق المملكة، وإرساء البنية التحتية الحديثة في المدن الصناعية، وتوفير الخدمات المساندة واللوجستية بالشراكة مع القطاع الخاص، وإيجاد بيئة استثمارية مثالية؛ ما أسهم في إيجاد قاعدة صناعية قوية تدفع بعجلة النمو الاقتصادي للمملكة، وجعل من”مدن” أحد أهم الروافد الداعمة للاقتصاد الوطني، وأحد أهم مرتكزات تحقيق التنمية المستدامة المتوازنة في المملكة. وقد تمكنت “مدن” خلال السنوات الماضية من إحداث نقلات نوعية بتنفيذ مجموعة كبيرة من المشروعات الصناعية الرائدة، وعكسها على أرض الواقع، لتصبح شواهد لإنجازات ملموسة تتحدث عن نفسها.
#4#
التوسع في الأراضي الصناعية
لم تكن القفزة النوعية الهائلة التي حققتها “مدن” في مجال التوسع في مساحات الأراضي الصناعية المطورة لتتم لولا العمل الدؤوب والمساعي الحثيثة التي تبذلها لتلبية رغبات المستثمرين ضمن خطط محددة، حيث سجلت.
مساحة الأراضي المطورة نموا متصاعدا خلال السنوات الثماني الماضية، وقفزت من 40.5 مليون م 2 في عام 2007 ، إلى 178 مليون م 2 في عام 2014 ، مكتملة الخدمات من البنى التحتية الأساسية والخدمات المساندة، بزيادة تقدر بـ339.5 في المائة؛ وقد نجحت “مدن” في استثمار هذه المساحات بما يدعم متطلبات الصناعة، وينسجم مع احتياجات المدن الصناعية، وتوفير بيئة صناعية جاذبة للعمل والاستقرار.
وتعمل “مدن” بالتنسيق مع الأمانات ووزارة الشؤون البلدية والقروية للحصول على أراض في مواقع بمختلف مناطق المملكة لتأسيس مدن صناعية جديدة أو واحات مدن مهيأة لعمل المرأة أو توسعة مدن قائمة لتلبية الطلب المتزايد على الأراضي الصناعية.
المدن الصناعية الواعدة
وأطلقت “مدن” نهاية عام 2015 حملة “#المتر_بريال” ضمن خطة لتوجيه الاستثمارات نحو المدن الصناعية الواعدة في المملكة.
وتهدف الحملة إلى تحفيز ودعم الصناعة في المدن الصناعية الواعدة انسجاما مع توجهات الدولة في تحقيق التنمية المتوازنة بالمناطق الأقل نموا، بما يعزز من فرص تنميتها وتوطين التقنية وإيجاد الوظائف بها ضمن استراتيجية طموحة لجعل المدن الواعدة بيئة جاذبة لعديد من الشراكات والاستثمارات المحلية والدولية.
وقد غطت الحملة قطاعا كبيرا من المدن الصناعية الواعدة، وهي تبوك، عرعر، الجوف، الأحساء، حفر الباطن، الزلفي، شقراء، جازان، نجران، عسير، الباحة. وعملت “مدن” على دعم الخدمات الضرورية كافة من البنى التحتية المتكاملة والمنفذة على أعلى المستويات، والخدمات المساعدة، والحوافز والتسهيلات فضلا عن الإيجارات الرمزية التفضيلية، حيث تعد الأقل بين عديد من الدول، وتسندها حوافز أخرى كالإعفاءات الجمركية للآلات والمواد الخام، إلى جانب الاستفادة من قروض صندوق التنمية الصناعية التي قد تصل إلى 75 في المائة من إجمالي التمويل، إلى جانب أسعار تنافسية لخدمات الكهرباء والمياه والوقود، وهي مزايا مشجعة جدا لدفع المستثمرين إلى بدء مشاريعهم الصناعية.
ودعت “مدن” المستثمرين إلى الاستفادة من الحوافز والمزايا والتسهيلات المشجعة التي توفرها المدن الصناعية الواعدة ضمن بيئات صناعية ذات جاهزية عالية.
المصانع الجاهزة
تعد مبادرة المصانع الجاهزة أحد الحلول المثالية لدعم وتعزيز خطط “مدن” لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة وعكسها على أرض الواقع، وهي إحدى المشاريع الرائدة التي تقدمها “مدن” لخدمة عملائها من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يوفر لهم الوقت والجهد، والبيئة الإنتاجية المتكاملة؛ ويمثل المشروع نقلة نوعية في توطين الصناعة الوطنية، وتحقيق التنمية المتوازنة المستدامة.
وتقوم فكرة المشروع على توجيه تركيز المستثمر إلى عملية الإنتاج دون الدخول في إشكالات التخطيط والتصميم والبناء، كونه مبنيا بكامل الجاهزية وبمواصفات نموذجية. وتوفر “مدن” من خلال مشروع المصانع الجاهزة خدمات متكاملة للمستثمر الصناعي تشمل: البنية التحتية المطورة، الكهرباء، الاتصالات، المياه، المواقف، وسائل الأمن والسلامة وغيرها من الخدمات التي تحقق احتياجات الصناعة والصناعيين؛ وتبلغ مساحة المصنع الجاهز 1500 م 2 900 م 2لصالة الإنتاج، 600 م 2مساحة محيطة لمواقف السيارات والتشجير وغرفة للأمن(، ومساحة 300 م2 للدور ( العلوي للإدارة والمرافق “ميزانين”؛ وقد نجحت “مدن” في توفير المصانع الجاهزة بجميع المدن الصناعية، حيث بلغ عددها 604 مصانع بنهاية2014 ، مع التخطيط لإنشاء 1000 مصنع جاهز خلال السنوات الثلاث القادمة.
وهنا بعض النماذج لأداء المدن الصناعية في المملكة:
المدينة الصناعية الثانية بالرياض
تبلغ مساحة المدينة الصناعية الثانية بالرياض الإجمالية 18.7 مليون م2، وتقع جنوب مدينة الرياض على طريق الخرج، وعلى بعد 12 كيلو مترا عن الدائري الجنوبي. وقد تم تطوير المدينة على أربع مراحل بما يواكب النمو المضطرد في الطلب على الأراضي الصناعية بالمنطقة. وتتوافر في المدينة الصناعية الثانية بالرياض منظومة من الخدمات المتكاملة مثل: شبكات الطرق، خدمات الكهرباء، خدمات الاتصالات، خدمات المياه، المجمعات السكنية، وغيرها الكثير من المرافق الخدمية والتجارية. وتمتاز المدينة الصناعية بوجود شبكة من الطرق المحورية السريعة مما يسهل الوصول إليها. وتضم المدينة الصناعية 963 مصنعا منتجا أو تحت الإنشاء والتأسيس، في مختلف الأنشطة الصناعية، منها مصانع عالمية متخصصة، ومحلية رائدة.
المدينة الصناعية الأولى بجدة
تعتبر منطقة جدة من أوائل المناطق التي احتضنت المدن الصناعية، حيث تم إنشاء المدينة الصناعية الأولى عام 1393 هـ/ 1973 م، على بعد خمسة كيلومترات من وسط المدينة، وعلى مساحة إجمالية تبلغ 12 مليون م 2، قبل أن يتم التوسع في إنشاء المدن الصناعية لمقابلة احتياجات الصناعيين لتصل أربع مدن صناعية مكتملة الخدمات حاليا، وقد تم تطوير المدينة الصناعية الأولى بجدة على خمس مراحل، حيث طورت المرحلة الأولى منها بمساحة 500 ألف م 2، ومن ثم توالت المراحل التطويرية حتى فاقت مساحتها الحالية الـ 12 مليون م 2، وبوصفها إحدى المدن الحديثة المتكاملة تتوافر فيها الخدمات الأساسية كافة مثل: شبكات الطرق، خدمات الكهرباء، خدمات الاتصالات، خدمات المياه، الصرف الصحي، ومبان سكنية ومراكز تجارية، وغيرها من الخدمات الضرورية. وتكتسب المدينة الصناعية الأولى بجدة أهمية خاصة نظرا لموقعها الاستراتيجي، حيث قربها من مدينة جدة التي لا تبعد عنها سوى خمسة كيلومترات فقط، وقربها من الميناء الإسلامي؛ وتستقطب الصناعية الأولى الكثير من المشاريع الصناعية الرائدة تبلغ أكثر من 626 مصنعا منتجا وتحت الإنشاء والتأسيس، منها صناعات محلية وعالمية في شتى المجالات، من أبرزها: شركة مجموعة أبو داود وشركاه للصناعة، شركة بيبسي كولا، ومصنع بروكت آند قامبل العالمي وغيرها من الصناعات المتميزة محليا وعالميا.
المدينة الصناعية الأولى بالدمام
تعتبر المدينة الصناعية الأولى بالدمام إحدى المدن الثلاث التي مثلت النواة الأولى للمدن الصناعية، حيث أنشئت عام1393 هـ /1973، على طريق الدمام الخبر السريع، وبمساحة إجمالية تبلغ 2.5 مليون م 2، وهي من المدن مكتملة التطوير والخدمات؛ وتمتاز المدينة الصناعية الأولى بالدمام بقربها من الميناء البحري والجاف، وسهولة الوصول إليها من الميناء، وقربها من مدينتي الدمام والخبر والمناطق المجاورة، إضافة إلى توافر الخدمات الضرورية كافة والمتمثلة في: شبكة الطرق، خدمات الكهرباء، خدمات المياه، خدمات الاتصالات، شبكة ومحطة معالجة الصرف الصحي، خدمات الأمن الصناعي، إضافة إلى مراكز تجارية وخدمية، وغيرها الكثير من الخدمات. وتضم الدمام الأولى مجموعة من المشاريع الصناعية المهمة يبلغ عددها 120 مشروعا بين منتج وتحت التأسيس والإنشاء.
3000 سيارة صنعت في الدمام
جهزت “مدن” أرضا مساحتها 120 ألف متر مربع في المدينة الصناعية الثانية بالدمام لإطلاق صناعة ناقلة للمعرفة، ونفذت مبنى المصنع وفق المواصفات الفنية والمتطلبات العملية لعملاق صناعة الشاحنات اليابانية (أيسوزو) التي انخرطت في إنشاء خطوط متكاملة لإنتاج سيارات وشاحنات النقل الخفيف والمتوسط والثقيل. وهذه المرة تحت مسمى صنع في السعودية. ومنذ افتتاح المصنع نهاية 2012، فقد تم إنتاج أكثر من 3000 سيارة في مصنع الشركة بالمدينة الصناعية الثانية بالدمام، ويتوقع أن تكون نواة للتصدير قريبا.
وتم دعم المنشأة الطموحة بمقومات صناعية كالبطاريات وبعض القطع الأخرى التي تحتاجها تلك الصناعة، كما تشمل مجالات الأبحاث والتطوير، والتصميم، وصناعة الأجزاء، والأجهزة الفرعية والنواحي اللوجستية للمركبات. وعن ذلك يقول المهندس صالح بن إبراهيم الرشيد المدير العام للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية: “إن “مدن” تعمل باستمرار على دعم الصناعات الاستراتيجية التي تستحدث وتصنع منتجات أساسية لم تكن تصنع في المملكة، كما أن الاستثمار في صناعة السيارات في المملكة لم يعد حلما ضمن التوجه الاقتصادي الحديث”.