العهد الاقتصادي الجديد «1»

"دائما ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي التي تبنى على مكامن القوة".
ولي ولي العهد ـــ «رؤية السعودية 2030»
وبالفعل هذا ما كنا ننتظره: كمواطنين، كمستثمرين ومراقبين ومحللين..
السعودية ليست بلدا عاديا لكنها تعرضت في الآونة الأخيرة لهجمات إعلامية شرسة كانت كفيلة بزعزعة بعض الثقة بمستقبلها السياسي والاقتصادي والمجتمعي. تضاربت الأقوال وكثر اللغط وبدأت النيات تتغير والأنظار تتجه إلى أماكن أخرى وصوت المقارنات يفوقه فقط صوت التذمر والشكوى.
لكن جاء لقاء الأمس كشعلة نور في الظلمة لتقتل الإشاعات وتعطي قدرا كبيرا من الأمل والتفاؤل يبحث عنه الجميع، فشكرا للأمير محمد بن سلمان على حديثه الواضح الصريح. أنتقل الآن لبعض ما استدعى اهتمامي بشكل خاص. من المعروف أن تحقيق أي خطة وطنية يتطلب عنصرين مهمين جدا:
ـــ التخطيط المسبق مع التنفيذ الفوري.
ـــ الرقابة والمحاسبة.
وتضمنت «الرؤية» أنه رغم امتداد العمر الزمني لتحقيقها لكن التنفيذ سيبدأ فورا. ومرتكزات هذه الرؤية ثلاثة:
ـــ الحرمان الشريفان قبلة لأكثر من مليار مسلم (أكثر من 13 في المائة من سكان الأرض).
ـــ القوة الاقتصادية للبلد متمثلة في ثرواتها الطبيعية والمالية (ترتيبها رقم 20 بين دول العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015)، والثروة الأهم: الثروة البشرية من مواطن مخلص وشاب طموح مبدع (بلغ التعداد السكاني لمواطني المملكة سن 15 ــ 50 عاما 18 مليونا بنسبة 83 في المائة من إجمالي السكان فوق عمر 15 سنة ــ المصدر الهيئة العامة للإحصاء 2014).
ـــ الموقع الجغرافي الاستراتيجي الرابط لثلاث قارات.
العنصر الثاني وهو الرقابة والمحاسبة بدأت وظهرت بوادره منذ أكثر من عام من خلال إعفاءات المسؤولين الذي لم ينجزوا التطوير المنتظر في وزاراتهم، ومن خلال ما جاء في اللقاء حول الهدر الضخم في بعض الوزارات مثل وزارة الدفاع وغيرها. والحقيقة أن الشفافية التي اتسم بها الأمير ترفع "معامل الثقة" ما ينعكس إيجابا على نفسية المواطن ونفسيات متعاملي الأسواق وحركة رؤوس الأموال، وهذا ما سيتبين أكثر وبشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة.
هناك بلاد واقتصادات لا تملك سوى أحد تلك الامتيازات الثلاثة السابقة (أو ربما أقل) لكنها أبدعت وأنجزت بفضل دقة تنفيذ الخطط والشدة في الرقابة والمحاسبة وقطع يد الفساد الإداري، والمقصود هو أن احتمالات نجاح وتقدم المملكة وفق الخطة وبالالتزام المأمول عاليه.
عندما سئل الأمير عما إذا كان عداؤه المعروف للبيروقراطية كانت الإجابة متزنة لأن البيروقراطية عنصر مطلوب إداريا لحد معين، لكن بدا لي من حديثه أن "العقبات" البيروقراطية ستنحني أمام إدارة النجاح وهذا تصريح ينطوي على معان كثيرة وتفاصيل لا حصر لها بقي أن تطبق على أرض الواقع. فهل يا ترى ستنجح «الرؤية» في تغيير النمط الإداري الرتيب لأغلب الوزارات والإدارات؟ هنا يأتي دور القائد وقوة الرسالة التي يبعثها متمثلة في عدد من البرامج مثل برنامج إعادة هيكلة الحكومة (وقد ركز في حديثه على مصطلح الحوكمة Governance وبرنامج قياس الأداء.
ولأن التفاصيل كثيرة فستتحدث مقالاتي المقبلة حول البرامج المدرجة في الخطة حسب رأيي وتجربتي الشخصية كمواطنة ومهتمة بالأمور الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي