Author

هكذا علمتني الحياة ـــ 5

|
«لا قوة مطلقة لأحد» القوة المطلقة هي فقط لله سبحانه. في كل ما خلق دوما هناك نقط ضعف مهما تعاظمت قوة أي شيء في هذا الكون. يمكن أن يتسلل أضعف الخلق ويسبب الأذى لمتعاظم القوى دون أن يحتاط لذلك لأنه غارق في سطوة قوته وهيمنة جبروته. هل تعتقد أن في الكون ما هو أقوى من الجاذبية؟ الجاذبية تلك القوة الكبرى الصامتة التي تبقي أقدامنا ثابتة على الأرض وكل ما ومن على الكوكب. كما أن الجاذبية تمنع الأرض والنجوم من التفكك، وتربط النظام الشمسي مع المجرة، والمجرة مع المجرات. بلا جاذبية سنتطاير شعاعا في الفضاء الشاسع بسرعة ألف ميل في الساعة الواحدة لأن الكوكب سيلف كالدوامة السريعة. ولكن هناك خصائص معاكسة في الجاذبية، فعلى سبيل المثال تحتاج جاذبية كل كوكب الأرض لمدة طويلة نسبيا لتوصل ريشة في الهواء إلى الأرض، بينما بإمكان طفل أن يأخذ تلك الريشة ويوصلها إلى الأرض في لمح البصر. يعني أن يد ذلك الطفل واجهت، وربما تغلبت، على جاذبية الكوكب كله الذي يزن أكثر من ستة مليارات كيلو جرام.. بينما يقاس وزن يد الطفل بالجرامات. أخذتُ مثلا لأعظم وأهم قوة في الكون، ويتضح أنها ليس دوما القوة الأعظم، واجهت هذه القوة الكونية يد طفل صغير. دروس نتعلمها من قوانين فيزيائية زرعها الله في ضمير الكون، وهي العبرة الحقيقية، فإني أصدق أن قوانين الفيزياء الكونية تربط قوانين تصرفاتنا وسلوكنا لو فهمناها وعرفناها.. وربما جاز لي القول؛ الاقتداء بها من ضمن طبيعتنا البشرية. «النجاح لا يقاس بزمن محدد» كما أنه أيضا لا يقاس بأول نتيجة، خصوصا إذا بدا أن النتيجة كانت فشلا. دوما هناك مسافة زمنية بين الجهد والنتيجة، بين البذر والحصاد. وربما أن المسافة الزمنية بين البذر والحصاد مسافة زمنية معروفة لأنها تتسم بالفصول وتراكم الخبرة الزراعية عبر العصور. ولكن في الجهد الفردي لا يمكن التنبؤ أو قياس المدة اللازمة للنجاح. صحيح أن هناك دراسات توضع في المجالات الاقتصادية محددة الزمن للنجاح أو إيقاف المشروع، ولكن لطالما عرفنا أن الإيمان بنجاح فكرة هو الأهم، وكم عاصرنا من الأفكار المختلفة التي نفض الناس أياديهم منها بعد مدة زمنية، ويبقى مؤمنٌ أو مؤمنون بها يواصلون الجهد حتى تشتعل نجاحا بعدة مدد تتجاوز المدد التي وضعها مخططو دراسات الجدوى. المؤمنون الحقيقيون بأفكارهم لا يرون الفشل إغلاقا نهائيا، بل محطة بعدها محطات، ويعلمون أن هناك محطة كاملة الإضاءة تدل على النجاح المبغي ولكنهم لا يعلمون على وجه التحديد أكانت هي المحطة القادمة أم التي بعدها، إنما ثقتهم الراسخة أنها موجودة وأنها تنتظرهم. وهنا يحتاج أصحاب الأفكار إلى الشجاعةَ وعدم الاستسلام للخيبة واليأس، واثقون بعقولهم ويستمعون لجرس داخلي بداخلهم لا يهدأ يصر على أن الفكرة ستنجح.. وغالبا ما ينجحون. كل ما علينا هو أن نتذكر ونعيد ونستعيد أن الذي يهم ليس سرعة الحصول على النجاح، بل هو عدم الاستسلام حتى نحقق النجاح. وأخيرا: «يقولون إن المدرسة تعطى الدروس ثم يأتي موسم الاختبار. وفي الحياة تعكس النظرية فأنت تتعرض للامتحان قبل الدرس، فيكون الدرس أكثر تأثيرا وعمقا وفهما. كما يقولون إن الحياة لما تمنع الريح عن شراعك فهذا يعني أنها تريد أن تمتحن قدرتك على التجديف».
إنشرها