«قهوة مليحة» .. 40 عاما من الذكريات محاها التطور العمراني

«قهوة مليحة» .. 40 عاما من الذكريات 
محاها التطور العمراني

لم يكُن من السهل بمكان، أن ينسى أهالي محافظة الطائف الذين عاشوا فترة شبابهم ضمن الثمانينيات، والتسعينيات الهجرية، ملامح زمنهم الجميل أو كما يسمى "زمن الطيبين"، لاسيما في منطقة سوق البلد الواقعة وسط المحافظة، حيث شكلت تلك المنطقة موقعاً بارزاً في المحافظة، حيث شهدت عديدا من الوقائع في الزمن الماضي، سواءً على مستوى الصلح القبلي، أو التجارة، أو وجودها كنقطة تجمع، والتقاء أبناء البادية، في ظل عدم وجود وسائل اتصال في ذلك الوقت، أو وجودها كمكان لبيع أشهر الأطعمة الرمضانية، والمأكولات التي اشتهرت بها المحافظة.
"قهوة مليحة"، تعد إحدى تلك المعالم الشهيرة على مستوى خريطة الطائف في ذلك الوقت، فكانت تلك القهوة أو "المقهى"، ضمن المعالم الأشهر، التي كانت تشتهر بها سوق البلد، طيلة أكثر من40 عاماً، حتى تلاشت مع أول موجات التطور العمراني، والاستثماري لمحافظة الطائف، في عام 1395 هـ، حيث أنشئت مقاه أخرى، وشهدت منطقة سوق البلد تطوراً ونهضة عمرانية بشكل خاص، والطائف بشكل عام.
"الاقتصادية" سجلت خلال جولتها الميدانية أمس الأول، لموقع "قهوة مليحة" في منطقة سوق البلد، اختفاءً للحراك التجاري، ربما أسهمت درجات الحرارة المرتفعة فيه، ولم يبق لمعلم هذه القهوة أو "المقهى" سوى مكانها فقط، الذي يلفه الصمت، والهدوء، بعد أن كانت تملؤه أصوات التجار، والمتسوقين، وأهالي الطائف، وزواره.
وفي هذا الشأن قال لـ"الاقتصادية" عيسى القصير، الباحث التاريخي في محافظة الطائف، إن منطقة سوق البلد كانت تشكل في ذلك الوقت شيئاً كبيراً بالنسبة لأهالي محافظة الطائف، وزوارها، مشيراً إلى أن "قهوة مليحة" كانت نقطة تجمع للقبائل في ذلك الوقت، وكانت جلساتها مصنوعة من السعف، كما أنها كانت مكاناً للتعارف، ولإنهاء المشكلات فيما بينهم، ونقطة التقاء أبناء البادية، ومنطقة عرض للبضائع، على غرار مقاه شهيرة أخرى، كـ"جريش، والعنبة، والصيرفي، والحماط، والذيب"، وغيرها من المقاهي الموجودة في منطقة السوق.
من جهته قال عبدالإله الجهني، أحد أهالي محافظة الطائف، إن منطقة سوق البلد كان بها عديد من المقاهي، بعضها اندثرت تماما وبعضها الآخر لم يبق منه سوى الأثر، ومقهى حسن مليحة من المقاهي التي اندثرت، وحل محلها الآن محلات تجارية، مشيرا إلى أن القهوة عبارة عن محل شعبي قديم، موقعه الآن هو نفس مكان بيع وحراج العسل داخل السوق.
وأضاف الجهني "محافظة الطائف كانت صغيرة تقع داخل سور، وكان رجال البادية يأتون إلى السوق في يوم الجمعة، ويلتقون في هذا المقهى، وغيره من المقاهي، ويتناولون وجبة الإفطار، والغداء، وكان مكانا للاجتماعات، وتبادل الأخبار، وعقد الصلح"، مضيفا "أكثر لقاءاتهم كانت يوم الجمعة، حيث يؤدون صلاة الجمعة في مسجدي العباس، والهادي، وذلك لعدم وجود صلاة جمعة في المساجد التي في القرى".

الأكثر قراءة