العهد الاقتصادي الجديد .. «رؤية 2030» «8»
تتوالى الأخبار حول تفاصيل التحول الوطني والمشاريع الجديدة بشكل متسارع، فتطالعنا الصحف ووسائل التواصل المجتمعي بعناوين جديدة كل يوم بشكل أسرع من قدرتي على الكتابة عنها.
وقد اتخذت نهجا تحليليا منذ بداية هذه السلسلة في محاولة لتقديم رؤية معاصرة تفسر أكبر تحول اقتصادي تشهده البلاد، وذلك لأن التحليل سيختلف في 2030 عما لو قمنا به أثناء حدوثه اليوم.
ومن المهم قراءة الأحدث اليومية ثم العودة إلى “خريطة الطريق” أو رؤية 2030: هل مسار الأمور اليومية يماثل توجه الرؤية؟
أعطيكم مثالا بسيطا حدث معي بالأمس. تأخر صدور نتائج فحص الإقامة لسائقي الجديد لأكثر من أسبوع فاتصلت بالمستشفى وحاولت معرفة السبب من طبيب المختبر مباشرة. الطبيب لم يتوقع معرفتي بالمسائل الطبية والعلمية فراوغ في الحديث إلى أن اعترف أن العينة فقدت وأنهم سيحتاجون إلى عينة جديدة. خطأ قد يعتبره الجميع عارضا واردا لا بأس به لكن دعونا ننظر إلى النتائج المترتبة.
أولا: سائق منزلي دون إقامة نظامية ولا يمكنني تكليفه بمهامه الرئيسة.
ثانيا: تكلفة إضافية بسبب استخدام “أوبر” في جميع مشاويري خلال هذه الفترة.
ثالثا: احتجاز مبلغ 250 ريالا “تكلفة الفحص” مع المستشفى ومحاولة استرجاعه بمشقة.
رابعا: الشعور بالإحباط لاضطراري تقديم شكوى إلى وزارة الصحة “ناهيك عن البحث عن القسم المسؤول في الوزارة أثناء الصيام”.
نهاية، لم يتصل المستشفى بي لإخباري بفقدان العينة، اعتقادا بأنني سأتوجه إلى مستشفى آخر، وعند التدقيق واجهني الطبيب بالمراوغة والكذب حتى اعترف بما حدث.
هذه أربع نتائج ترتبت على إهمال “بسيط” في إجراء يومي يحدث للمواطن.
تخيل الآن حدوث وتكرار مثل هذا الإهمال على مستوى ملايين المعاملات في جميع الدوائر والقطاعات ولملايين الأشخاص، كيف ستكون بيئة العمل ودرجة الإنتاجية وسرعة الوصول إلى رؤية 2030؟ هل سننجح في استقطاب مستثمر أجنبي معتاد على درجة خدمات ممتازة ليفاجأ بخدمات رديئة وأخلاقيات سلبية في التعامل؟
الدروس التي يمكن استخلاصها هي:
- التصحيح يجب أن يبدأ من الأعلى للأسفل ومن الأسفل للأعلى ـــ طريق مزدوج الاتجاه.
- أسلوب التملص من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخر يجب أن يتوقف! الكل مسؤول ومن رأى خطأ أو فسادا فمن مسؤوليته التبليغ عنه للجهة المسؤولة.
- من المهم تفعيل مراكز الشكاوى والمقترحات بجدية تامة لأن التسيب وانخفاض الجودة يبدأ من هنا.
- العقوبات والجزاءات النظامية سلاح ذو حدين، فنص النظام يجب أن يكون واضحا تماما وفي متناول الجميع، والتفعيل يجب أن يكون صارما لكن في الوقت نفسه يراعي الدقة والصياغة وعدم المبالغة في العقوبة.
- عندما يتعامل المستهلك مع مقدم الخدمة فهو يتعامل مع كيان واحد. جرت العادة محليا أن يتملص الموظف من المساءلة بحجة أن ليس هو من رد على الاتصال أو تلقى الطلب.
أنا كمواطنة وكاتبة أدرك أهمية المسيرة الإصلاحية وأدرك أهمية التواصل مع المسؤول لتصحيح الخطأ، فمن المستحيل أن يضع المسؤول رقابة مشددة في كل مكان وزمان. كلنا مشتركون في تحقيق رؤية 2030 والتعاون بشكل نظامي سليم سيكون له الأثر البالغ في الوصول إلى الهدف.