رشاد حسن: نادم على الكتابة باسم مستعار .. الكتابة ليست جريمة
تقول القاعدة الفقهية في الكتابة - إن صح لنا أن نطلق عليها: "من أوجب الواجبات على الكاتب أن يكون مغرورا بحرفه"، إلا أن ضيفنا على العكس تماما، كان مضيافا، كثير التواضع، رغم إبداعه الأدبي.
بدأ رشاد حسن الكتابة من بوابة المنتديات الأدبية، وله إصداران اثنان هما "مرآه تبحث عن وجه" و"حين رأيت صوتي"، ومئات التغريدات الأدبية على "تويتر" التي دفعت أكثر من 210 آلاف شخص إلى متابعته.
نال أخيرا شهادة الاحتراف والرخصة الدولية بالمهارات الكتابية / الإبداعية في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد اجتيازه تقييم المقيمين في ورش العمل التي شارك فيها مع عدد من المشاركين والمهتمين في مجالات الإبداع بشتى أنواعها.
تحدث إلى "الاقتصادية" عن الكتابة تحت اسم مستعار، واستفادته من الأدب الإنجليزي ومحاور أخرى شائقة، فإلى نص الحوار:
أنت خريج الأدب الإنجليزي والكاتب بالعربية الفصحى أدبا ونثرا. مفارقة أليس كذلك؟
نعم، خريج أدب إنجليزي، وعلاقتي باللغة العربية قريبة جدا من قلبي، حيث إنها هويتي، والأدب العربي يمثلني كثيرا وأمثله، حتى إن كنت مهتما بمجال الأدب الإنجليزي دراسة وبشكل أكاديمي ومكثف، إلا أنني أرى أن بينهما تمازجا رهيبا ولو في الأفكار والإلهام، حين تقرأ في الأدب بشكل عام، تلاحظ مكامن الإبداع والفروقات في كل ما تقرأه بعيدا عن اللغة التي تقرأ بها. الأدب هو الصورة المرسومة بالكلمات.
#2#
أبدأ من علاقتكم بالروايات الغربية، كيف تصفها وما مدى اطلاعك عليها؟
علاقتي بالقراءة في مجملها مكثفة وحميمية، من نواح عديدة، أولا كدراسة في الأدب الأجنبي يجب أن تكون كذلك، وثانيا كشخص مهتم بالمجال الأدبي والكتابي ينبغي أن تكون أيضا كذلك، لذلك من الصعب تصنيف مهما توقعت أنك ألممت به كثيرا وكافيا، لأنه حتما ما لم تقرأه وتعرف عنه بعد، أكثر بكثير!
من هنا تقديرا لا أميل إلى أن أقيم الأدب باعتباره رديئا وإن كان، حفاظا على سلامة هذا المصطلح "الأدب"، ففي كل أدب فكرة ما يجب تقديرها بأي شكل كتبت فيه. والأدب عموما مسلي ومثري، يشبه أن تخرج في نزهة بينما أنت في الحقيقة مستلق فوق سريرك! ألا يبدو الأمر أفضل من الخروج في نزهة بالفعل؟
إلى أي مدى أفادتك عملية الترجمة والاطلاع على الرواية الحديثة في كتابة نصوصك؟
من كل بحر أحاول أن آخذ قطرة، الأفكار تتداول فيما بين الأفكار، وكل شيء تقرأه أو تمر حتى من عليه، يترك في نفسك أثرا، سواء شعرت بذلك، أم لم تشعر. وهذا الأثر تكتشفه في سلوكك مع مرور الوقت، وفي حالتي، أراه في حروفي.
أنت إحدى الأيقونات الأدبية على «تويتر». سرقة تغريداتك ألا تزعجك؟ وكيف تتعامل مع الأمر؟
أتمنى أن أكون أيقونة نافعة ومؤثرة كما يصنفني بعض المغالين حقيقة، تزعجني بكل تأكيد، لكن من الصعب أن تتعامل مع هذا الأمر تحديدا في شبكة ضخمة كالإنترنت. لذلك أترك الأمر يحدث كما يريد أن يحدث، وأنظر إليه من زاوية إيجابية، وأصافح حرفي في مكان آخر يصادفني فيه حتى لو لم يكن مذيلا باسمي.
- ما شعورك حينما ترى اقتباسات من نصوصك يتداولها القراء في مواقع التواصل الاجتماعي؟
شعور جيد ورائع، أنا مدين لهم جدا، ومدين لكل كلمة تصلني على بريدي أو حساباتي بشكر ممتد ولا ينقطع.
هل إعجاب المتابعين بكتاباتك على «تويتر» هو دافعك إلى إصدار إنتاجك الأدبي في كتاب؟
في الحقيقة تويتر أعتبره مجلسا اجتمعنا بداخله، وهو حيوي وله فضل لإيصال كلمتي، لكنني أصدرت ونشرت كتابي الأول "مرآة تبحث عن وجه" قبل دخولي إلى مجلس تويتر، ثم نشرت الثاني "حين رأيت صوتي" مطلع عام 2015 بعدما صرت مألوفا في المجلس.
قبل «تويتر» أين كنت تكتب؟ هل مارست الكتابة في المنتديات؟
نعم، وبشكل كبير. سيرتي مع المنتديات دائمة، كنت أشارك وأقرأ وأكتب وأناقش وأحاجج، المنتديات كانت فسحة جميلة أفادتني وعلمتني كثيرا، خصوصا المنتديات الأدبية بجميع أشكالها، كانت هناك أسماء تكتب بشكل مبهر، بعضهم دخل معنا مجلس تويتر، وبعضهم مع الأسف انقطع منذ أن تلاشت المنتديات.
اختيار عنوان الكتاب. كيف "يتخمر" في ذهنك؟ وكيف تختاره؟
العنوان، برأيي، صعب جدا التقاطه، بالنسبة لي، أكتب نصا أسهل من تأليف عنوان له. لكنني أطلق العنان لمخيلتي، وأحاول أن أسدد وأقارب، يصعب حقيقة إيضاح كيف تتم هذه العملية، لكنها عملية تتطلب الكثير من الصداع حتى تصل في الأخير لعنوان يرضيك على الأقل.
الكتابة تحت اسم مستعار. ماذا تضيف للمثقف؟
كتبت في البدء باسم مستعار، والذي كشف اسمي الصريح هو كتابي "مرآة تبحث عن وجه"، ولولاه أعتقد أنني سأكون إلى اليوم تحت اسمي المستعار، وحتى الآن لم أندم كندمي على أنني كنت أكتب تحت اسم مستعار في يوم ما، هناك الكثير من الأشياء التي تخلت عني لأنني لم أكن أكتبها بهويتي. لذلك دائما ما أقول لجميع أصدقائي المهتمين بالكتابة، الكتابة ليست جريمة، ينبغي أن تكتب باسمك، طالما أنك تكتب.
وماذا عن الكتابة تحت صورة مستعارة (صورة طفل)، استخدمتها لسنوات على "تويتر" دون أن تكشف عن صورتك، لماذا؟ وماذا أضافت لك؟
تأقلمت مع هذا الطفل كثيرا، حتى بات اليوم علي من الصعب تغييره، لكن ربما أفعل ذلك قريبا، ولا يندرج تحت هذا التصرف فكرة ما، هي عبارة عن صورة ليست إلا، الكثير يعرف صورتي من خلال لقاءاتي وحسابي على سناب شات.
نصحت في حديث سابق بالتعلم من الآداب الأجنبية. أليس غريبا أن تصدر هذه النصيحة من كاتب أدبي عربي؟
وما زلت أشيد وأكرر، الأدب لا تحده لغة معينة، حين نتحدث عن الأدب، فإنما نتحدث عن الأفكار، والأفكار موجودة في كل اللغات، ابحث عن فكرتك، واستفد وتعلم منها، هناك أفكار يقولها الآخرون لا تطرأ على بالنا غالبا.
ألا تتفق معي في أن الأدب العربي ثري بالمفردات والإنسانيات والجماليات بما يفوق اللغات الأخرى؟
نعم، بكل وضوح، الأدب العربي ثري جدا، ومملوء بالمفردات الضخمة، وكل لغة تمتاز بمفرداتها وطريقتها، لكن للأدب العربي واللغة العربية جمالا وسلاسة محببة.
كتبت نصوصا متماسكة، ومتقنة من الناحية الفنية، ذات معنى عميق. كيف برعت في ذلك؟
أحاول أن أكتب دائما، وآمل بالفعل أن أكون كما تقول، وبلا شك أن قراءة الأدب والقراءة في الأدب أسهما في ذلك بشكل كبير.