العهد الاقتصادي الجديد .. «رؤية 2030» «10»
تحت محور وطن طموح "نجد باب "مواطن مسؤول جاء ما يلي:
"كل منا مسؤول عن بناء مستقبله، حيث يبني كل منا ذاته وقدراته ليكون مستقلا وفاعلا في مجتمعه، ويخطط لمستقبله المالي والعملي".
وبالفعل في أي دولة يعتبر المواطن مسؤولا عن تخطيط مستقبله وخياراته المعيشية لكن أيضا من الضروري أن يعي المواطن النتائج المستقبلية لخياراته. مثلا، لو اخترت أن تصبح طبيبا، فالعامل الأول وراء اختيارك يجب أن يكون حبك لهذه المهنة وللعلم ورغبتك في تحسين المستوى الصحي لمن حولك وللبشرية. أما لو كان دافعك هو العمل في القطاع الخاص وجني الكثير من المال فهذه ليست المهنة الصحيحة أو لو أنك اخترت الطب لأن معدلك الدراسي عال فهذا غير كاف. واليوم لدينا وسائل تعليمية أسرع مثل الجامعات المفتوحة والكورسات المجانية في النت. لم يبق عذر مباشر في مسألة اختيار المهنة أو المسار الوظيفي.
التمكين أم المنح؟
تقوم الدولة الناجحة بتمكين سكانها من النجاح وليس الإغداق المباشر عليه. ويكمن دور الدولة الرئيس تجاه السكان في توفير البنى التحتية وتوفير مقومات الإنتاج والمعيشة المناسبة، ويختلف هذا تماما عن منظور الكثيرين من أن الدولة مسؤولة ماليا عن رعاياها وبشكل مطلق. نعم الدولة مسؤولة عن إمداد الإنسان غير القادر (جسديا وعقليا)، لكن «الرؤية» أوضحت أنها ستوفر مقومات الإبداع والإنتاج والنجاح ما يعني أن المسؤولية تقع على عاتق الفرد في الدرجة الأولى والحقيقة أن هذا التحول يحتاج إلى تغيير شامل في الفكر التقويمي للفرد بداية من المنزل والتعليم الابتدائي وحتى مساره الوظيفي.
نسبة الادخار
من أهداف «الرؤية» الرقمية كانت (رفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالي دخلها من 6 إلى 10 في المائة). تعتبر هذه النسبة طموحة وهنا أود التوقف قليلا. ما هي طريقة حساب نسبة مدخرات الأسر التي أدت لصياغة هذا الهدف تحديدا؟ هل هي الودائع المصرفية الراكدة أو الودائع الآجلة Time Deposits؟ علميا، تعرف نسبة الادخار في الأسرة الواحدة بأنها نسبة المبالغ الفائضة إلى إجمالي الدخل بعد دفع الضرائب "ويعرف علمياSavings ratio to Disposable personal Income
تتفاوت هذه النسبة بين الدول ويعاد حسابها سنويا أو شهريا للدولة الواحدة". ومنذ عام 2010 حتى 2015 تراوحت النسبة بين 4 ــــ 7 في المائة في الولايات المتحدة و7 في المائة في منطقة اليورو و1.5 ـــ 3 في المائة في اليابان و9 ـــ 11 في المائة في أستراليا. لم أجد بيانات مماثلة للمملكة.
لكن وفقا لورقة عمل نشرتها مؤسسة النقد فإن نسبة الإعالة المتوقعة (عدد المعالين شاملا المتقاعدين) سترتفع من 46 في المائة في (2015) إلى 52 في المائة) في 2050 ما يعني أن عدد المعتمدين على التقاعد (بشقيه العام والخاص) سيزداد وتقل معه نسبة المدخرات تدريجيا في حال ثبات المتغيرات الأخرى (من نسبة تضخم ومستوى الدخل الفردي).
إذن فأنا أرى أن النسبة التي ذكرتها "رؤية 2030" هي نسبة تقديرية لمستوى الادخار الحالي، وأن النسبة المستقبلية تحتاج لإيضاح الآليات التي تنوي الدولة اتباعها لتشجيع الممارسات الادخارية والمالية الإيجابية للفرد والأسرة.