الموت يغيب حسن المشاري.. الملك فيصل كان يستشيره ويثق برأيه

الموت يغيب حسن المشاري.. الملك فيصل كان يستشيره ويثق برأيه

توفي أمس الشيخ حسن المشاري، وزير الزراعة والمياه الأسبق، في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، عن عمر يناهز 90 عاما، وسيوارى الثرى عقب صلاة عصر اليوم في مقبرة أم الحمام.
ووفقاً لكاتب السير المعروف الزميل محمد السيف، يعد المشاري أحد أبرز رجالات الدولة في عهد الملك فيصل، فمع مطلع الستينيات الميلادية ومع برامج التحول الاقتصادي والإداري الذي شهدته السعودية، برز نجم حسن المشاري، ذلك الرجل الذي أسهم من خلال مواقعه المختلفة في إثراء مشروع الإصلاح الاقتصادي بكفاءة واقتدار.
رحل صاحب التاريخ المشرف من العطاء والبذل، إذ وصل عطاؤه لعديد من المناصب الإدارية بداية من عمله وكيلا لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، وموقعه في معهد الإدارة العامة نائبا للرئيس، وعضويته في لجان الإصلاح الإداري، ثم موقعه وزيرا للزراعة والمياه لمدة أحد عشر عاما.

نشأته
نشأ المشاري في الهفوف في عائلة أحسائية شهيرة وعريقة، هي أسرة الحسين، التي تمتد جذورها إلى الدرعية، وتحديدا إلى ملكهم المعروف بـ"سهلة" وهي أسرة تلتقي نسبا بآل سعود في الجد إبراهيم المريدي، وكان نزوحها إلى الأحساء نتيجة لما عرف بـ"سقوط الدرعية" بعد الاجتياح التركي لها وهدم مساكنها وقطع مزارعها في عام 1233هـ، وما تلا ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية على سكانها، الذين اضطر أغلبهم للهجرة، بحثا عن الرزق والأمان، بحسب "المجلة العربية".

تعليمه
ويدين حسن المشاري الحسين لوالده بكثير من العرفان كونه سمح له بالدخول إلى المدرسة الابتدائية الوحيدة آنذاك في هفوف الأحساء، وهي المدرسة الأميرية، التي زامل فيها ناصر بوحيمد وعادل القصيبي وعبدالمحسن المنقور ويوسف الطويل وفهد الخيال، وغيرهم، وبعد سنوات من الجد والمثابرة يمضي الشيخ محمد طاهر الدباغ، مدير المعارف العامة، توقيعه على شهادة حسن المشاري، الذي تخرج في المدرسة الأميرية عام 1363هـ، حاصلا على المركز الأول على مستوى المملكة، من بين 285 طالبا، هم طلاب شهادة إتمام الدراسة الابتدائية.

سفره إلى «جامعة فؤاد الأول»
لم يكتف حسن المشاري، المتفوّق دراسيا، بما تلقاه في المدرسة الأميرية، بل حزم أمره وعزم على مواصلة دراسته، فتوجه إلى مكة المكرمة، والتحق في مدرسة تحضير البعثات، وحصل على شهادته المتوسطة في عام 1365هـ، وكان ترتيبه السابع مكرر، من بين 37 طالبا. وفي عام 1368هـ، حصل على الشهادة الثانوية التي تؤهله للدراسة في الخارج، والتحق بعد ذلك بـ"جامعة فؤاد"- جامعة القاهرة حاليا-، في كلية التجارة، بعد أن سافر إلى مصر وتخرج فيها عام 1953م، متخصصا في المحاسبة، وعاد إلى وطنه لتبدأ رحلة العطاء.
#2#
بداية حياته العلمية
وبدأ حياته العملية في شركة أرامكو، إذ عين مستشارا في إدارة العلاقات الصناعية، لمدة عامين ونصف، ومن ثمّ قرر أن يطور من لغته الإنجليزية، فأخذ إجازة وسافر إلى بريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية ومواصلة دراسته في الماجستير، لينتقل بعد ذلك مضطرا لمغادرة بريطانيا والتوجه إلى أمريكا بسبب نشوب حرب السويس عام 1956م، ليحصل من جامعة جنوب كالفورنيا، على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال الصناعية، وكان بعنوان "تحليل مفاوضات عقود الزيت بين المملكة العربية السعودية والشركات الأجنبية"، وعاد حسن المشاري ليتم تعيينه مديرا عاما لشركة أسمنت اليمامة بالرياض، ومن ثم تمت الاستعانة بخدمات وقدرات حسن المشاري، الذي صدر الأمر بتعيينه وكيلا لوزارة المالية والاقتصاد الوطني للشؤون المالية، وذلك في تاريخ 29 / 7 / 1380هـ (1960م) براتب قدره خمسة آلاف ريال.

تعيينه وزيرا للزراعة
في مطلع عام 1384هـ، استدعى الأمير مساعد بن عبدالرحمن، وزير المالية والاقتصاد الوطني وكيله وأبلغه بأن قرارا سيصدر ينتقل بموجبه حسن المشاري إلى عمل آخر خارج وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ولم يفصح الأمير عن المنصب الجديد الذي سينتقل إليه الوكيل المشاري، لكنه طلب منه أن يرشح من يراه مناسبا للعمل مكانه وكيلا للوزارة، وفي ليلة الحادي عشر من شهر صفر 1384هـ، تلقى حسن المشاري برقية عاجلة من صالح العباد، رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، كان مضمونها فقط عبارة، "مبروك"، ولم يطل الانتظار، حيث صدر في صباح الغد أمر ملكي موقع من الملك فيصل بن عبدالعزيز بتعيين حسن المشاري وزيرا للزراعة، وكان وقتها يبلغ من العمر 35 عاما.

جهوده في إرساء دعائم النهضة
عمل حسن المشاري في وزارة الزراعة والمياه، على إرساء دعائم النهضة الزراعية التي شهدتها المملكة في شتى مجالات الإنتاج الزراعي والنباتي والحيواني وفي مجال المياه، الجوفية والمحلاّة، وشهدت وزارة الزراعة والمياه في تلك الفترة، وبإشراف من وزيرها، إعادة تنظيم جهازها الإداري والمالي، فتم تسمية الوزارة لتكون "وزارة الزراعة والمياه" حيث أُضيفت إليها مهام قطاع المياه، وتم تقسيم الوزارة إلى ثلاثة قطاعات، وعكف حسن المشاري في مكتبه طويلا مع خبرائه من أجل استكمال الدراسات الخاصة بمصادر المياه.

الملك فيصل وحسن المشاري
كان حسن المشاري من المستشارين الخاصين للملك فيصل، يستشيره ويثق برأيه وكان يصحبه في كل مؤتمراته الداخلية والخارجية، وفي عام 1394هـ، صدر أمر ملكي بإنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، ويُعد حسن المشاري- بصفته وزيرا للزراعة والمياه- أول رئيس لمجلس إدارة المؤسسة.

في القطاع الخاص
في عام 1395هـ، انتقل الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى رحمة الله تعالى، وتم تشكيل حكومة جديدة، عرفت لاحقا بـ"حكومة الدكاترة" وفي 28 رجب 1395هـ، صدر مرسوم ملكي بتأسيس "الشركة السعودية للفنادق والمناطق السياحية"، وتم تعيين حسن المشاري رئيسا لمجلس الإدارة، وقد عمل فيها رئيسا لمدة خمسة أعوام، كما صدر أمر في عام 1397هـ، بتأسيس البنك السعودي الفرنسي، شركة مساهمة سعودية، وكان حسن المشاري هو أول رئيس لمجلس إدارة البنك.

وخلال رحلته في العمل الإداري، نال حسن المشاري وشاح الملك عبدالعزيز في عام 1393هـ، كما نال وسام الخلاص الإفريقي من رئيس ليبيريا في عام 1394هـ، ووسام رتبة قائد الأسد من رئيس فنلندا، وذلك في عام 1407هـ.
وكانت له مساهمته الخيرية والاجتماعية، فقد أسهم في تأسيس مدارس أهلية للبنات، وعمل عضوا في مجلس إدارة نادي الفروسية.

الأكثر قراءة