التدريب .. أحد مفاتيح تحقيق «رؤية 2030»
يكون العقل الاستراتيجي ثالث أضلاع مثلث الاستراتيجية توازيا مع البيئة الاستراتيجية وكذلك الخطط الاستراتيجية وتلك الكفاءات في القاع الحكومي وكذلك الخاص بحاجة للتطوير الدائم، والعمل على مواكبة التغيرات، باكتساب مهارات جديدة، أو تغيير في السلوك، أو تعميق معارف باتجاه معين.
ومع التحولات الاقتصادية التي نشهدها حاليا، والتوجه نحو رفع كفاءة الأعمال، و تقليل الهدر، يتوجب بلا شك التخطيط لرفع كفاءة العقول والكفاءات في شتى القطاعات، ولا سيما فيما يتعلق بالإدارة الاستراتيجية بشكل عام وإدارة المشاريع بشكل خاص، وكل ما يتعلق كلك بمعرفة العمل، أو التخصصات المتعلقة بنوع النشاط نفسه، ومن هنا تنشأ خبرات متراكمة يمكن بعد ذلك استغلالها لتصبح خبرات يمكن الاستفادة منها خارج المنظمة.
ومع ذلك، يوجد هنالك بعض العوائق أهمها الوقت اللازم للتدريب في ظل الوقت اللازم لتسليم نتائج تلك الخطط، وكذلك من ناحية أخرى هي عدم جدية بعض من يتلقون التدريب، في تغيير السلوك وتفعيل المهارات المكتسبة، وهذا قد ينبع من عدم الإيمان بضرورة التغيير، أو معرفة وجوب التغيير لكن دون إدراك عواقب عدم تبني ذلك السلوك وتفعيل تلك المهارة.
ولا شك أن للتدريب كذلك عامل إيجابي آخر لا سيما مع تدريب أبناء الوطن، هو توطين الخبرة. جزء كبير من عمل الاستشاريين الدوليين، يتم بعيدا عن الخبرات السعودية الناشئة، ولذلك لا يتم نقل المعرفة الأكمل لمصلحة المنظمة التي تعمل مع ذلك الاستشاري، وهنا توجد الحاجة لإدخال الشباب الوطني مع تلك الشركات من ناحية، وأيضا اشتراط التدريب ونقل المعرفة كجزء من العقود المبرمة مع تلك الشركات.
هنالك أيضا مسؤولية تقع على عاتق الشباب، هي التواضع لكل شيء وبالأخص للعلم، فيمكن أن نتعلم أقل الأشياء وأبسطها ونصبر حتى نصل، أي عدم الاستعجال في الحصول على كل شيء دفعة واحدة، والصبر في التعلم، لأنك لن تتحصل على المعلومات والمعرفة بشكل سهل، لا سيما مع المنافسة الشرسة بين تلك الشركات، ومحاولة كل شركة اختراع منهجية خاصة بها لتطوير الأعمال والأشغال ومن هنا فالمثابرة والإصرار على التعلم أمران مهمان جدا، لكنه سيؤتي ثمره بالتأكيد مع الوقت والجدية.
وللتقنية دور كبير في التدريب، خاصة مع وجود منصات التعليم المفتوحة بجميع اللغات ومنها اللغة العربية، مثل منصة رواق التي تتميز بإدارة من كوادر وطنية طموحة أصبح المحتوى العلمي المتخصص أقرب لنا من أي وقت مضى، وبالتالي، اقتناص مثل تلك الفرص من التعليم الإلكتروني المجاني، سيقلص الفجوة من الزمن والخبرات بشكل كبير جدا، والعكس صحيح، يوجد لدينا عدد كبير جدا من القيادات الوطنية الرائعة، وهي مسؤولة أيضا بنشر خبراتها ومعارفها من خلال وسائل التواصل الإلكتروني أو منصات التعليم المفتوح، من أجل نشر الخبرة ورفع المستوى، وتعليم الأقل خبرة، حتى نصل بكفاءات الوطن إلى أعلى مستوى من التنفيذ والدقة، الذي سيسهم بلا شك في تحقيق الرؤى الاستراتيجية وتنفيذ الخطط بشكل أفضل بالتنفيذ على بصيرة وعلم يفتح الفرصة لتنفيذ الهدف بجهد أقل ومهارة أعلى وتكلفة أقل.
سعدت أخيرا بمقابلة شخصية وطنية لديها خبرة دولية وكنوز معرفية لا محدودة في مجال الضيافة والفندقة، وخبرات قيادية متراكمة، وكنت أتساءل عن مثل تلك النماذج الوطنية التي تشعرنا بالفخر أن تكون مؤسسات مرجعية، للعلوم والخبرة والقيادة، يتعلم منها الفرد ويستقي منهم الخبرة والمعرفة، وقد يصرف خارج المملكة مبالغ كبيرة للحصول على جزء من معرفتهم، فما أحرى بمثل وزارة التعليم، الاهتمام بمثل تلك الخبرات والقيادات والتعاون مع مختلف القنوات من كتب ومناهج ومنصات تعليم إلكترونية، حتى توجد طرقا لنقل تلك المعارف غير الموجودة في وسائل التعليم التقليدية، التي بلا شك لن تقوم بإكساب المهارة والمعرفة وتغيير السلوك، بل وضع نماذج قيادية حقيقية على أرض الواقع، يتعلم منها الفرد ويسعى لتحقيق حلمه عبر نماذج واقعية.
جزء كبير من الحكمة المكتوبة، قد يتأتى أكله بقصص واقعية مثلت تلك الحكم وحاولت أن تدرب و تغير نفسها إلى الأفضل عبر العلم والمعرفة. والتخطيط الاستراتيجي يحتاج دوما إلى كفاءات تفهم مصطلحاته ومراحله، وسيكون التدريب هو المفتاح.