الدفاع عن التجارة الحرة يحتاج إلى أكثر من الكلام في «القمة»

الدفاع عن التجارة الحرة يحتاج إلى أكثر من الكلام في «القمة»
استعدادات أمنية مشددة في الصين لتأمين أعمال قمة العشرين. "رويترز"

بين التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي وانتخابات الرئاسة الأمريكية يجتمع قادة الاقتصادات العالمية الكبرى في الصين في ظل حاجتهم إلى بناء دفاعات قوية تحمي التجارة الحرة والعولمة التي طالما ناصروها.
وعلى المحك يقف التوافق على العولمة الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، التي يقول مناصروها "إنها ساعدت على انتشال كثير من سكان العالم من الفقر"، والصين التي تستضيف اجتماع مجموعة العشرين هي ذاتها أحد أكبر الرابحين من التجارة العالمية إذ صارت في مقدمة المصدرين في العالم. لكن تصويت بريطانيا غير المتوقع لمصلحة الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي وصعود نجم دونالد ترامب المناصر لإجراءات الحماية في الولايات المتحدة أحدثا هزة في ذلك التوافق قبيل قمة العشرين التي تنطلق غدا في هانجتشو.
وبحسب "رويترز"، فقد ذكر البروفيسور مارك ميلاتوس من جامعة سيدني أن هذا الاجتماع - الأول منذ الانفصال البريطاني وانتحابات الرئاسية التمهيدية في الولايات المتحدة - ينبغي أن يوصل رسالة واضحة بأن قادة العالم سمعوا عن مخاوف الناس بشأن العولمة ويتخذون خطوات من أجل فهمها ومعالجتها بشكل أفضل، محذرا من أن الخطر يكمن في عدم تحقيق الكثير، مضيفا أن "مزيدا من التفاهات بشأن فوائد التجارة العالمية والاستثمار سيبدو حديثا أجوف".
وبينما كانت هناك بعض الإقرارات في الآونة الأخيرة بأن ثمار العولمة لا يجنيها الجميع تحدث وزير الخزانة الأمريكي جاك لو عن أناس غاضبين وقلقين ممن يشعرون بأنهم صاروا رقما مهمشا في الوقت الذي ألمح فيه البيت الأبيض أيضا إلى مسعى جديد بشأن اتفاق التجارة المثير للجدل والمعروف بالشراكة عبر المحيط الهادي مع اقتراب ولاية الرئيس باراك أوباما من نهايتها.
وأثبتت مجموعة العشرين وجودها بعدما تبنت موقفا مشتركا إزاء الأزمة المالية العالمية في 2008 لكن معارضة التجارة الحرة لقبت تأييدا في الآونة الأخيرة على ما يبدو في الوقت الذي غاب فيه دفاع متماسك عنها.
ومن بين أكبر النقاط الشائكة أيضا الطاقة الإنتاجية الزائدة في قطاع الصلب العالمي وهي أمر موجع للصين بصفتها أكبر منتج للمعدن في العالم، ومن بين الأمور الأخرى المثيرة للقلق معوقات الاستثمار الأجنبي ومخاطر تخفيض قيمة العملة لحماية أسواق التصدير.
وقالت كريستين لاجارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي "إن قادة مجموعة العشرين بحاجة إلى عمل المزيد من أجل تحفيز الطلب وتحسين الظروف للتجارة والعولمة ومحاربة عدم المساواة"، ووصفت لاجارد النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي بأنها "تراجع طفيف في النمو" وأنها "هشة ولا تغذيها التجارة" بكل تأكيد.
ويقدر مركز أبحاث السياسات الاقتصادية عدد الإجراءات التي طبقتها حكومات مجموعة العشرين في الأشهر الثمانية الأولى من 2016 بنحو 350 إجراء أضرت بمصالح أجنبية، وأشار المركز الأوروبي في تقرير عن التجارة نشر قبل اجتماع مجموعة العشرين إلى أن القفزة في إجراءات الحماية التي اتخذتها مجموعة العشرين في 2015 و2016 تتزامن للأسف مع توقف نمو أحجام التجارة العالمية.
وفتحت غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن النار على ما اعتبرته إجراءات حماية تتسلل إلى قطاع المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات حيث أصدرت تقريرا يتحدث عن إجراءات جديدة من الصين إلى روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، وعبرت الغرفة في التقرير المؤلف من 107 صفحات عن قلقها بشدة من أن عددا متزايدا من الإجراءات الموثقة في التقرير لها أثر الأهداف الحمائية المتقدمة باسم الأمن القومي،
والأمن القومي هو السبب الذي استندت إليه الحكومة الأسترالية عندما رفضت عروضا صينية تتعلق بشبكة للكهرباء الشهر الماضي وهو قرار وصفته بكين بأنه "حمائي"، وعندما حدد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود بونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أولوياتهما فيما يتعلق باجتماع هانجتشو كانت التجارة الحرة في ذيل القائمة، وجاء قبلها أزمة اللاجئين ونمو الوظائف والاستقرار المالي والشفافية الضريبية".

الأكثر قراءة