الـ«20» تدعو إلى تضافر الجهود لإنعاش الاقتصاد العالمي
دعت مجموعة الدول العشرين المتقدمة والصاعدة إلى تضافر الجهود لدفع الاقتصاد العالمي الذي يعاني حالة من التباطؤ في ظل تحديات مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأزمة اللجوء والصراعات.
ووفقا لـ "الألمانية"، فقد ذكرت مسودة البيان الختامي، أن الشراكة الوثيقة والتحرك المشترك بين دول مجموعة العشرين سيعزز الثقة والتعاون بشأن نمو الاقتصاد العالمي، بما يسهم في تحقيق الازدهار والرفاهية للعالم أجمع.
وطالب المشاركون في قمة العشرين التي تستضيفها الصين في مدينة هانغجو بمزيد من التعاون والتقدم في عديد من القضايا منها الحوكمة المالية والاقتصادية العالمية، وحركة التجارة والاستثمار في العالم والتنمية الشاملة، إلى جانب بحث سبل مكافحة الإرهاب ومواجهة أزمة اللاجئين في الجلسة العلنية الأخيرة.
وبحسب البيان فإن أعضاء مجموعة العشرين سيلتزمون "بضمان أن يخدم النمو الاقتصادي احتياجات الجميع ويفيد كل الدول والشعوب، خاصة النساء والشباب والمحرومين، وتوفير مزيد من الوظائف الجيدة وعلاج التفاوت في الدخول والقضاء على الفقر، بحيث لا يخرج أحد من دائرة الاستفادة من النمو الاقتصادي في العالم.
وأشار البيان إلى أنه رغم أن الاقتصاد العالمي بدأ في التعافي إلا أن مخاطر مثل تباطؤ حركة التجارة والضعف في خلق فرص عمل جديدة والعوامل غير الاقتصادية مثل الإرهاب وأزمة اللاجئين والصراعات تشكل تحديا للمجتمع العالمي.
وأكدت المجموعة الاستعداد الجيد لأي تداعيات سلبية محتملة لقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقال البيان "إن أعضاء مجموعة العشرين في موقف جيد للغاية لعلاج التداعيات الاقتصادية والمالية لنتيجة الاستفتاء البريطاني ونأمل أن نرى بريطانيا في المستقبل شريكا مقربا للاتحاد الأوروبي".
ودعت المجموعة كل الدول إلى "تكثيف مساعداتها" وتنسيق الجهود الدولية بشكل أفضل للتصدي لأزمة اللاجئين وكذلك "تقاسم العبء الناجم عن ذلك" بحسب البيان الختامي لقمة هانغجو في الصين.
وجاء في البيان "ندعو إلى تكثيف المساعدة الإنسانية للاجئين، كما ندعو كل الدول وفق إمكانياتها إلى تكثيف مساعدة المنظمات الدولية المختصة والتنسيق الهادف إلى تقاسم الأعباء".
وكررت مجموعة العشرين التي تمثل 85 في المائة من الثروات العالمية أيضا دعواتها إلى تنسيق الجهود على المستوى العالمي بشكل أفضل بهدف معالجة الأسباب العميقة لأزمة اللاجئين وتقاسم الأعباء المترتبة على ذلك.
وكان دبلوماسي أوروبي كبير قد أعلن في وقت سابق - بدون الكشف عن اسمه - أن ذلك يشكل تعهدا غير ملزم، قائلا "إن هناك فارقا بين التعهد وتطبيقه بشكل ملموس، لكن على الأقل أدرج ذلك في البيان الختامي".
وتضمن البيان قسما يؤكد سعي دول مجموعة العشرين إلى الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، وتقول دول المجموعة "نلتزم باستكمال إجراءاتنا المحلية الخاصة بنا، لكي ننضم إلى اتفاقية باريس في أقصر وقت تسمح به إجراءاتنا الوطنية".
يذكر أن اتفاقية باريس هي أول خطة تحرك عالمية للتخفيف من آثار ظاهرة التغير المناخي، وستدخل حيز التنفيذ بعد 30 يوما من تصديق 55 دولة عليها، تنتج 55 في المائة على الأقل من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري.
وقد أعلن الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والصيني شي جين بينج بشكل مشترك السبت الماضي انضمام بلديهما إلى الاتفاق ليصل إجمالي عدد الدول المصدقة على الاتفاقية إلى 26 دولة.
ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية الصينية "شينخوا"، فإنه من المتوقع أن تفتح القمة الـ 11 لمجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى الطريق أمام مسار جديد للنمو وللوصول إلى حوكمة اقتصادية عالمية أكثر فعالية، حسبما قال مختصون دوليون.
وقال خوسيه أنخيل جوريا، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، "إن أكبر تحد أمام مجموعة العشرين هو التغلب على الصعوبات الاقتصادية التي واجهت العالم منذ اندلاع الأزمة المالية لعام 2008".
أما بالنسبة إلى نيل رينويك، البروفيسور في مجال الأمن العالمي في جامعة كوفنتري البريطانية، فإن الأولوية الأكبر أمام قمة مجموعة العشرين هي إعادة أعضاء المجموعة إلى التخطيط الاستراتيجي المتوسط والطويل الأجل، بدلا من الاستجابة للأزمات الناشبة.
وقال رينويك "إن قمة مجموعة العشرين في هانغجو هي بشكل أساسي حول بناء التوافق في الآراء، وإنشاء وسيلة عمل وسطى بإمكانها تشحيم عجلات النظم المالية والاقتصادية المزدحمة والمعقدة في العالم".
وتابع أن "الاجتماع معني بالتأكيد على أهمية الابتكار التكنولوجي، خاصة من خلال تشجيع الاقتصاد الرقمي، وزيادة الأعمال، وتحسين الحوكمة المالية والاقتصادية من خلال الإصلاحات المؤسسية".
بدورها، قالت ماري أندرينجا، الرئيسة المشاركة لفرقة عمل تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في قمة مجموعة الأعمال "بي 20"، "إنه باعتباري سيدة أعمال، فإني أتوقع أن الموضوع الرئيسي لمجموعة "بي 20" ومجموعة العشرين سيكون الحاجة إلى زيادة النمو العالمي، وبالتالي الحاجة إلى الإجراءات والسياسات اللازمة لتحقيق نمو أكبر".
وأفادت أندرينجا، رئيسة شركة "فيرمير"، أنها تأمل أن تقوم مجموعة العشرين باتخاذ التزامات باتجاه التبسيط التنظيمي، وبناء بيئة أعمال أكثر انفتاحا وشفافية، والتصديق على اتفاقية تسهيل التجارة لتبسيط إجراءات التجارة عبر الحدود.
وأضافت أندرينجا، أنه "يتعين على مجموعة العشرين أن تقوم بالتزامات تجاه اتخاذ أطر عمل محسنة للشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمكين الاستثمار في مجال البنية التحتية، ووضع مبادئ توجيهية مدروسة جيدا حول مستقبل التجارة الإلكترونية إلى جانب زيادة الاستثمار في نشر النطاق العريض، وإيجاد طرق مبتكرة للتعامل مع الفجوات في المهارات، وربط الناس بالفرص المتاحة".
وقال رينويك إن أربع أولويات تجلت تحت عنوان القمة وهى" شق مسار جديد للنمو" و"حوكمة مالية واقتصادية عالمية أكثر كفاءة وفعالية" و"استثمار وتجارة دوليان قويان" و"تنمية مترابطة وشاملة"، مؤكدا أهمية وجود اقتصاد عالمي شامل. وأشار رينويك إلى أن مجموعة العشرين يجب أن تخرج بتعريف ذي مغزي لكلمة " شامل" وخطط وأدوات حقيقية لجعل العالم كذلك، موضحا أن قيادة الصين لقمة العشرين هذا العام قد صنعت بالفعل فرقا إيجابيا في هذا الصدد. لقد نقلت التنمية المستدامة إلى قلب المسرح السياسي وحددت هدف الخروج بخطط حقيقية لتنفيذ اتفاقيات عالمية هائلة. كما عززت عقلية الإنجاز الحقيقي للأمور، على سبيل المثال بإقامة نظام مؤشر اقتصادي ابتكاري للإصلاحات الهكلية واقتراح إجراءات جديدة لمكافحة الفساد.
ومن جانبه، قال ميشال جيراسي، رئيس برنامج السياسة الاقتصادية للصين وأستاذ المالية المساعد في جامعة نوتينجهام، "إن أهداف الصين لمجموعة العشرين ركزت دوليا بشكل أكبر علي التنمية الشاملة والمستدامة لكافة قطاعات سكان العالم". ووضعت إفريقيا، التي أُهملت طويلا من جانب الغرب، على رأس الأجندة"، وقال السفير الأرجنتيني لدى الصين دييجو جويلار "إن رئاسة الصين لقمة العشرين كانت ناجحة جدا، نظرا لأن الدولة كانت واضحة جدا إزاء الحاجة إلى دفع التجارة الحرة وزيادة التدفقات الاستثمارية حول العالم". وأشار السفير الأرجنتيني إلى أن الصين تسعى بشكل فريد إلى الاضطلاع بالمسؤولية، لما أنها كانت أكبر مستقبل للاستثمارات الأجنبية في العقدين الماضيين وساعدت على بناء عالم أكثر ترابطا وانفتاحا.
ويرى جويلار أن أجندة هذا العام ستثري الرئاستين الألمانية والأرجنتينية "2017 و2018"، ما سيؤدي إلى تقوية المسار الذي يتعين علينا سلكه باتجاه عام 2030، من خلال القضاء على الفقر المدقع ودحر الإرهاب الدولي وتجارة المخدرات" كما ورد في أجندة 2030 للأمم المتحدة.