«شتات السوريين».. فرقتهم طائرات النظام وجمعتهم «منى»
ما بين طائرة وأخرى تكمن الفروق في الأهداف والرسائل وإن توحدت في الأشكال، فواحدة تبعث الموت وأخرى يرسل هديرها الحياة، - بحسب وصف الحاج السوري لطفي محمد، القادم من مدينة إدلب، الذي ما إن خطت قدماه في المشاعر المقدسة حتى وجد البون الشاسع والفروق العظيمة بين ما ترسله طائرات النظام السوري للشعب من قتل ودمار، وبين ما تبعثه طائرات المملكة من أمن وسلام وطمأنينة في قلوب ضيوف الرحمن.
جاء من الشمال السوري ثلاثة آلاف حاج محملين بذاكرة من الدماء وبراميل المتفجرات وأصوات القصف إلى أصوات الأذان والسكينة والأمن والأمان. شهر كامل سيمكثه هؤلاء يرونه فرجا بالنسبة لهم فهنا سينامون دون خشية سقوط قنبلة عنقودية عليهم أو انهيار المبنى الذي ينامون فيه بفعل صاروخ من طائرة حربية، ورغم كل الألم الذي تركوه خلف ظهورهم والراحة التي وجدوها إلا أنهم يؤكدون أنهم عائدون إلى بلدهم ولن يتخلوا عن ديارهم مهما كان الثمن.
وقال لـ "الاقتصادية" سامر بيرقدار رئيس البعثة السورية، إن ثلاثة آلاف سوري قدموا من مناطق القصف وتحديدا من الشمال السوري بعد أن سمحت لهم تركيا بالدخول ليخرجوا من تحت القصف والتدمير ويعيشوا شهرا من الأمان دون خوف من قذيفة أو صاروخ، مشيرا إلى أن إجمالي عدد الحجاج السوريين هذا العام 12 ألف حاج قدموا من أربع عواصم عمان والقاهرة وبيروت ومن ثلاثة مطارات تركية وهي إسطنبول وغازي عنتاب.
وأشاد بيرقدار بجهود المملكة في موسم الحج، مؤكدا أن هذا العام تميز بضبط الحجاج المخالفين وعدم دخولهم المشاعر المقدسة، إضافة إلى تطوير في الإجراءات المعتمدة من قبل وزارة الحج وهو ما كان له دور في تقليص الوقت الذي يستغرقه الحاج لتنفيذ الإجراءات في مدينة الحجاج وخلال الأعوام السابقة، مضيفا "هذا العام هو أقل فترة زمنية جلسنا فيها منذ خروجنا من صالة المطار وحتى صعود الحافلات حيث لم تستغرق هذه العملية نصف الساعة بينما كنا في الأعوام السابقة تتجاوز مدة الانتظار أكثر من ساعة، وفي المشاعر المقدسة لم تصل الساعة التاسعة يوم عرفة إلا وجميع الحجاج في مخيماتهم وفي أماكنهم".
من جهتها، قالت الحاجة فاطمة البالغة من العمر 45 عاما، إن الله أكرمني باختياري لأداء حج هذا العام، حيث تكفل ابني بدفع كل المصاريف الخاصة بالحج وعلى أصوات الطائرات خرجنا من محافظة إدلب متجهين إلى الحدود السورية التركية بعد أن أكرمنا الأتراك بالسماح لنا بالمغادرة من الشمال التركي ووصلنا إلى البيت الحرام ونحن في أمن وأمان لا نخاف إلا الله ولا نخشى أحدا دونه".
ويروي الحاج لطفي محمد من إدلب لـ "الاقتصادية" ما وجده من ترحاب وراحة في المملكة يقول، خرجنا من إدلب على أن ألتقي بابن عمي الذي سيغادر معي لأداء فريضة الحج في الطريق وعند نقطة الالتقاء لم يستطع ابن عمي الوصول إلي فوجود المعارك الدائرة بين الجيش الحر والنظام حال دون وصوله إلينا وغادرنا إلى تركيا ليلتحق بنا بعد يوم واحد، وجئنا هنا ولأول وهلة سمعنا صوت طائرة تحلق فوقنا وتذكرنا طائرات النظام إلا أن البون بينهما شاسع فتلك تقتلنا وهذه تحافظ على حياتنا".