عبدالعزيز حصن العرب .. أول من يمسح العبرة ويقيل العثرة ويهب للنجدة

عبدالعزيز حصن العرب .. أول من يمسح العبرة ويقيل العثرة ويهب للنجدة
من الصور الملونة النادرة للملك المؤسس عبدالعزيز في خمسينيات القرن المنصرم.
عبدالعزيز حصن العرب .. أول من يمسح العبرة ويقيل العثرة ويهب للنجدة
واحد من الكتب الغربية التي اهتمت بسيرة الملك المؤسس صدر في لندن وطبع عام 1934.

"للعرب في نجد أب.. ونجد آخر حصن للعرب"، "محرر العرب.. أول من يمسح العبرة ويقيل العثرة ويهب للنجدة". كلها أوصاف للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وعلى منوالها كثير من الألقاب التي لم يخترها لنفسه أو يصفه بها خاصته المقربون، كما يفعل عادة الحكام المستبدون ممن ابتلي بهم كثير من الدول، لكنها مشاعر حملتها عناوين صحف وقصائد ومقالات موثقة لليوم في أرشيف صحف شامية كجريدة الإنشاء الدمشقية وعراقية كجريدتي الزمان والاستقلال، أو مصرية كجريدة المقطم وغيرها كثير.

أمل جديد

إشادات بأسماء كبار الكتاب والشعراء حينذاك ضجت بها هذه الصحف، إعجابا وتقديرا لهذا الدور البطولي المشهود في توحيد جزيرة العرب، وأملا في أن يكون نواة لوحدة كلمة العرب واجتماعهم، فقد بث المؤسس ورجاله في تلك الفترات العصيبة من واقع العالمين الدولي والعربي روحا من التفاؤل والشعور بالعزة والقوة بعد عقود من الاحتلال ومحاولات الخلاص منه، باسم الدين تارة وباسم العمار أو الاستعمار تارة أخرى، ما دفع العرب إلى التعبير عن وقفتهم وتضامنهم رغم حملات الاستعداء والتشويه من طلاب السلطة المحيطين من العرب وغير العرب، ليقف المراقب الغربي بحذر متأملا الموقف عن كثب، مرسلا الوفود ومؤلفا الكتب التي تبحث وتستقصي شخصية هذا البطل ودولته القادمة لأروقة عصبة الأمم الباردة ومشاوراتها من عمق الصحراء ولهيبها.

فالمؤسس ورجاله يلوحون للعالم بدولة لها سياساتها وأمنها وقيمها. بتوجه واضح للإصلاح والتثقيف والنهل من كل ما من شأنه توكيد ثقل هذه الدولة الفتية وسط باقي الدول والأمم.

استهداف قديم

ولأن المهمة شاقة والحساد كثر، فلم تسلم هذه الدولة ورجالها من الاستعداء والتشويه منذ القدم ولحظات التأسيس الأولى، إذ يخطئ من يظن أن محاولة إيجاد خلفيات فكرية أو دينية لظهور "داعش" اليوم وقبلها "القاعدة" وغيرهما كثير، هو السبب الحقيقي وراء شيطنة السعودية اليوم ومحاولة ربطها كدولة بالإرهاب والتطرف، سواء من قبل إيران أو من قبل أعوانها من العرب،

فالاستهداف قديم قدم الوحدة الوطنية، وعقيم عقم الفكرة الحاقدة ذاتها، إذ ما زال يستخدم المسميات والدعاية المضللة نفسها، منذ تأسيس الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين لتراب هذا الوطن ولوحدة العرب والمسلمين إلى هذا اليوم الذي تعيش فيه رغم كيد الكائدين ذكرى تأسيسها بأصالة ماضيها وبحزم حاضرها ورؤى مستقبلها المشرق بإذن الله وتوفيقه.

"يسموننا الوهابيين" يقول الملك عبدالعزيز في خطاب ألقاه أمام جمع من ضيوف بيت الله الحرام في القصر الملكي في مكة يوم غرة ذي الحجة عام 1347 هـ الموافق 11 مايو عام 1929م بعنوان "هذه عقيدتنا"، مؤكدا - يرحمه الله - أنهم يسمون مذهبنا "الوهابي" باعتبار أنه مذهب خامس، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض، و"قد حوربنا باعتبار "الوهابية" مذهباً جديدا، وابن عبدالوهاب جاء ببدعة جديدة، وأن "الوهابيين" تجب محاربتهم، إلى غير ذلك من الأقوال المنمقة التي انطلت على أصحاب العقول السذج من الدهماء فانخدعوا وانقادوا لأقوالها، لكن الله نصرنا عليهم.

#2#

نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح جاءت في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما كان عليه السلف الصالح. ونحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق عندنا بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وكلهم محترمون في نظرنا، ونحن في الفقه نأخذ بالمذهب الحنبلي".

دبلوماسية «التأسيس»

وضوح عقدي واحترام سياسي وتنظيمي منذ اللحظات الأولى لتوحيد البلاد، تفهما للطبيعة التعددية المذهبية ولحق المسلمين دون استثناء في هذه البقعة المقدسة، فكان أن أرسلت بأمر الملك وباسمه الوفود والكتب وعقدت اللقاءات والمؤتمرات التي توضح آليات العمل القادم، بمشاركة الجميع، حفظا للأمن وخدمة للحرمين الشريفين، وردا على من بدأوا فعلا بإثارة الشبهات، عبر مؤتمرات مسيسة لا تختلف كثيرا عن مؤتمر غروزني الأخير، تسعى إلى التأليب والتحريض ولخرق صف الجماعة.

من جهته حرص المؤسس على دعوة العلماء والوجهاء إلى الحج وزيارة مسجد الرسول - عليه الصلاة والسلام -، فمن شاهد ليس كمن سمع، وهنا ظهر لهم كذب تلك الادعاءات ليعودوا إلى ديارهم ويردوا على الافتراءات وليبينوا حقيقة ما رأوا عيانا بيانا من أمن وطمأنينة غير مسبوقين، ثم عقدوا من أجل ذلك مؤتمرين رداً على أكاذيب مؤتمري لكنو، ودلهي، سيئي الذكر حينها، المشابهين في استعدائهما وتضليلهما لمؤتمر غروزني الأخير، لتتحدث الصحف وفي مقدمتها: أهل الحديث، وأخبار محمدي، وزمنيدار، عن حقيقة حال الملك عبدالعزيز، وما أحدثه في الحرمين من إصلاحات مع اهتمامه بأمن الحجاج وراحتهم بمختلف مذاهبهم ومرجعياتهم.

جميل أن يقال "ما أشبه اليوم بالبارحة" تجاه المحبة والإخاء، لكن أن يقال ذلك تجاه العداء والاستعداء، فهذا مما لا تحمد عقباه، إلا أنه واقع بعض النفوس البشرية وحالها، القريبة منها قبل البعيدة.

يقول المؤسس في الاجتماع ذاته قبل ما يقرب التسعين عاما موضحا طبيعة الأعداء وأهدافهم وكأنه حاضر بيننا اليوم "في بلاد العرب والإسلام أناس يساعدون الأجنبي على الإضرار بجزيرة العرب والإسلام، وضربها في الصميم، وإلحاق الأذى بنا، لكن لن يتم لهم ذلك إن شاء الله، وفينا عرق ينبض".

الأكثر قراءة