نظام الملالي .. وتحميل الاقتصاد الإيراني فواتير الإرهاب

يعاني الاقتصاد الإيراني أوجاعا كثيرة بسبب التدخل العسكري الذي تمارسه إيران في عدد من الدول العربية، ويدفع الاقتصاد الإيراني تكاليف سلسلة من حروب الإرهاب التي يشعلها في عدد من الدول العربية، من بيروت إلى بغداد ثم دمشق فاليمن .. حتى دول الخليج العربي.
ويبدو من قراءة الأحداث الساخنة في محيط الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن حكم الملالي دخل في المرحلة الأخيرة من نظرية الدورات التاريخية، وهي مرحلة الشيخوخة، حيث إن نظرية الدورات التاريخية تقول إن الحضارات والدول تمر بالمراحل نفسها التي يمر بها الإنسان، أولها مرحلة الولادة، فمرحلة الشباب والازدهار، ثم مرحلة الشيخوخة،
بمعنى أن حكومة الملالي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقترب من نهايتها وأن إيران مقبلة على ثورة شعبية لانقلاب الحكم من المحافظين إلى الإصلاحيين الذين سيأخذون إيران إلى مرحلة التصالح مع المجتمع الدولي.
ولو تعقبنا حكومة الملالي منذ أن فجر الخميني ثورته المدمرة على نظام الشاه في عام 1979 نجد أنها أغرقت نفسها في الخلافات الداخلية، ثم لعبت على سياسة حافة الهاوية مع كل أطراف المجتمع الدولي وتبنت مشروع تصدير الثورة، كما تبنت مشروعها النووي الذي وجد معارضة شديدة على مستوى العالم، ثم وترت علاقاتها مع دول الجوار العربي بالتدخل السافر في شؤون الدول العربية المستقلة عن طريق الاحتلال و/ أو إثارة النعرات الطائفية في عدد من العواصم العربية بيروت، بغداد ، دمشق، صنعاء، ثم أعاد نظام الملالي البوصلة باتجاه دول الخليج دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية.
ولا شك أن انتهاج سياسات تتعارض مع سياسات المجتمع الدولي، وكذلك القيام بأعمال عدائية سافرة مع دول الجوار، وعدم احترام المعارضة السياسية المحلية .. سوف يؤدي ــ إن عاجلا أو آجلا ــ إلى انفضاض هذا النظام الإرهابي البغيض.
ولذلك لم يمض وقت طويل من عمر حكومة الملالي في إيران إلا وقد نشأت داخل هذا النظام معارضة سياسية شديدة، وعلى أثر ذلك ارتكب الملالي سلسلة من الأخطاء حيث جابهوا الإصلاحيين بالعنف وخرجوا على قواعد احترام الرأي والرأي الآخر، ولم يعترفوا بأن المعارضة السياسية هي جين طبيعي في صلب النظام الديمقراطي، وأنه يجب التعامل مع المعارضة كطرف منافس مشروع وليس كعدو متربص.
وعلى صعيد السياسة الخارجية فإن نظام الملالي لم ينجح في بناء تحالفات مع الدول الكبرى أو الصغرى، وإذا استعرضنا تحالفات حكومة الملالي نجد أنها تحالفات ضيقة وهشة تتمثل في علاقة إيران مع نظام بغداد، ثم مع نظام الأسد المتداعي في سورية، وقبل ذلك صناعة حزب الله في لبنان ليكون عميل إيران الأول في المنطقة العربية. ثم أنشأ النظام الإيراني علاقة خاصة مع حركة حماس في فلسطين، وأخيرا وليس آخرا علاقة إيران مع الحوثيين في اليمن التي أشعلت من خلالها الحرائق في كل ربوع اليمن السعيد!
من ناحية الحكومة السورية المتحالفة مع نظام الملالى، فإنها تتعرض لثورة شعبية وطنية تتقدم نحو بقايا حكومة تلفظ أنفاسها الأخيرة.
واليوم تكاد تسقط هذه التحالفات قبل أن يسقط النظام العنصري الفارسي في طهران ما يعني قرب فقد إيران نظام الأسد القمعي، كما أن حزب الله في لبنان يعتبر أحد الأجنحة المرجح سقوطها قريبا، وبسقوط حكومة الأسد في سورية وحزب الله في لبنان سوف يفقد نظام الملالي جناحين مهمين من أجنحته في العالم العربي. أما بالنسبة لحركة حماس في فلسطين، فإن الشعب الفلسطيني يدفع باتجاه المصالحة بين الفيلقين حماس وفتح لصالح القضية الفلسطينية بعيدا عن النفوذ الإيراني البغيض.
إذن نحن أمام أربعة احتمالات كفيلة بإنهاء حكم الملالي في إيران يأتي في مقدمتها صعود أسهم المعارضة الإيرانية، ونشوب خلاف بين رئاسة الجمهورية والمرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، ثم فقد الحلفاء والأجنحة، إضافة إلى الخلاف المستعر مع الغرب، ثم الخلافات المشتعلة على كل صعيد مع دول الجوار العربية.
وفي السياسة الدولية إذا اتسعت رقعة هذه الأسباب، فإن نظام الدولة يتجه إلى التحلل والاضمحلال، أما إذا أضفنا إلى ذلك الفشل الذريع المتوقع للمشروع النووي الإيراني الذي كلف الخزانة الإيرانية أموالا طائلة دون فائدة ترتجى منه، فإنه سوف يؤدي إلى حنق شعبي واسع الأرجاء لأن هذا المفاعل كلف الشعب الإيراني مبالغ هائلة وطائلة دون أي عائد معنوي أو مادي مجز.
إن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الانتخابات الرئاسية الوشيكة في مطلع العام القادم سوف تكون في صالح الإصلاحيين، كما أن الانتخابات التشريعية القادمة في إيران سوف تكون مفاجأة لجميع الأوساط السياسية في المنطقة وفي العالم، إذ إن الشعب الإيراني أعطى الفرصة كاملة للمحافظين كي يصلحوا من أوضاع الاقتصاد الذي يعاني الركود لفترة طويلة.. إلا أن النتائج كانت مزرية ومؤسفة، لأن سياسات حكومة الملالي ظلت تمارس تدخلاتها الخارجية المكلفة دون أن يستفيد الشعب الإيراني من هذه التدخلات، بل بالعكس فإن الشعب الإيراني هو من يدفع الفواتير ويخسر أمواله بسبب توجهات خاطئة ومكلفة.
لذلك من المتوقع في السنوات القليلة القادمة أن تتجه الحكومة الإيرانية إلى تعديل سياساتها الخارجية بما يحقق المصالح العليا للشعب الإيراني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي