السوق العقارية تصطدم بمعالجة قروض مصرفية تفوق 451 مليار ريال
دخلت السوق العقارية المحلية مع مطلع الربع الأخير من العام الجاري، منعطفا جديدا على طريق التحديات التي تواجهها منذ منتصف عام 2014 حتى تاريخه، غير أنه قد يكون العامل الأثقل وزنا والأكبر صعوبة مقارنة بغيره من بقية العوامل الضاغطة على أداء السوق العقارية، ممثلا في انخراط المصارف التجارية ومؤسسات التمويل الأخرى على إعادة جدولة القروض الاستهلاكية على الأفراد "343.1 مليار ريال"، إضافة إلى دراسة كيفية معالجة القروض العقارية "108.2 مليار ريال" الأكثر تعقيدا في حالتها مقارنة بالقروض الاستهلاكية، وهذا مؤداه أن السوق العقارية المحلية بمواجهة تحد جسيم من جهة الجانب التمويلي، الذي يمثل أهم عصب ومغذ لأي سوق في أي اقتصاد، يصل حجمه الإجمالي وفقا لأحدث البيانات المنشورة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، إلى أعلى من 451.3 مليار ريال حتى منتصف العام الجاري.
#2#
اندفعت المصارف التجارية ومؤسسات التمويل المختلفة بعد القرارات الحكومية الأخيرة، التي تضمنت إيقاف صرف عديد من البدلات التي كانت تدفع مع الأجور الشهرية للعمالة في مختلف القطاعات الحكومية، نحو إعادة جدولة ومعالجة ديونها المدفوعة إلى عملائها المستفيدين، والعمل على تكييفها وفقا للمستويات الجديدة من الأجور والرواتب الشهرية، ذلك أن المصارف ومؤسسات التمويل قد احتسبت تلك البدلات الإضافية على الأجور أثناء تقدير وتقديم تلك القروض للمستفيدين منها، وبناء عليها نشأت تلك القروض المصرفية باختلاف أنواعها على كاهل المستفيدين منها، تحولت أقساط سدادها الشهرية بعد القرارات الأخيرة إلى ضغوط شديدة الوطأة على كاهل الأفراد، لا شك أن آثارها حتى بعد معالجتها وتسويتها بين المصارف ومؤسسات التمويل من جهة، ومن جهة أخرى العملاء المستفيدين، ستلقي تلك الآثار بظلالها على أداء السوق العقارية دون شك.
#3#
يتوقع مع انخفاض قوة الإنفاق الاستهلاكي للأفراد، واستدامة استقطاع أقساط القروض الاستهلاكية والعقارية، أن تزداد الضغوط بصورة أكبر على الأسعار المتضخمة للأصول العقارية، بل ستمتد حتى تكلفة إيجاراتها السنوية، سواء كانت سكنية أو تجارية، قياسا على انكماش الإنفاق المحلي عموما، والإنفاق الاستهلاكي للأفراد على وجه الخصوص، الذي بدوره سيخفض من العائد على تأجير العقارات، وبدوره سيخفض الأسعار السوقية للأراضي والعقارات.
بالنظر إلى تفاصيل معالجة القروض الاستهلاكية على الأفراد، فقد بلغت حتى منتصف العام الجاري نحو 343.1 مليار ريال "تستقطع نحو 33.0 في المائة من الرواتب الشهرية"،
#4#
كما تضاف إليها دراسة المصارف ومؤسسات التمويل لكيفية معالجة القروض العقارية المدفوعة للأفراد، التي وصلت حتى منتصف العام الجاري إلى أعلى من 108.2 مليار ريال، وتعد معالجة أرصدة القروض العقارية أكثر تعقيدا من سابقتها الاستهلاكية، نظرا لطول فترة سدادها التي تمتد بين 15 إلى 20 عاما، إضافة إلى ارتفاع نسبة استقطاعها من الراتب الشهري للمستفيد، التي قد تصل إلى نحو 65.0 في المائة من الراتب. إنها ضغوط كبيرة ستترك آثارها بكل تأكيد على مختلف النشاطات الاقتصادية، وفي مقدمتها السوق العقارية المحلية، سيتم تحليلها طوال الأسابيع المقبلة، واستقراء نتائجها وانعكاساتها المتوقعة على أداء السوق العقارية بصورة عامة، وعلى الأسعار السوقية للأصول العقارية بصورة خاصة.
الأداء الأسبوعي لمؤشرات أسعار العقارات السكنية
سجل المؤشر العقاري السكني العام الذي يقيس التغيرات في الأسعار السوقية لمختلف أنواع العقارات السكنية، انخفاضا في متوسط قيمته بنسبة 4.2 في المائة، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 3.3 في المائة، ليستقر عند 663.5 نقطة. كما سجل المؤشر العام لإجمالي الوحدات السكنية خلال نفس الأسبوع "يقيس التغيرات في الأسعار السوقية للبيوت والشقق والعمائر والفلل السكنية حسب أوزانها النسبية"،
#5#
ارتفاعا طفيفا للأسبوع الثاني محققا معدل نمو أسبوعي بلغ 0.2 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 0.3 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 716.2 نقطة، في حين سجل مؤشر أسعار الأراضي السكنية انخفاضا قياسيا بلغت نسبته 6.7 في المائة، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 0.7 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 634.9 نقطة. بالنسبة إلى بقية تفاصيل أداء بقية مؤشرات الأسعار "انظر الجدول رقم (2) مؤشرات الأسعار القياسية للسوق العقارية (القطاع السكني)".
الأداء الأسبوعي للسوق العقارية
سجل إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية ارتفاعا بنسبة 20.1 في المائة، مقارنة بارتفاعه القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 122.1 في المائة، لتستقر بدورها قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع الأربعين من العام الجاري عند مستوى 7.4 مليار ريال "أعلى من المتوسط العام لقيمة الصفقات للعام الجاري بنسبة 37.5 في المائة".
#6#
وتباين وتيرة التغيرات الأسبوعية في قيمة الصفقات العقارية لكل من قطاعي السوق السكني والتجاري، حيث سجلت قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضا أسبوعيا بلغت نسبته 13.5 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 138.3 في المائة، لتستقر قيمة صفقات القطاع بنهاية الأسبوع عند مستوى 3.6 مليار ريال "أعلى من المتوسط العام لقيمة صفقات القطاع السكني للعام الجاري بنسبة 16.1 في المائة". بينما ارتفعت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة قياسية مقاربة لنسبتها السابقة بلغت 93.6 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 93.4 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى 3.7 مليار ريال "أعلى من المتوسط العام لقيمة صفقات القطاع التجاري للعام الجاري بنسبة بلغت 67.7 في المائة".
أما على مستوى عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع، فسجلت انخفاضا بلغت نسبته 2.7 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 52.0 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 4000 عقار مبيع فقط، متأثرة في تراجعها بالدرجة الأولى بالانخفاض الذي طرأ على مبيعات قطع الأراضي السكنية، التي سجلت انخفاضا خلال الأسبوع بنسبة 7.3 في المائة، في الوقت الذي شهدت فيه مبيعات العقارات الأخرى بمختلف أنواعها، ارتفاعا جيدا، إلا أنه أدنى في معدلاته من معدلات الارتفاع القياسية التي سجلتها خلال الأسبوع الأسبق، لمزيد من التفاصيل "انظر الجدول رقم (1) الاتجاهات الأسبوعية للعقار السكني والتجاري".
وتعكس وتيرة أداء السوق العقارية الغالب عليها تراجع قيمة الصفقات مقابل ارتفاع محدود في أعداد العقارات المبيعة أو في مساحاتها بنسب ارتفاع أكبر، أن السوق تشهد تراجعا ملموسا في مستويات الأسعار السوقية للأصول العقارية المتداولة، مقابل تنفيذ مستويات أعلى من الصفقات العقارية بقيم صفقات أدنى من السابق، وفي حال شهدت السوق تراجعا في أعداد العقارات المبيعة؛ فهذا يعني أن وتيرة التراجع في الأسعار في طريقها للاتساع أكثر من السابق، وهو الأمر الإيجابي الذي تنتظره السوق العقارية، الذي سينعكس - دون شك - على انخفاضات أكبر في مستويات الأسعار المتضخمة الراهنة. وفي حال شهدت السوق العقارية تراجعا في كل من قيم الصفقات وأعداد العقارات المبيعة؛ فإن ذلك يعني زيادة أكبر في ضغوط العوامل الأساسية المؤدية إلى ركود أداء السوق، وهو أمر يمكن تفسيره من خلال زيادة اقتناع أفراد المجتمع بتحقق مزيد من تراجع الأسعار المتضخمة للأصول العقارية، وأن كل تأجيل من قبلهم للشراء يحمل معه مكاسب أكبر بالنسبة إليهم، في الوقت ذاته الذي ينعكس بمزيد من الضغوط على أطراف البيع، يجعلها تقبل بالبيع بأسعار أدنى في الوقت الراهن، وأنها مستويات سعرية أفضل مقارنة بالمستويات المستقبلية، التي لا شك أنها ستكون أدنى مما هي عليه في المرحلة الراهنة.