السيسي يلجأ الى الجيش للمساعدة في حل مشكلات مصر الاقتصادية
يلجأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل متزايد الى الجيش للمساعدة في حل ازمات البلاد الاقتصادية، ما ادى الى اتساع نشاط القوات المسلحة الاقتصادي مع تنامي دورها السياسي منذ اسقاط حسني مبارك عام 2011.
ويصعب تقدير حجم النشاط الاقتصادي للجيش في القطاعات المدنية، اذ ان القانون يحظر نشر اي ارقام تتعلق بتفاصيل موازنته.
ويقول الخبراء ان الجيش ليس مهيمنا على الاقتصاد المصري، الا ان حصته فيه ارتفعت منذ تولي السيسي الرئاسة بعد قرابة عام من اطاحة الرئيس محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، مع دخول القوات المسلحة مجالات اقتصادية جديدة مثل استيراد البان الاطفال وانتاج الادوية.
وعقب أزمة في حليب الاطفال الرضع ادت الى ارتفاع كبير في سعره في نهاية اب/اغسطس الماضي، قام الجيش باستيراده بالتنسيق مع وزارة الصحة وطرحه الشهر الماضي في الاسواق بسعر ارخص بكثير.
وقال المتحدث باسم الجيش العميد احمد سمير ان القوات المسلحة قررت استيراد حليب الاطفال "بعد ان لاحظت قيام الشركات المختصة باستيراده باحتكاره لرفع سعره، ما تسبب فى زيادة معاناة المواطن البسيط".
وفي اب/اغسطس الماضي كذلك، تم توقيع اتفاق بين وزارتي الصحة والانتاج الحربي لانشاء اول مصنع لانتاج ادوية السرطان في مصر.
ولكن النشاط الاقتصادي الاكبر للجيش، بحسب المحللين، يتركز في مجال البنية الاساسية.
ومن اجل انجاز مجموعة من المشروعات الكبرى على وجه السرعة، لجأ السيسي الى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، احد افرع الجيش التي كلفها بالاشراف على الفرع الجديد لقناة السويس وعلى انشاء مئات الوحدات السكنية لمحدودي الدخل، كما كلفها بتنفيذ البنية الاساسية للعاصمة المصرية الجديدة التي اعلن الرئيس المصري انشاءها في شرق القاهرة.
ويمكن للعابر على الطريق الرئيسي بين القاهرة والاسكندرية ان يلاحظ العلامة التجارية لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وهو جهاز اخر للجيش تم تكليفه باصلاح الطريق وتطويره.
ويمتلك هذا الجهاز منذ عدة سنوات شركات تعمل في مجالات عدة ابرزها انتاج المعكرونة والمياه المعدنية ومحطات وقود السيارات.
ويقول الباحث في مركز كارنيجي لدراسات الشرق الاوسط يزيد صايغ ان "الدور الاقتصادي للقوات المسلحة المصرية اتسع بالتأكيد من حيث الحجم كما تحول تحولا كيفيا" منذ اطاحة مرسي.
ويضيف ان "هذا يعود لعاملين اساسيين. الاول هو ان مجموعات مصالح متعددة داخل الجيش وجدت فرصة للقيام بانشطة ربحية بسبب الدور المحوري للتحالف الذي يضم مؤسسات الدولة الرئيسية الذي يحكم مصر منذ ذلك التاريخ".
اما السبب الثاني، وفقا لصايغ، فهو "قيام الرئيس السيسي بتكليف الجيش بدور رئيسي في مشروعات عامة كبرى نتيجة تدهور مؤسسات الدولة المدنية التي اصبحت عاجزة عن القيام بمهامها فبات الجيش يملأ الفراغ".
ويشير صايغ الى ان نشاط الجيش الاقتصادي توسع مقارنة بما كان عليه في عهد مبارك بسبب تنامي دوره السياسي.
ويقول "اثناء حكم مبارك كان للجيش وضع متميز، ولكنه لم يكن لاعبا رئيسيا او صانعا للقرار السياسي او الاقتصادي، اذ ان نظام مبارك كانت به توازنات غائبة الان بين الحزب الوطني عموما ولجنة السياسات التي كان ابنه جمال يترأسها والمتحالفة مع كبار رجال الاعمال ووزارة الداخلية"
ويشاركه الرأي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية عمرو عادلي الذي يقول "الدور الاقتصادي للجيش اتسع ولكنه ليس دورا مهيمنا".
بدأ الجيش المصري دخول قطاعات الاقتصاد المدني في العام 1979 عندما اصدر الرئيس المصري الاسبق انور السادات قرارا بانشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي سمح للقوات المسلحة بانشاء مشروعات هادفة للربح.
ويضيف عادلي "باستثناء قطاع تشييد الطرق، الذي تبلغ حصة الجيش فيه ما بين 7% و8% وهي حصة كبيرة، فان القوات المسلحة لا تمتلك اي حصص كبيرة في اي قطاع اخر".
ويشير على سبيل المثال الى ان الجيش "يمتلك بعض محطات الوقود ولكنه لا يستطيع منافسة شركة مثل توتال، ويمتلك مصنعا لانتاج المياه المعدنية ولكن حصته ضعيفة في هذا المجال الذي تهيمن شركة نستلة على 70% منه".
ويعتبر عادلي انه منذ تولى السيسي السلطة "طرأ تغيير تمثل في البحث عن مزيد من الحصص في مجالات اقتصادية جديدة".
ويرى ان الجيش عندما "يستثمر فان استثماره يكون سياسيا اي لصالح دوره السياسي وما يعتبر انه دفاعا عن الدولة من الانهيار باعتبار ان القوات المسلحة تعتبر نفسها ضامنة ومسؤولة عن بقاء الدولة المصرية".
واثار اتساع دور القوات المسلحة الاقتصادي انتقادات كثيرة اخيرا ما دفع الرئيس المصري الى الدفاع عن دور الجيش ونزاهته قائلا "الجيش لا يأخذ جنيها واحدا يضعه في جيب احد".
وتابع الرئيس المصري انه "لا يتم صرف اي اموال داخل القوات المسلحة الا بأمر مني ومن وزير الدفاع".