سياسات الطاقة السعودية .. ثبات المواقف
سياسات الطاقة السعودية راسخة في الأزمات وثابتة في المواقف، ومتطورة في الوسائل، استراتيجية تهدف إلى تطبيق سياسات نفطية واضحة تضمن أمان الإمدادات والتوازن في أسواق النفط. سياسة الطاقة السعودية حراك دولة عظمى، لا يمكن أن تخضع للفردية في التوجه، ولا المزاجية في التطبيق، لذا نراها ثابتة لا تتغير بتغير وزير، ولا تستجيب لأي مساومة سياسية ولا تلتفت لزوابع الإعلام الغربي النفطي المقرض ولا الأقلام المستأجرة. ولكن مع كل تغير في أحداث المنطقة هناك من يحاول توظيف المتغيرات الطبيعية لأسواق النفط، للترويج أن السعودية غيرت توجهاتها وتخلت عن استراتيجياتها النفطية، وأنها لم تتمكن من مسايرة الأحداث على صعيد المزاوجة بين تقلبات المواقف السياسية وضرورات الاستقرار اللازم لنمو الاقتصاد، وأنها تخلت عن جهودها في الحفاظ على توازن الأسواق. لقد جهلوا أو تجاهلوا أن المملكة لم تغير مواقفها واستراتيجيتها النفطية ولكنها طورتها من مرحلة إلى مرحلة أخرى تواكب المتغيرات لاستقرار وتوازن أسواق النفط.
المملكة العربية السعودية خلال جميع الأزمات النفطية، دائما تنجح في إدارة الأزمات بطريقة تحفظ بها مصالح جميع الأطراف، وربما كان آخرها الأبرز في إثبات أن «أوبك» موجودة ومؤثرة، لم تمت كما أراد لها البعض، لأن هدف المملكة كان وما زال هو استقرار أسواق النفط دون أية مصلحة في اختلاق حرب أسعار أو تسييس لهذا المنتج الحيوي. المملكة كأكبر مصدر للنفط في العالم، أخذت على عاتقها العمل مع المنتجين الآخرين لضمان استقرار الأسعار، لما فيه مصلحة المنتجين والمستهلكين وصناعة النفط بوجه عام.
وما يتفق عليه الجميع، أن وزراء النفط السعوديين كلهم قاموا بتأصيل وتأكيد هذه الحقيقة قولا وعملا فهي سياسة ثابتة واستراتيجية حكيمة يتسلمها كل خلف عن سلفه، لا تتغير بتغير الأسماء على المناصب، لذلك فإن قادة المملكة في هذا المضمار دائما يؤكدون هذا التوجه، وهذا يدل على أن سياسات الطاقة السعودية قد رسخت أهدافها، ويتم تطبيقها بتطوير مستمر في الوسائل ولكنها ثابتة ثبات الجبال الراسيات في المواقف، استراتيجية تهدف إلى تطبيق سياسات نفطية واضحة تضمن أكبر قدر من الأمان والتوازن في أسواق النفط.
#2#
سياسة الطاقة السعودية حراك دولة عظمى في هذا المجال، لا يمكن أن تخضع للفردية في التوجه، ولا المزاجية في التطبيق، لذا نراها ثابتة لا تتغير بتغير وزير، ولا تستجيب لأي مساومة سياسية ولا تلتفت لزوابع الإعلام النفطي الغربي المقرض.
السعودية تعمل وفق استراتيجيات واضحة من خلال العمل مع الشركاء بكل وضوح ومصداقية لجعل هذا القطاع الحساس مستقرا في أسواقه، آمن في تعاملاته، ضامنا لمصالح المنتجين بما لا يسبب الضرر لدول الاستهلاك. والسعودية بهذا التوجه من غير الوارد أن تسيس النفط، وهي تسعى بكل ثقلها لاستمرار الحوار بين الدول الأعضاء في "أوبك" وغير الأعضاء والمستهلكين، لأن أسواق النفط كما نكرر دائما بيئة شديدة الحساسية لكل المتغيرات. ولعلنا ننوه أن المملكة لم تغير استراتيجية حصص السوق ولكنها طورتها من مرحلة إلى مرحلة أخرى تواكب الأحداث ومتغيرات أسواق النفط.
ورغم جدوى هذه الاستراتيجية الواضحة، إلا أننا نقرأ مع كل تغير في أحداث المنطقة كتابات الإعلام النفطي الغربي المقرض والأقلام المستأجرة التي تحاول توظيف بعض الأحداث والمتغيرات الضرورية التي يمر بها السوق بطبيعته، للترويج أن السعودية بدأت تغير توجهاتها المعتادة، وأن السعودية تخلت عن استراتيجيتها النفطية، وان السعودية لم تتمكن من مسايرة الأحداث على صعيد المزاوجة بين تقلبات مواقف السياسة وضرورات الاستقرار اللازم لنمو الاقتصاد، وأنها تخلت عن جهودها في الحفاظ على توازن الأسواق، كما أنها تسعى لإيجاد نوع من التوتر بين دول الإنتاج والاستهلاك... إلخ. سلسلة من التخمينات لا تسند إلى أية معطيات ولا تقوم إلا على الحدث والتخمين أحيانا وعلى الكذب المحض غالبا، بضلالات أوهن من بيت العنكبوت.
#3#
عند قراءة مثل هذه الأطروحات ينتابني شعور بأن هؤلاء الكتاب يبحثون فقط عن فرصة لتسويق أنفسهم على الوسط النفطي من خلال محاولة الطعن في أهم ثوابته، أو أنهم مدفوعون لمثل هذه الكتابات من أجل حسابات وأجندات لا دخل لها بأسعار النفط ولا استقرار أسواقه. لِم لا يقوم ملهمهم صاحب الاقتصاد الخارق باستعادة التوازن لأسواق النفط، وتعوض النقص الذي تركه تنازل السعودية عن مكانتها كما زعموا؟!
كيف يحاول البعض تصوير أن المملكة يجب أن تكون سياستها النفطية مربوطة مباشرة بالعلاقات السياسية المتحولة، بحيث تضغط بكل ثقلها المعروف اقتصاديا وسياسيا لتحدث انهيارا في أسعار النفط استجابة لبعض التوجهات؟! أو لمجرد رفع العقوبات عن المنافس المتخابث - كما يصفه البعض - إيران، من أجل تأخير أو تعطيل استعادة توازنه ضمن السوق النفطية، فكيف يمكن لدولة بحجم وأهمية المملكة أن تقترب من ممارسة مثل هذه الفرضيات الصبيانية، التي لا يمكن أن تمارسها أصغر الشركات التي تعمل في مجال الطاقة، فكيف بدولة هي أكبر مصدر للنفط؟! دولة ذات تاريخ وثقل سياسي، ومكانة اقتصادية أثبتها المنافسون قبل غيرهم من الأصدقاء.
#4#
ما سبق لا يمكن أن يكون تأسيسا لأن تكون المملكة وسياستها النفطية جامدة متحجرة لأن هذا غير متصور من ناحية أن النفط في النهاية سلعة تخضع لقانون العرض والطلب، ولا من ناحية استحالة ثبات الأمور على وضع واحد دائما. ولو أردناه جدلا فالمملكة لا تتحكم في أسعار النفط على الرغم من كل ثقلها، فهناك أحداث، ومتغيرات لا تستأذن أحدا في كل أحوالها.
هل يمكن تجاهل الجهد الخرافي الذي تقوم به السعودية في هذه الفترة لاستعادة التوازن لأسواق النفط، وبث قدر من الطمأنينة لجميع أطراف الاستثمار فيها؟ ففي كل مناسبة تتجلى جهود بلادنا لمعالجة الوضع القائم وتصحيحه وأنها تفضل سلوك المنهج المتوازن في عمليات التفاوض بين دول أوبك وخارجها حول حجم إنتاج النفط؟!
ألم يرد عبر جميع ممثليها أن بلادنا لا تريد أن تكون هناك تغييرات صادمة في أسعار النفط.. لذلك يجب تحديد المعايير وتحليل المعلومات اللازمة مع الأخذ بعين الاعتبار كبار المنتجين، وليس فقط دول "أوبك".. فالجهود لم تتوقف لحظة لتحقيق أكبر قدر من التوازن الممكن في الأسواق مع مراعاة أن هناك دولا تمر بظروف صعبة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كنيجريا وليبيا.
فتطوير استراتيجية بعد سنتين لا يعني فشلها ولا أن المملكة اتخذت منعطفا عكسيا وموقفا مغايرا، بل ذلك يعني اتخاذ ما يلزم لتوازن الأسواق والحفاظ على نهج يهدف إلى زيادة استقرار الاقتصاد الكلي، بما في ذلك دعم نهج لتحقيق أهداف خفض مستوى التضخم، والحرص الواضح على الاقتصاد العالمي عامة وعلى قطاع الطاقة خاصة.
ويحاول بعض المغرضون حياكة نسبة أية استراتيجية للمملكة لا تستند إلى حقائق تمحورت حول أن المملكة ومعها دول الخليج لم تكن لديهم قراءة صحيحة للمتغيرات، إن ما تتوهمون لا يمكن أن يخطر على بال أي متابع، ولكن يبدو أنها أقلام من خارج هذه المهنة، وكما يقال من دخل في غير فنه أتى بالعجائب. فلتعودوا أدراجكم ولتقرؤوا عن الدور السعودي لتتأكدوا أن المملكة هي ضابط الأمان لتوازن أسواق النفط طوال كل العقود الماضية، رغم كل المتغيرات الطبيعية منها وغير الطبيعية، ولا بد أن تعلموا أن النفط سلعة، ولا يمكن أن يقيم بظروف غير ظروفه التي يعلم الجميع مدى حساسيتها لجميع التغيرات التي تحدث في محيطه، ما يستوجب استجابة مناسبة لكل متغير بحسب موقعه وحجم تأثيره.
رغم وجود كثير من الأحداث السلبية، على استقرار أسواق النفط إلا أن العالم في الفترة الماضية شهد نموا في جوانب مهمة، والمملكة تقوم بجهود كبيرة مستعملة كل ما لديها من ثقل سياسي وقوة اقتصادية في الوصول لتأمين بيئة صحية لأسواق النفط، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا عبر سلسلة من الإجراءات والتنازلات بين كل الأطراف؛ وهذا مالا يدركه بعض المتطفلين على أسواق النفط العالمية.
كما أوضحنا في المرفقات، فإن التغير في إنتاج النفط السعودي يأتي بناء على التغيرات في الطلب وحاجة الأسواق، وأن تطور استراتيجية النفط جاء في وقت مناسب بلغت في المخزونات مستويات قياسية ممثلة بأيام الاستهلاك.
بقي أن نقول إن المملكة العربية السعودية رغم كل الأحداث والصعوبات التي مرت وتمر بها إلا أنها ملتزمة بالإسهام في تحقيق التوازن في سوق النفط العالمية، لأنها تنطلق من قناعة أن أمن واستقرار الأسواق ركيزة أساسية لسياساتها النفطية... وأن السعودية بما لديها من إمكانات توفر لها هامشا للتحرك بقدر مريح لها أكثر من أقرب المنافسين إليها، فانخفاض الأسعار سيؤخر الاستثمار في إنتاج النفط الصخري المتأثر أصلا، وفي حال ارتفاع الأسعار فإن ذلك يعني فرصة عظيمة في العودة لاستثمارات المنبع التي انخفضت بأكثر من 300 مليار دولار ما سيؤثر قطعا على إمدادات النفط المستقبلية ويهدد العرض بشكل كارثي في ضوء النمو المستمر في الطلب العالمي على النفط.