إنتاجية الموظف .. في الميزان
كثر الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجالس خلال الأيام الماضية حول إنتاجية الموظف الحكومي، التي قيل، إنها لا تزيد على ساعة واحدة في اليوم.. وقد استغرب البعض هذه المعلومة، لأن منهم الجندي المرابط على الحدود، والطبيب الساهر لمتابعة حالة المرضى، والمدرس الواقف أمام طلابه لساعات متواصلة. وعلى كل فإن تحديد إنتاجية الموظف يجب أن يخضع لمعايير علمية معروفة، وخير من يتحدث عنها المتخصصون في هذا المجال.
وقياس إنتاجية الموظف مثل الميزان الذي لكل كفة منه ما يوضع فيها للوصول إلى النتيجة الصحيحة. أو فلنقل مثل جهاز الكمبيوتر مدخلاته تؤثر في المخرجات. والموظف وبالذات في الدرجات المتوسطة والصغيرة مثل (الشعير) مأكول مذموم، فالموظف الكبير يسرق جهده وأفكاره وينسبها إليه، والمراجع لا يرى أمامه إلا هذا الموظف ليوجه إليه غضبه وربما لكماته أحيانا. ولو سأل أحدهم ما الكفة الأولى لميزان إنتاجية الموظف؟ فأقول إنها ما يقدم له ولا أقصد الراتب أو البدلات المادية وإنما التوجيه والتدريب والتطوير والتكريم المعنوي، فلم نسمع يوما أن وزارة من الوزارات أقامت حفلا لتكريم موظفيها المميزين الذين يخدمون المواطن بكل إخلاص وأخلاق حسنة وليس من الصعب تحديد هؤلاء (فالناس شهود الله في أرضه). وأعود للتأكيد على أهمية التطوير والتدريب، فالشركات الناجحة توفر الدورات التدريبية وتعلم اللغات والمهارات المختلفة لموظفيها كل ثلاث سنوات، بينما لا يتوافر ذلك في القطاع الحكومي اللهم إلا بعض دورات معهد الإدارة التي لا تغطي كل المجالات ولا تستوعب إلا أعدادا محدودة جدا وليست لصغار الموظفين وإنما للكبار الذين ربما تجاوز بعضهم مرحلة قبول التطوير. إضافة إلى التطوير والتكريم تأتي بيئة العمل الجاذبة، فمعظم الوزارات قاعات وغرف مغلقة بجدرانها وأبوابها، بينما نرى حينما وجه الدكتور توفيق الربيعة، الذي كان وزيرا للتجارة والصناعة، بإزالة جدران المكاتب واستبداله بزجاج شفاف ونشر القهوة والشاي في الممرات كيف انعكس ذلك على نفسية الموظفين وإنتاجياتهم. وفي الكفة المقابلة تأتي الالتزامات والواجبات على الموظف التي يجب أن تشرح للموظف عند مباشرته العمل ولا بأس أن يطلب منه التوقيع عليها وأهمها الانضباط في الدوام والتعامل مع المراجعين بلطف وإنجاز الأعمال في وقتها دون تأخير. وفي نهاية كل عام يقيّم الموظف في ضوء ما قدم له وما قدمه هو، وليس من طرف واحد فقط. وبذلك تظهر نتيجة الميزان العادلة.
وأخيرا: ربما تكون هذه فاتحة خير لبحث أوضاع صغار الموظفين، فهم لا يجدون التوجيه والرعاية الكافيين مع أنهم في مواجهة المراجع الذي يعتقد أنه على حق في رفع صوته حتى قبل أن يعلم الأسباب والتفاصيل. وفي مجال إنصاف الموظفين لنتوقف عن إطلاق الأحكام العامة التي ربما بنيت على دراسات نمطية قديمة وغير دقيقة. ولنثق بشبابنا ونحكم عليهم بعد أن نوفر لهم كل المعطيات التي تمكنهم من النجاح وقد ثبت ذلك في الشركات الكبرى، ومنها "أرامكو" و"سابك" والمصارف التي تعتمد بشكل أساسي على الكفاءات السعودية في جميع المواقع.