تنظيم شامل للمنازعات المصرفية
إن الجدل حول وضع اللجنة المصرفية لم يعد له ما يبرره، فالتصحيح للعيوب أمر محمود يستحق صاحب القرار الشكر لأن الإصلاح يجب أن يبدأ بالقضاء وما هو دون القضاء من لجان فرضها الواقع الذي قد يعيد الاختصاصات لمحاكمها الطبيعية. ولقد قطعت وزارة العدل شوطا كبيرا في إنشاء المحاكم المتخصصة، فالترتيبات القضائية ونظاما القضاء وديوان المظالم تفرض تطوير المحاكم بما ينهي مبررات وجود اللجان التي تجب إعادة دراسة أوضاعها.
ومن هذه الناحية فقد أصدر قرار من مجلس الوزراء بالقواعد الجديدة للجان المنازعات التمويلية والمصرفية وقد تضمنت وضوحا في آليات التقاضي كما تضمنت إقرار مبدأ التقادم بعدم قبول الدعاوى المصرفية بعد مرور خمس سنوات من تاريخ استحقاق المبلغ محل النزاع إضافة إلى إقرار نظامية التبليغ والإثبات عبر الوسائل الإلكترونية. وستبدأ الأمانة العامة للجان المنازعات والمخالفات المصرفية والتمويلية قريبا.
ومن ضمن تلك القواعد الجديدة للجنة المنازعات والمخالفات المصرفية تأكيد الصلاحيات التنفيذية، ومنها الحجز على الحسابات المصرفية والاستثمارية والمنع من السفر. ووضعت قواعد عمل لجنة المنازعات المصرفية واللجنة الاستئنافية للمخالفات والمنازعات المصرفية في مادتها الثانية، اختصاص لجنتها بالفصل في المنازعات المصرفية الأصلية، والمنازعات المصرفية بالتبعية وفقا للأحكام الواردة في هذه القواعد، بما لا يتعارض مع اختصاصات الجهات القضائية الأخرى. بينما خصت اللجنة الاستئنافية، وفقا للمادة الثالثة، بالنظر في الاعتراضات المقدمة ضد قرارات اللجنة، وكذلك النظر في الاعتراضات المقدمة ضد قرارات لجنة الفصل في مخالفات نظام مراقبة المصارف.
نعم لقد تم تصحيح وضع اللجنة المصرفية وتخليصها من عيوبها التي ولدت معها منذ نشأتها وتقريبها مع سائر اللجان القضائية في المملكة من أجل العدالة فقط، فهي أداة للفصل ويجب أن تكون نموذجية قدر الإمكان، ولذا سيكون للجنة المصرفية لجنة استئناف تنظر في قرارات اللجنة المصرفية وتعطي الخصوم حق الطعن في قراراتها التي كانت سابقا نهائية.
ومن الفوائد الإيجابية هذه القرارات، كما تخلصت اللجنة من عيب التسوية، وهي عبارة ولدت مع اللجنة وفتحت الباب للنقاش، ولتدخّل جهة القضاء الإداري لتراقب قرارات اللجنة بوصفها قرارات إدارية وليست أحكاما قضائية وهو موقف طبيعي، فلو كانت اللجنة قضائية لوجدت لها جهة أعلى تراجع أحكامها. أما اليوم فإن واقع اللجنة قد تغير بعد أن طالها النقد وبلغ أسماع أصحاب القرار الحريصين على وضع الأمور في نصابها الصحيح.