قمة خليجية لمواجهة الأخطار الإقليمية
منذ أن أرسى قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دعائم هذا المجلس وإلى اليوم يتابع القادة اجتماعاتهم لمواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة أو تعرضها للخطر، واليوم تعقد الدورة الـ 37 للمجلس الأعلى، ويترأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفد المملكة من أجل دعم العمل الخليجي المشترك، الذي كان من أبرز ثماره مواكبة تطلعات الشعوب الخليجية وتحقيق عديد من المنجزات.
ولقد حرص المجلس منذ إنشائه على تعزيز وتطوير علاقاته الاقتصادية والتجارية مع أهم شركائه التجاريين، وسعى إلى تطوير هذه العلاقات، من خلال عدة آليات أهمها الحوار الاستراتيجي، والاتفاقيات الإطارية، والتعاون الفني، ومفاوضات التجارة الحرة، فضلا عن خطط وبرامج العمل المشتركة التي هدفت إلى تحقيق شراكة استراتيجية خاصة راعت تحقيق المصالح الوطنية وتحقيق طموحات وآمال الشعوب، وتعزيز أواصر الصداقة والتواصل بينها، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات بين الخليج وغيره من الدول.
وإن من أهم الملفات المطروحة أمام القمة ذلك الخطر الإيراني المستمر ضد دول المنطقة وشعوبها فالمملكة من جانبها لم تترك مجالا إلا وفتحته على مدى سنوات، من أجل أن تكون إيران جزءا طبيعيا فاعلا على صعيد المنطقة. والسعودية التي تقف في مواجهة الشر الإيراني، أعطت الفرصة تلو الأخرى لهذا النظام، ومع ذلك فإنه لا توجد ساحة في المنطقة تعاني الحروب والتوتر والفوضى والظلم والاستبداد، إلا كانت إيران في صلبها بدءا من سورية والعراق واليمن والبحرين والكويت ولبنان، تشهد على الاستراتيجية التخريبية الإيرانية، بأسلحة من كل الأنواع الثقيلة والخفيفة.
إن العصابات والمرتزقة التي تتلقى الدعم الفني والمادي والمعنوي من إيران هي مجموعات إرهابية مصدرها إيران وهي صادرات قاتلة ومجرمة تتلقى الأموال التي يمنحها النظام الإيراني بلا حساب إلى أنظمة مجرمة كنظام الأسد في سورية، وعصابات كالحوثيين في اليمن، ومرتزقة كالحشد الشعبي في العراق، وحزب الله الإرهابي في لبنان، وغير ذلك بأشكال مختلفة، وقد رأينا ما فعلت من خراب ودمار.
إن المسلمين جميعا مطالبون بالوقوف صفا واحدا في وجه إيران ومن يتلقى منها الدعم والتأييد ومنهم الحوثي والمخلوع صالح.
لقد وضع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها ثقتهم الكاملة في قيادة المملكة للعمل الجماعي للتصدي لإيران ومن يدور في فلكها من منظمات إرهابية وميليشيات مسلحة وطائفية يقودها من يسعون في الأرض فسادا وإفسادا وقامت المملكة بدورها على الوجه الأكمل من أجل حفظ الأمن والاستقرار في دول المجلس ومنع تكون الخلايا الإرهابية التي تعمل تحت إمرة طهران وتستهدف الأمن والاستقرار الخليجي، ولولا تلك الجهود وهذا العمل الموفق في نتائجه لوصلت المنطقة إلى تطورات خطيرة. وكلنا أمل في نجاح الجهود الدولية الخيرة والمبذولة من أجل إنهاء الصراعات السياسية والأمنية في الدول التي عانت ولا تزال تعاني تردي الأمن والاستقرار السياسي فيها.
لقد أثبت التاريخ، أن السلام والأمن والاستقرار لا يمكن أن تصان إلا بقوة ذات أهداف معلنة. ولأن المملكة بلد محوري رئيس في المنطقة العربية، حملت نفسها مسؤولية حماية الأمن والاستقرار، والأهم رفع ما أمكن من الظلم عن كاهل الشعوب المظلومة، ليس من أعدائها فقط، بل من حكامها غير الشرعيين. ليس هناك حلول وسط في هذا الأمر، وذلك بعد أن ضُربت مثل هذه الحلول من الجهات الماضية قدما في زعزعة كل المنطقة، وهز كل العالم معها. ستدخل مناورات "رعد الشمال" التاريخ لأسباب عديدة، في مقدمتها أن البلدان التي تشترك فيها لا تحب إلا السلام، لكنها حاضرة لغير ذلك عندما يستدعي الأمر.