التقاعد المبكر
انتشرت في الآونة الأخيرة طلبات التقاعد المبكر. هذا التغيير الذي تقاومه مؤسسات وتدعمه أخرى يعتبر دليلا على كم كبير من عدم الرضا الوظيفي الذي يعيشه كثيرون ممن يمارسون العمل الحكومي. لكنه في المقابل يعني أن هناك وعيا جديدا بأن هناك حياة قد تكون أجمل بعد الخروج من قيود الوظيفة.
يبقى السبب الغالب في حالات معينة هو النظام التقاعدي الذي يشجع الموظف على الخروج من الوظيفة. أكثر الأنظمة الوظيفية أو الكوادر التي تشجع على التقاعد هي الكادر التعليمي الذي يمكن أن يصل فيه المعلم مرحلة تجعله يدفع مقابل بقائه في الوظيفة كل المميزات الإضافية ضمت إلى الراتب الأساس، وبهذا لا يكون لدى المعلم أي مزايا ترتبط بالوظيفة مباشرة سوى بدل النقل، الذي أصبح يحسم بعد أن ألغيت الاستفادة منه وقت الإجازات للموظفين على الكوادر الأخرى ويتوقع أن يقع الحال نفسه بالنسبة للمعلمين بعد أن يطبق التنظيم الخاص بهم.
يعود إلى الواجهة الآن ما يفكر فيه كثيرون من حيث العمل أو التوجه لوظائف في القطاع الخاص بعد التقاعد، هذا ليس بالأمر الجيد خصوصا نحن نتحدث عن الاستفادة من الوقت في تكوين حياة جديدة والانفتاح على العالم والبعد عن النمطية التي يعيشها المتقاعدون.
انتشار كثير من الأنشطة التطوعية والخيرية واحد من أهم روافد العمل لمن يتقاعدون مبكرا. هنا يجد المرء نفسه مساهما في دعم المجتمع ومساعدة المحتاجين والمشاركة في التوعية وتحسين أساليب الحياة. يضاف إلى هذا أن كل من يمارس مثل هذا الدور يكون قد أدخل في مجتمعه وأسرته كما جديدا من السعادة التي يمنحها النشاط المجتمعي وهو أمر منتشر في كثير من دول العالم ويحتاج إلى تنشيط عندنا.
ممارسة الأنشطة التجارية والمحافظة على مستوى عال من اللياقة وتحقيق رغبات كانت مكبوتة لسنين طويلة يمكن أن تكون داعما لمن يتجهون نحو الخروج من الوظيفة، وهو يتطلب مزيدا من الفرص والمساحات والتنظيم لتحفيز الأشخاص وتقديم فرص تحقيق رغباتهم وممارسة أنشطتهم.
لهذا نقول دوما إن هناك أمرا ما ينتظر من يبحث عن أسلوب جديد في الحياة، وهناك طرق عديدة لقضاء الوقت بعيدا عن الصف والطلاب والوقوف الممل لساعات طويلة أمام الطلبة، أما الأنظمة الأخرى التي لا تساعد من ينتمون إليها على البحث عن الراحة فستكدس مزيدا من الموظفين كل عام.